كتبت نوال نصر في “نداء الوطن”:
هو رئيس لجنة المال والموازنة في بلدٍ صار المال فيه نادراً والموازنة تحت الصفر لكنه يظلّ يحاول. أسئلة كثيرة رفعناها، بلسان الناس، الى النائب إبراهيم كنعان في شأن الأوضاع الاقتصادية والموازنة ولم تخل من السياسة.
إنتظر اللبنانيون يوم الخميس “عيدية”… مرّ الخميس والجمعة وما زالوا ينتظرون الهدية؟ لم أقل هدية ولا حتى بشرى بل إعلاماً بجملة إيجابيات أولاها حماية الودائع وصغار المودعين حتى سقف يصل الى 75 مليون ليرة. وهناك 88 في المئة من الودائع ستتغطى بهذا السقف. وهذا، بالمتوفر، جيّد لأنه يعطي ثقة بالقطاع. هذه خطوة إيجابية تطمئن الناس لأنها تطال مؤسسة ضمان الودائع التي تملك أصولاً ومالاً يصل الى أكثر من 4500 مليار. وبالتالي تأكدنا ان الإمكانيات متوفرة عندها. وقد التقينا مع رئيسها الأستاذ خاطر أبو حبيب. هو عمل جدي وليس شعارات ولا نقّاً. أمرٌ آخر قد يُخفف المعاناة التي نعيشها وهي القروض السكنية وتتوسع الى زراعية وصناعية. هناك قروض مدعومة في لبنان تطال الفقراء والطبقة الوسطى والشباب. كثيرون تعثروا لهذا أخذنا تدبير وقف الإجراءات للحسابات المتعثرة وإعطائهم مهلة من تاريخ نشر الموازنة ستة أشهر الى حين يرتبوا أوضاعهم. وإجراءات التعثر ليس الدين الذي يلغى ولا الفوائد تلغى بل كل الإجراءات المرتبطة بعملية التعثر تجمد.
هذه الإجراءات بحق الأفراد والقروض الزراعية والصناعية لكن ماذا عن بقية المؤسسات؟
نأخذ بالنسبة الى الباقين الأولويات بالنسبة الى الشركات المتعثرة بعد دراسة أوضاع كل شركة وإمكاناتها وأصولها. نحن نطال طبقة محددة ذات إمكانات متواضعة تأذت كثيراً من الأزمة ونعطي إشارة إيجابية للناس ولا نفرض على الخزينة، بعدما مدّدنا إعفاءات في أكثر من ثلاثين بنداً، هذه السلة الهدف منها إعطاء مجال للقطاع العام والخزينة والقطاع الخاص ألا تدخل في مشاكل مع الناس بل تحافظ عليهم ليدفعوا لاحقاً. وفي نفس الوقت نعطي المواطنين كل الوقت للخروج من الأزمة والإستحقاقات.
أنتم منحتم من تترتب عليهم السندات فترة سماح لكن هناك كثير من المواطنين سبقوكم الى إعلان العصيان المدني والتوقف عن دفع كل الفواتير؟
لن أدخل في هذا المجال، وتعليقي الوحيد على هذه الخطوة أنها لا تحمي الناس. اليوم، إذا توقفتِ عن الدفع واستمرّت المؤسسات قائمة بقوانينها يمكن أن تتخذ إجراءات قضائية أو قانونية إدارية و”تشلح” الناس مؤسساتهم او أصولهم أو شققهم. القانون يسمح لها بهذا ولا أعرف مدى قدرات من يدعو الى هكذا تصرف على حماية الناس. نحن حمينا من يملك ملفاً واضحاً في المصرف يُظهر عدم قدرته على السداد.
هل تملكون أرقاماً عن عدد من يملكون قروضاً متعثرة؟
لا أرقام في حوزتنا لكننا ننسق مع جمعية المصارف ومصرف لبنان، وأنشأنا لجنة في هذا الخصوص تجتمع خلال الأيام المقبلة حتى نقوم بصياغة مواصفات تطبيقها. نعدّ قوانين ملزمة لكن في نفس الوقت ممكنة.
هل يفترض بأصحاب القروض المتعثرة أن يدفعوا المستحقات كاملة بعد ستة أشهر؟
نحن لا نلغي ديناً، والتراكم قد لا يتمكنون من دفعه دفعة واحدة. ستجرى مفاوضات مع المصارف لاتخاذ ما هو لمصلحة المدين. هذه إجراءات تقنية في المصارف. المهم لن يتحمل الشخص المعني أعباء كأننا لم نفعل له شيئاً. سيبقى دينه طبعاً قائماً وفي آخر النهار سيدفع ما عليه لكن هذه المهلة تعطيه أن يكون مرتاحاً وأن يعفى من أي غرامات وإجراءات قاسية تؤثر على ممتلكاته وأصل القرض.
– جميل ما أنجزتموه لكن المواطن كان ينتظر منكم ما يمنحه ثقة أكبر؟
ما فعلناه أهم بكثير مما تظنون. وأدعو الناس لعدم النظر الى الشكل. نبتسم أحياناً في الإجتماعات بشكل عفوي. ومفروض أن جلسة لجنة المال سرية وحين تدخل الكاميرا قد نبتسم وهذا لا يُعبّر عن الجوّ العام الذي قد يكون جدياً جداً وقاسياً. هذه اللحظة هي كاستراحة ترمى بعض الكلمات وقد نبتسم، وهذا ما فعلناه. وهناك من قالوا أنظروا إليهم كم هم مرتاحون. هذه أخذت ثلاث دقائق من ثلاث ساعات ونصف كان الجوّ فيها أكثر من جدي والأسئلة فيها صريحة جداً. أخذنا التزاماً أن المديون لا يمكن أن يدفع فوائد عالية ويأخذ فوائد متدنية. المطلوب سلسلة إجراءات حكومية على مستوى الوطن وإجراءات إصلاحية كبيرة. هذا ينتظر حكومة. أنا أقول في الوضع القائم لا يمكننا ترك الناس في مهب الريح ولا يمكن ترك البلد بلا موازنة، ولا يمكن ألا ندخل الى لعبة المصارف ووضع يدنا كسلطة رقابة برلمانية ونحاول إراحة الناس بقدر ما نملك من صلاحيات وإمكانيات.
نكرر أن ما قمتم به ممتاز لكن ألا تتوقع أن الناس كانوا ينتظرون بوجود حاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف أن يسمعوا منكم معلومات أدق عن التحويلات المالية الكبيرة التي خرجت من لبنان؟
تكلمنا عنها، ولا يمكن أن نضع محضر أربع ساعات ونصف في الإعلام، في مدة ثلاث دقائق. نحن تناولنا وفي استفاضة هذه المسألة ولكن كيف تتتابع هذه المسألة؟ في الإعلام؟ لا، نتابعها بحسب القانون 44 على 2015 الذي يعطي صلاحيات لهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان. شكلنا لجنة نيابية لمتابعة هذه التحويلات مع مصرف لبنان لنرى مدى إحترام هيئة التحقيق الخاصة للقانون الذي يتعلق بالأموال غير المشروعة.
– وماذا لو اعتبر القانون أن التحويل الذي جرى، في ظل الإجراءات المصرفية الأخيرة، مشروع، في حين أن المواطن العادي غير مسموح له لا بالسحب ولا بالتحويل ولا حتى بقبض معاش آخر الشهر؟
من أخبرك أن ما قيل عن تحويلات هو صحيح؟
لماذا لم تقولوا بصراحة: هذا غير صحيح؟
أؤكد لك أن ما يصدر عبر الـ”سوشيل ميديا” لا يركب على قوس قزح! إذا حسبنا ما خرج من لبنان، من تحويلات، حسب الـ”سوشيل ميديا”، هي أكبر من ودائع لبنان بعشرات المرات. وحين يصدر خبر كاذب لا يُصدق الناس حقيقة أي خبر يليه.
هل يمكننا أن نخبرهم الآن أن لا تحويلات؟ من قال أن لا تحويلات؟ لماذا تذهبين الى الأقصى؟
ما قلته وجوب ألا تصدقوا الشائعات. وهذا يفترض أن يتتابع مع الجهات المختصة في مصرف لبنان. قد تكون المبالغ المحولة 4 أو 5 أو 6 مليارات دولار، بينها أموال مشروعة ولا “كابيتال كونترول” في لبنان وبالتالي لا ضوابط. وما قاله حاكم مصرف لبنان خلال الإجتماع أنهم يطبقون القانون 44 على 2015 والمسار القضائي الخاص به غير معلن. أما نحن كلجنة مال فلا نملك إمكانية قضائية لكن لدينا إمكانية الرقابة على احترام القوانين وقررنا أن نمارسها. وأبلغنا أننا كنواب سنشكل لجنة برئاستي وندخل الى الملفات بقدر ما يسمح لنا القانون ونرى مدى احترام القانون في هذه التحويلات. سألنا حاكم مصرف لبنان عن كل شيء. وأؤكد أن اجتماعنا كان جدياً جداً. وسنتابع.
هناك ضوابط قاسية على سحب المواطن ماله من المصارف، أنت، كإبراهيم كنعان، كيف تعيش؟ كم تسحب من المصرف أسبوعياً؟
مثلي مثل كل المواطنين. تذهب زوجتي الى المصرف وتنتظر مثلكِ. وطمني بالك لا حساب لدي في الخارج ولم أحوّل مالاً الى الخارج. وحسابي هنا خاضع لكل التعاميم التي صدرت عن مصرف لبنان مثلي مثل أي مواطن آخر.
يعني يمكننا أن نقول أن إبراهيم كنعان يعيش بثلاثمئة دولار أسبوعياً؟
مصرفي أفضل من مصارف أخرى. يعطيني ألف دولار أسبوعياً.
هناك من يتوقع تأليف الحكومة قبيل رأس السنة. هل هذا ممكن؟
أتمنى اليوم قبل الغد. القصة بالنسبة لي هي كيانية. المجتمع الدولي يقول ألا يتكلم معه أحد ما دام لا حكومة.
لماذا لا يُسرعون بإنشاء هذه الحكومة المطلوبة كما “أخرجوا” إسم حسان دياب في ساعات؟
من قال أن هذا جرى في ساعات؟
حسان دياب هو إسم يتمتع بمواصفات عدة تجعل اسمه قابلاً للحياة بدليل أن الشارع لم يتحرك بحجم الحراك في السابق.
الشارع السني تحرك؟
تحرك لكن لا أعرف كم حجم هذا التحرك. ولا أشكك. الحراك لم يكن سنياً. الحراك كان لبنانياً ومع حسان دياب الوضع اختلف. التعاطي الدولي اختلف. حتى التعاطي المحلي اختلف.
شكلوا إذاً الحكومة ما دمتم تتحدثون عن الوقت الضائع وجدوى التأليف أمس قبل اليوم، وما دام الوزير باسيل يملك، على ما قيل، 50 اسماً رفعها؟الوزير باسيل قال لن نعرقل ونريد حكومة إختصاصيين. نحن من جهتنا سهلنا كل الظروف لتتشكل الحكومة والبتّ بها خاضع لتجاوب الأفرقاء.
خاضع لتجاوب من ما دامت “القوات” و”المستقبل”و”الكتائب” و”الاشتراكي” انسحبت من التسميات؟
رئيس الجمهورية حريص على عدم إنجاز حكومة من لون واحد. ونأمل من أي طرف لا يريد المشاركة عدم العرقلة. في كل حال، أجزم مجدداً أن الوقت دقيق جداً ودرجة دقة الخطر تفرض نوعاً آخر من التعاطي، وإذا اقترنت الإصلاحات مع حكومة تجسد طموحات الناس والإصلاح في لبنان لا تزال هناك إمكانية لإنقاذ البلد. يجب ألا يرى أي طرف أن لا داعي لوجود لبنان وهو خارج السلطة فيه.
هذه علاقتنا مع “القوات”
أريد أن أنتقل معك الى علاقتك مع القوات اللبنانية وأنت عراب المصالحة… هل تلتقي بملحم رياشي؟
البارحة رأيته. والتقيت أول البارحة مع الأستاذ عدوان. والعلاقة بيننا ليست مقطوعة ولن تنقطع. أنا مؤمن أن المصالحة بين «التيار» و»القوات» مهما تعرضت الى اهتزازات كبيرة ستبقى قائمة. في كل حال، وفي الملفات الإستراتيجية، نتلاقى دائماً حتى ولو كانت العلاقة تشوبها بعض الخلافات. كنا نطمح أن نطور المصالحة الإيجابية بيننا لكن لا يمكن التحكم في كل الظروف في السياسة.
لكن، هناك من يقول أن إتفاقية معراب دفنت؟
إتفاقية معراب متابعة لاتفاقية الرابية أي إعلان النوايا. هناك أمور إختلفنا عليها. أنا برأيي سيأتي يوم وستعاد قراءة كل الملفات بيننا ونعيد تقييم كل الخلافات.
ما هي النقطة التي يفترض إعادة تقييمها في الإتفاقية؟ إريد نقطة واحدة؟
الشراكة في السلطة. كل واحد منا فسرها بشكل مختلف. وهذه الشراكة ليست محاصصة كما اعتبرها البعض بل هي شراكة يؤمنها تحالف إستراتيجي كبير. في كل حال، مهما ساءت العلاقة بين المسيحيين، خصوصاً بين «القوات» و»التيار الوطني الحرّ»، سيبقى الرابط الذي أنجزته المصالحة. علاقتنا وجودية. يجب أن نعود الى علاقتنا الطبيعية. لا أحد ينتظر عودة المسيحيين الى الإقتتال لأنه سينتظر طويلاً.