سلك الاشتباك الايراني – الاميركي في المنطقة، طريقا تصاعديا في الساعات الماضية واتخذ منحى جديدا “عسكري” الطابع. فبعد ان كانت الولايات المتحدة تكتفي حتى الامس القريب، بفرض العقوبات الاقتصادية على الجمهورية الاسلامية لجرّها الى وقف تطوير السلاح النووي من جهة ووقف تدخلاتها في الميادين العربية من جهة ثانية، بدّلت أسلوبها الاحد، فشنّت غارات على قواعد عسكرية تابعة لكتائب حزب الله، الايرانية الولاء والمنشأ والتمويل والسلاح، في العراق وسوريا.
وأكدت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” أن الغارات استهدفت “منشآت لتخزين الأسلحة إلى جانب مقرات لقيادة العمليات التابعة لكتائب حزب الله”. وأعلن وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر أن الضربات ضد قواعد لحزب الله في العراق وسوريا كانت ناجحة، مؤكداً اننا “سنتخذ مزيداً من الإجراءات إذا لزم الأمر، من أجل أن نعمل للدفاع عن النفس وردع الميليشيات أو إيران” عن ارتكاب أعمال معادية”. ووصف جوناثان هوفمان، المتحدث باسم البنتاغون، في بيان الضربات بأنها “دفاعية دقيقة استهدفت خمس منشآت في سوريا والعراق وذلك ردا على الهجمات المتكررة، التي تشنها الكتائب على القواعد العراقية التي تتمركز بها قوات عملية العزم الصلب، وهو التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد ما يعرف بتنظيم الدولة”، مضيفا “الضربات ستحد من قدرة الكتائب على شن اَي هجمات تستهدف قوات التحالف في المستقبل”. وقال إن الأهداف الخمسة مخازن للأسلحة ومراكز قيادة تستخدمها الكتائب لتخطيط الهجمات ضد قوات التحالف.
والحال ان “الحشد الشعبي” اشار الى مقتل نحو 20 من مسلحيه على الاقل من بينهم قياديون في الضربات. وقال جواد كاظم الربيعاوي، المسؤول في هيئة الحشد الشعبي، إن “حصيلة الاعتداء الآثم على مقرات اللواءين ٤٥ و٤٦ بلغت ١٩ شهيدا و ٣٥ جريحا”، بحسب ما أورده الموقع الرسمي للفصيل الموالي لإيران. وأضاف أن عددا من الجثامين “لا يزال تحت الانقاض”.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية” هو هل سيرد الحشد، ومن خلفه ايران، على الضربة الاميركية؟ واذا كان الجواب ايجابيا، هل سيكون الرد “عسكريا” أم عبر مزيد من التشدد السياسي في الدول العربية حيث لايران نفوذ كاليمن ولبنان والعراق، فتتمسّك بحصص أكبر لها في التسويات المرتقبة للأزمات التي تشهدها هذه البلدان؟
لا شيء واضحا حتى الساعة، تجيب المصادر، التي ترى ان الضربة الاميركية تدل الى ان الولايات المتحدة أرادت إفهام الجمهورية الاسلامية، انها لن تتساهل في التعاطي مع “تجاوزات” ايران ومتفرّعاتها، في المرحلة المقبلة، وأن محاولاتها توسيع شبكة نفوذها وتثبيتها في الاقليم، ستُواجه بحزم أكبر من الآن وصاعدا. فالضربات التي تشنها تل ابيب ضد مراكز أذرع ايران، لن تبقى محصورة بالجيش العبري فقط، بل ستنضم اليها، اذا اقتضت الحاجة، القوات الاميركية أيضا. فهل وصلت الرسالة؟
وكانت إيران وأطراف عراقية عدة دانت القصف الأميركي ووصفته الخارجية الإيرانية بالـ”هجوم الإرهابي”. في حين أكد القيادي في الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، أن الرد على القوات الأميركية في العراق بعد هذا الهجوم سيكون “قاسيا جدا” في حين قالت كتائب حزب الله إنها في حالة استنفار وإن “المعركة مع أميركا مفتوحة على كل الاحتمالات ولا خيار سوى المواجهة” في وقت رأى الحرس الثوري الايراني ان الانتقام حق طبيعي للقوات العراقية.