كتب عمر حبنجر في “الانباء الكويتية”:
سنة مضت واخرى اقبلت، ولبنان عالق فوق شجرة جذورها في ارضه وغصونها المتباعدة متعددة الاتجاهات مختلفة الانتماءات.
لكن المثابرة على العمل تجدد الامل، وهذا ما يراهن عليه الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة د ..حسان دياب الذي يبدو كالمبتدئ الذي يحاول السباحة في جو عاصف، غير آبه لنتوءات الشاطئ وارتفاع الموج، وذلك بالتواصل المستمر وبمعالجة الصخب بالصمت، مستعينا على معترضيه بتفكك جبهتهم وتباعد اهدافهم وانشغالهم عنه بتصفية حساباتهم الذاتية على غرار الحاصل بين سعد الحريري ووليد جنبلاط.
آخر العقبات الظاهرة عقدة التمثيل الدرزي التي بلورت موقفا درزيا واسعا حول موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الرافض لتمثيل المكون الدرزي بحقيبة وزارة البيئة التي يعتبرها غير وازنة، اضافة الى اصرار رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على اسناد الوزارة المخصصة للدروز الى من يسميه حليفه النائب طلال ارسلان بذريعة الخوف من امكانية استقالة هذا الوزير حال اختياره بالرضى الجنبلاطي عندما يطلب منه الاخير ذلك، ما يفقد الحكومة عنصر الميثاقية التي تفرض وجود كل المكونات الطائفية في السلطة.
ويطرح ارسلان اسم الطبيب رمزي مشرفية بدلا من ارملة شقيقة الراحل فيصل الناشطة الاجتماعية والمدنية المعروفة، وكذلك بوجه رجل الاعمال غسان العريضي الذي يحظى بالقبول على المستوى الدرزي العام.
وهذا ما قصده جنبلاط في حديثه عن «الاقنعة الساقطة» و«اللعبة المكشوفة»، مشيرا الى تفاهم البوارج التركية (المنتجة للكهرباء) و«الاتصالات» بين البرتقالي (التيار الحر) والازرق (تيار المستقبل) الذي خرب البلاد، يتجدد بصيغة اخرى مع لاعبين جدد في حكومة التكنوقراط الشكلية وهيمنة اللون الواحد، محذرا من حصر الدروز بوزارة البيئة بأمر من صهر السلطان.
الرئيس سعد الحريري الموجود في باريس اعتبر هذا الكلام موجها اليه، ورد بتغريدة تحدث فيها عن «عمى الالوان» لدى بعض الناس في السياسة ونظرهم مروكب على اللون الازرق، هنا اعتذر جنبلاط عن الرد وقال: قد يكون هذا افضل لغويا وادبيا.
العقدة السنية اقل تعقيدا، لكن تعدد الاسماء والاعتذارات وبروز عامل المناطقية الضيقة، فالبعض يعتبر ان بيروت يجب ان تتمثل بشكل افضل، بحيث يكون هناك وزير الى جانب الرئيس المكلف اعتبارا ان تمثيل د.دياب وحده يُعد ضعيفا، وقد اتصل دياب بالناشطة في «تحالف وطني» د.حليمة قعقور عبر صديق مشترك لتولي حقيبة التربية في الوزارة، لكنها مالت الى الاعتذار، علما ان المطروح الآن لحقيبة التربية هو د.طارق محمد المجذوب من صيدا، وطرح اسم عثمان سلطان لتولي وزارة الاتصالات، وهو من مدينة طرابلس، ويتردد اسم العميد المتقاعد في الامن العام حافظ شحادة من اقليم الخروب لوزارة الداخلية.
الثنائي الشيعي انتقلا من الاصرار على الاستعانة بوزراء موصوفين بالتكنوقراط من المحسوبين على حركة امل وحزب الله في الحكومة السابقة الى الاصرار على العكس تماما، وقد ابلغ الثنائي الشيعي الرئيس المكلف انه في حال اصرّ الوزير جبران باسيل على اعادة توزير وزيرة الطاقة ندى بستاني ووزير الاقتصاد منصور بطيش فإن الثنائي سيعود الى التمسك بتوزير د.جميل جبق (الصحة ـ حزب الله) والوزير حسن اللقيس (الزراعة ـ حركة امل).
البطريرك الماروني بشارة الراعي تمنى تسهيل ولادة الحكومة الجديدة القادرة على رفع التحديات وكسب ثقة المجتمع الداخلي والاقليمي والدولي، كما امل الخروج من الازمة التي اوصلت وطننا الى الهاوية، وطالب في قداس رأس السنة بتغيير نهج المحاصصات في العمل السياسي، وقال: همّ السياسيين الاول في مصالحهم، وقد افرغوا خزينة الدولة، والشعب يقف لهم بالمرصاد.
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي غرد بالفرنسية على تويتر ساخرا: قال لي لبناني كبير ان لبنان كان جنة ضرائبية، وهو ما يفسر الازدهار الحالي للبلاد، وسيادة القانون التي لا تشوبها شائبة باستثناء بعض المشاكل الصغيرة، ويمكننا ان نفخر بالامة اللبنانية وريثة اجدادنا الفينيقيين.
الى ذلك، احال وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال ألبرت سرحان الى السلطات السويسرية القضائية المختصة بواسطة وزارة الخارجية اللبنانية كتاب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدان بموضوع طلب المساعدة القضائية بشأن المعلومات عن تحويل مبالغ مالية من لبنان الى حسابات مصرفية في سويسرا.
ويستند طلب المساعدة القانونية الى مبدأ المعاملة بالمثل في سياق العمل الدوري المشترك وتبادل المعلومات في مجال مكافحة الإرهاب، لاسيما أن عمليات التحويل المشكوك بأمرها قد تشكل جرائم جزائية منصوص ومعاقب عليها في قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 24 /44-11-2015 في المواد 1 و2 و3 منه.
وتعهدت السلطات اللبنانية الحفاظ على سرية التحقيق والامتناع عن استخدام المعلومات المقدمة اليها من السلطات السويسرية القضائية الا لأغراض هذا التحقيق.
الى ذلك، أكد قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون أن القوات المسلحة تمكنت من التعامل مع التظاهرات والاحتجاجات بحكمة وإرادة قوية قوامها الإيمان بالوطن الأمر الذي أنقذ لبنان وجنبه الوقوع في الفوضى.
وقال العماد عون ـ خلال تفقده مجموعة من الوحدات العسكرية في عدد من المناطق اللبنانية لمعايدة الضباط والعسكريين بحلول رأس السنة الجديدة ـ «تعاملتم بمرونة مع المظاهرات حيث يجب، وبحزم وشدة حينما تطلب الأمر.. نحن نتحمل مسئولياتنا بكل أمانة واقتناع، ونعمل برباطة جأش لحماية كل المواطنين، ونأمل أن يتم التوصل سريعا إلى حلول سياسية لمعالجة الأوضاع الراهنة».