شهدت الساعات الماضية فرملةً واضحة للإندفاعة الحكومية مع بروز عقبات عدة على طريق إنجاز التشكيلة، حيث رمى فريق الثنائي الشيعي الكرة في ملعب الرئيس المكلّف لتحضير الطبخة الحكومية على نار هادئة كفيلة بإزالة العثرات التي ظهرت في ضوء المعطيات المرافقة لعملية التأليف، وإيجاد الحلول المناسبة.
مصادر مطّلعة على عملية التأليف أفادت “الأنباء” أن العثرة الأولى لا تزال تتمثّل بالعقدة السنّية الميثاقية وعدم توفّر تسمية شخصيات سنّية قادرة على خلق قبولٍ بها بالحد الأدنى في الشارع السنّي، في حين أن محاولة الرئيس المكلّف حسان دياب التواصل مع تيار المستقبل لم تتعدَّ حتى الساعة، وفق المعلومات التي تسربت، إطار التواصل الشكلي، وبالتالي لم تبحث كيفية إيجاد حل حقيقي لهذه المشكلة، مع تعويل دياب على توزير شخصيات أكاديمية لا اعتراضات عليها في الشارع السنّي، بالتزامن مع رفضٍ من الثنائي الشيعي لتسمية شخصيات سنّية تعمّق الأزمة مع الرئيس سعد الحريري بما يمثله من قوة أساسية على مستوى الطائفة السنّية.
وبالإضافة إلى التمثيل السنّي، برزت عقدة تسمية الوزراء المسيحيين في ظل محاولات التفرد بها من الوزير جبران باسيل، بحسب ما ذكرت المصادر نفسها، التي أفادت أن “باسيل يسعى للاستئثار باختيار كل الوزراء المسيحيين، الأمر الذي شكّل حجر عثرة جديد أمام إنجاز التأليف، خصوصاً وأن أفرقاءً مسيحيين قاموا بتسمية دياب كتيار المردة وبعض النواب المستقلين، والذين لهم الحق بالمشاركة في تسمية شخصيات مسيحية، وهو ما يضغط حزب الله باتجاهه أيضاً”.
وتشير المصادر نفسها إلى أن “محاولة الاستئثار بالتسمية تنسحب كذلك على من سيمثّل الطائفة الدرزية، حيث لا يزال الموضوع محل أخذ ورد في ضوء قيام فريق باسيل باقتراح أسماء، فيما يفضل الثنائي الشيعي أن يكون الأمر على قاعدة اختيار وجه غير مستفز”.
العثرة الثالثة تتمثل بعدم الاتفاق بعد على الشكل النهائي للحكومة لناحية نوعية الوزراء، حيث يصرّ دياب على أن يكون الوزراء اختصاصيين بالكامل؛ يدعمه بهذا التوجه رئيس الجمهورية والوزير باسيل لحسابات تتعلق بالخلاف الناشب مع الحريري، في حين أن الثنائي الشيعي يتمسك باختيار أسماء لديها صفة الاختصاصيين حتى لو كانت من أصحاب الانتماء الحزبي، وهو ما أكدته مصادر حركة “أمل” لـ”الأنباء”.
وعلمت “الأنباء” ان الثنائي الشيعي أبلغ دياب ان الاسماء الشيعية الأربعة جاهزة، وتضم من بينها من هم تكنوقراط ومن لديهم انتماء سياسي، وبالتالي فإن الرئيس المكلّف أمام خيار تحديد الأولويات بين تأليف حكومة قابلة للحياة والعمل ولا تستفز أي طرف سياسي في البلد، أو الذهاب في خيارات أخرى قد تُفسّر على أنها رسالة سلبية بوجه الرئيس الحريري وباقي القوى السياسية، خصوصاً وأن أوساط الثنائي الشيعي لا تزال تستغرب إصرار البعض على خيار حكومة التكنوقراط الصرف دون غطاء سياسي. وفي هذا السياق جددت مصادر عين التينة القول إن الرئيس نبيه بري نصح الرئيس المكلّف بالتواصل مع كل القوى السياسية دون استثناء ولا سيما تلك التي لم تسمّه، ومراعاة الخصوصيات اللبنانية.
وإزاء كل هذه العقبات فإنه لم يعد مرجّحاً ولادة الحكومة مطلع الاسبوع، وتالياً تأجيلها الى ما بعد رأس السنة، إلا إذا قرر الرئيس المكلف وفريق رئيس الجمهورية تحديداً تعديل مقاربتيهما وملاقاة الثنائي الشيعي؛ وهو ما سيظهر في الساعات الأربعة والعشرين القادمة.