Site icon IMLebanon

التلوث والصحة الإنجابية: ماذا عن النفايات؟

كتبت ماريانا معضاد في “الجمهورية”:

 

أكدت أحدث الدراسات العلمية، الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، أنّ الملوثات البيئية مسؤولة عن تفشّي الأمراض وتدنّي مستوى الصحة الإنجابية. وبيّنت الكثير من الدراسات علاقة الملوثات البيئية والكيماوية بالعقم والأمراض التي تصيب الحامل والجنين. في هذا السياق، يتناول هذا المقال الطبي تأثير النفايات في الصحة الإنجابية، فضلاً عن طرق الوقاية من الملوثات.

بعد البحث في تأثير التلوث في صحة الأفراد الإنجابية، تناول الدكتور طوني زريق، البروفيسور في الجامعة اللبنانية الأميركية، ورئيس قسم الجراحة النسائية والتوليد في المستشفى الجامعي للبنانية الأميركية مستشفى رزق LAUMCRH، مسألة تأثير النفايات تحديداً على الحمل والإنجاب، كما اقترح بعض الطرق الجديدة للوقاية من هذه العوامل المضرة.

المطامر وحرق النفايات

بحسب د. زريق، «بدأت مسألة المطامر تتطور في العام 1930 في نيويورك، حيث تم إنشاء مطمر بالقرب من نهر صغير، وبعد 10 أو15 عاماً، بدأوا بإنشاء مبان إلى جانبه. وأجريت دراسة بيّنت ارتفاعاً في نسبة الإجهاض في المنطقة المجاورة للمطمر، وارتفاعاً في عدد الأطفال الذين يولدون بوزن ناقص (أقل من 2 كيلو ونصف)، فضلاً عن ارتفاع في وفاة الأجنّة أثناء الحمل وبعد الولادة، وازدياد حالات التشوهات الخلقية.

وأُجريت دراسة أخرى في مطمر في كاليفورنيا، وأخرى في إنكلترا في المملكة المتحدة، ولاحظ العلماء أنّ التشوهات الخلقية كانت تصيب الرأس والعمود الفقري والبطن. ما يعني أنّ تأثير النفايات المضرّ على الحمل والجنين معروف منذ ذلك الوقت.

وفي البلدان الغربية اليوم، هناك خوف من تكدّس كميات كبيرة من النفايات لدرجة أنها تفيض من الحاويات. علماً أنّ النفايات الفائضة تستقطب البرغش والقوارض (مثل الجراذين) وتُلوّث الهواء، وتخرج سوائل على الأرض. لذا، تستعمل هذه البلدان حاويات ضاغطة تعمل على الطاقة الشمسية، أي تضغط النفايات إلى الأسفل كي لا تفيض من الحاويات».

في المقابل، إنّ طرقات لبنان تسبح بكل أنواع النفايات، من العضوية إلى السامة والكيميائية. ولفت د. زريق: «في المطامر، كل السوائل التي تخرج من النفايات تصبح في الأرض والتربة وتجرّها الأمطار إلى المياه… ما من براهين مؤكدة على أنّ التلوث هو سبب مباشر لمشاكل الحمل والجنين والإنجاب، ولكن لدينا معطيات علمية تقترح ضرورة تغيير الطريقة التي نعالج بها النفايات اليوم لحماية صحة اللبنانيين الإنجابية، علماً أننا لم نتناول موضوع السرطانات والالتهابات والأمراض الأخرى في مجال الصحة العامة التي يسببها التلوث والنفايات…

أما الحرق، فيسبب تلوثاً في الجو، ويُنتِج حرق النفايات ملوثات هوائية، لاسيما ثاني أوكسيد الكربون والمعادن الثقيلة».

كيف نقلّص التعرض للملوثات؟

إذا نظرنا من حولنا، نجد أعداداً كبيرة من النساء في لبنان تعاني صعوبات لتصبح حبالى، وأعداداً هائلة من المرضى يحاربون الأمراض السرطانية وغيرها… لا شك في أنّ للعامل الوراثي دوراً، ولكنّ العامل البيئي يرفع نسبة الصعوبات الإنجابية والأمراض. ونسمع حتى بوجود نفايات كيميائية في لبنان لا تعالَج بالشكل الصحيح، وهذا يؤدي إلى أضرار جسيمة في صحة المواطن. إذاً، أصبح واضحاً تأثير العوامل البيئية بصحتنا. فما العمل؟

ينصح د. طوني زريق باعتماد الطرق التالية قدر الإمكان للوقاية من تأثيرات التلوث المضرّة بصحتنا الإنجابية وبصحتنا عامة:

• التوقف عن التدخين: السجائر والأراكيل… كلها ملوثات ضارّة بالصحة.

• الانتباه إلى مياه الشرب: في الولايات المتحدة، يفتح المواطنون الحنفية ويشربون منها مباشرة. أما في لبنان، فحتى المياه التي نستحمّ بها بحاجة لفيلتر. علماً انّ التأكد من نظافة المياه التي نشربها ونستحم بها ونطهو مُكلف، لكنّ العوائد هي مفيدة للصحة،

• عدم المبالغة بتناول السمك، أي ليس أكثر من مرتين إلى ثلاث في الأسبوع، كي لا ترتفع كمية المعادن الثقيلة في الجسم،

• الأطعمة العضوية: إنها بالفعل مفيدة كثيراً للصحة، وتساعد الجسم على التخلّص من السموم ومحاربة الأمراض،

• تقشير الأطعمة عند الإمكان، لتفادي إدخال المواد المرشوشة على الأطعمة (مثل المبيدات) إلى الجسم، واستعمال المواد غير السامة بدلاً منها،

• تفادي ملونات الطعام المضرة،

• قناني حليب الأطفال: إختيار تلك الخالية من الـBPA المضرّة بالأطفال كما بالراشدين،

• ممنوع استعمال البلاستيك في المايكرويف،

• المنتجات العضوية: استعمالها قدر الإمكان، مثل معجون الأسنان، والكريمات، والشامبو، والماكياج…

• تهوئة المنزل جيداً،

• إستعمال مواد تنظيف غير سامة وضارّة…».

يقول البعض إنه لا يجدي نفعاً الإقلاع عن التدخين، إذ إنّ الهواء ملوث أصلاً، ولن يؤثر تدخينه على الوضع. يجيب د. زريق: «صحيح أنّ التلوث في لبنان عال، ولكن التدخين يفاقم الحالة! هناك أمور خارج سيطرتنا مثل التلوث الناتج من المصانع والسيارات وغيرها، وأخرى يمكننا السيطرة عليها. لذا، على كل فرد الاستفادة من قدرته على السيطرة على هذه العوامل، مثل التدخين، ضمن أسلوبه في العيش. ونأمل أن نصل إلى مرحلة نعالج فيها الأمور الأكثر تأثيراً، مثل دخان المصانع وغيرها من الملوّثات».