IMLebanon

هل يستطيع دياب أن يُصلِح علاقات لبنان بالدول الخليجية؟

كتب عمر البردان في “اللواء”:

مع انهيار التسوية التي كانت قائمة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس سعد الحريري، على إثر تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة الجديدة دون غطاء واضح من مكونات الطائفة السنية السياسية والروحية، بدا لبنان على مفترق طرق، وفي ظل ظروف سياسية واقتصادية بالغة الدقة، في وقت  لا يبدو أن الرئيس المكلف قادر على الإيفاء بالتعهدات التي قطعها، لناحية تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، بعد بروز معارضة واضحة لهذا التوجه من جانب رئيس الجمهورية ميشال عون و«الثنائي الشيعي» الذي لم يكن مسروراً بالمسودة الأولوية التي تقدم بها دياب في الساعات الماضية، وهو ما دفعه إلى إعادة النظر بالأسماء التي اقترحها في تشكيلته، ولهذا السبب التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعيداً من الإعلام، على أن يزور قصر بعبدا في الأيام القليلة المقبلة، لإطلاع الرئيس عون  على المستجدات الحكومية.

وفيما تتزايد الشكوك حول مدى قدرة الرئيس المكلف على انجاز مهمته قبل نهاية السنة، نظراً للعراقيل التي برزت، بدأت تتظهر نواة جبهة معارضة واسعة للحكومة الجديدة في حال نجاح دياب في تشكيلها، وتالياً التملص من شروط القوى السياسية، وهو الأمر غير الواضح حتى الآن، سيشكل تيار «المستقبل» ركيزتها، بعدما شهر الرئيس الحريري الذي أخرج من السلطة سيف المعارضة، وإلى جانبه «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«الكتائب»، إلى جانب عدد من النواب المستقلين، وإن دون انخراطهم في تجمع سياسي، على غرار ما كان يعرف بقوى الرابع عشر من آذار، لكنها ستشكل عامل ضغط على الحكومة الجديدة التي لا يبدو أنها ستخرج من عباءة «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، ما سيكرسها حكومة اللون الواحد بامتياز.

وفي هذا السياق ثمة تساؤلات عديدة تطرح عن قدرة الحكومة الجديدة التي يعمل على تأليفها، على إخراج لبنان من أزماته الاقتصادية والمالية، وهل يمكن لرئيس حكومة فاقد للميثاقية السنيَّة ولغطاء طائفته، أن يعيد إصلاح علاقات لبنان مع الأشقاء العرب، وتحديداً مع دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية؟ وبالتالي هل ما تزال الدول المانحة مستعدة لمساعدة لبنان؟ فيما هناك إصرار من جانب قوى سياسية على فرض هيمنتها على الحكومة العتيدة والإمساك بقرارها، حتى قبل أن تؤلف، وهو أمر ظهر جلياً من خلال محاولة فرض الإملاءات على الرئيس المكلف، بعدما جرى تهميش رأي طائفة بأكملها، وعدم الأخذ برأيها، من خلال المجيء بدياب، دون أدنى تنسيق مع مرجعيات الطائفة السنية.

وبانتظار أن تؤتي مساعي التأليف ثمارها، فإن الحكومة المنتظرة ستكون تحت المجهر العربي والدولي، للحكم على تركيبتها وأدائها، وما إذا كانت ستطمئن الأشقاء العرب والمجتمع الدولي التي ينتظر منها أفعالاً وليس أقوالاً، وما إذا كان بإمكانها أن تخرج لبنان من عزلته، إلى المكان الأرحب، حتى يجد من يساعده ويقف إلى جانبه في مواجهة الاستحقاقات الداهمة التي تنتظره، بعدما أدت الممارسات في السنوات الماضية إلى حصول ما يصح تسميته بقطيعة بين لبنان وأشقائه العرب، وبالتحديد دول مجلس التعاون التي تأخذ على لبنان ابتعاده عن مصالحه العربية، وارتمائه في الحضن الإيراني.

وقد لمس المشاركون في لقاءات معاون وزير الخارجية الأميركية السفير دايفيد هيل، حزماً كبيراً من جانب واشنطن في تعاملها مع الحكومة المنتظرة، لناحية ضرورة التزامها بالقرارات الدولية المفروضة على «حزب الله»، باعتبار  أن أي محاولة من جانب الأخير للتحكم بقرار هذه الحكومة لحماية نفسه من مخاطر هذه العقوبات وتداعياتها، سيدفع لبنان ثمنها، في وقت هو أحوج ما يكون لوقوف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى جانبه. وهذا ما يفرض على أركان الحكم في لبنان أن يقرأوا الرسالة الأميركية بتمعن، لتجنب ردود الفعل السلبية لأي دعسة ناقصة لن تكون في مصلحة لبنان بالتأكيد.