ثقيلة هي المهمة الملقاة على عاتق الرئيس المكلف حسان دياب. إذ يتعين عليه تشكيل حكومة انقاذ فيما البلاد غارقة في الانهيار على مختلف المستويات. لكن هذه ليست الاشكالية الوحيدة التي يتعين عليه مواجهتها، لأن المعطيات المتجمعة تفيد بأن معارك مبكرة تكمن لدياب على كوع التشكيل. في وقت يجهد الرجل لتأكيد كونه قادرا على تأليف حكومة من الاختصاصيين المستقلين، طبقا لما يطالب به الثوار المنتفضون في الشارع منذ أكثر من 73 يوما، يبدو أن الفرقاء الذين مدوه بجرعة الدعم التي نقلته من نادي الوزراء السابقين إلى ذاك الذي يضم رؤساء الحكومات، هم أنفسهم الذين يعدون العدة لخوض الفصل المقبل من معركة التشكيل علما أن حزب الله الذي كان أول ممهدي طريق دياب إلى السراي، في أمس الحاجة إلى حكومة تؤمن له الغطاء الرسمي في مقابل السياسة الأميركية المتشددة إزاء ايران وأذرعها الاقليمية، على ما تنبه إليه مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية”.
لكن هذا كله في واد وحلبة المواجهة مع الطائفة السنية في واد آخر، تؤكد المصادر لافتة إلى أن “الاستراحة” التي فرضها عيد الميلاد على الثوار لا تعني أن حال السخط التي أحدثها تكليف دياب قد انتهت. ذلك أن أنصار تيار المستقبل، وإن لم يكونوا قد تحركوا بفعل قرار “مركزي” من قيادة التيار الأزرق، يؤشرون بوضوح إلى واقع الشارع الذي لم يتأخر في رفع البطاقة الحمراء في وجه دياب في بيئته تحديداـ. لكن الأهم يكمن، بحسب المصادر، في أن هذا الفيتو “السني” يأتي في وقت يبدو الرئيس المكلف متيقنا من حجم التحدي الماثل أمامه، بدليل أنه لا يزال يصر على موقفه القائل بضرورة تشكيل حكومة من الاختصاصيين ترضي الثوار والمجتمع الدولي، وفي ذلك محاولة واضحة للتخفيف من وطأة الاعتراض الشعبي على تكليف دياب، على حد قول المصادر التي تلفت إلى أن هذا الاصرار يحمل بين طياته رسالة واضحة إلى تيار المستقبل ودار الفتوى، وسائر الوجوه والمقامات السنية من حيث قدرته على تسلم أمانة رئاسة الحكومة وصون صلاحياتها، بغض النظر عن افتقاره إلى الغطاء السني، وهو ما دل إليه بوضوح العدد الضئيل من النواب السنة الذين منحوه أصواتهم في استشارات التكليف، وهو اقتصر على أعضاء اللقاء التشاوري السني، المناوئين للمستقبل والدائرين في فلك حزب الله.
وفي هذا الاطار، تلفت المصادر إلى أن فتح دياب قنوات الحوار مع أعضاء اللقاء التشاوري السني حصرا لا يساعد في فك العقدة السنية التي حاصرت الرئيس المكلف باكرا لأن ذلك يعني توسيع جبهة المعارضة ضده وهو ما أعطى الرئيس سعد الحريري إشارة واضحة إليه في لقائه المصغر مع عدد من الصحافيين، داعية دياب إلى قراءة متأنية لما بين سطور رسائل الشارع السني، عل رحلة التأليف تبدو أسهل.