لم يكن القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني بعيدًا عن أعين المخابرات الأميركية لسنوات طويلة، لكن تردد البيت الأبيض في أكثر من مناسبة أعطاه منحه مزيدًا من الوقت على قيد الحياة، قبل أن يتخذ الرئيس دونالد ترامب القرار الحاسم لإنهاء وجود الرجل القوي.
وبدأ التخطيط لاغتيال سليماني في الصيف الماضي، بعد تورط طهران في عدة اعتداءات في المنطقة، غير أن القرار النهائي اتخذ بعد اقتحام السفارة الأميركية في بغداد الأسبوع الماضي.
وبحسب مسؤولين أميركيين، فقد وفرت “ثقة سليماني المفرطة” وتورطه في الهجمات الأخيرة بالعراق الفرصة لقتله وإنهاء قصته.
وفي الساعات الأولى من فجر الجمعة، قتلت ضربة جوية أميركية سليماني الذي يقود فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ويعتبر ثاني أهم رجل في إيران بعد المرشد علي خامنئي.
وقال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون لوكالة “رويترز” إن “الأمر الذي أصدره دونالد ترامب بقتل سليماني جاء بعد سلسلة من المناقشات رفيعة المستوى على مدى الأسبوع الماضي، شملت اجتماعًا مع أهم أعضاء فريقه للأمن القومي أثناء قضاء ترامب العطلة في منتجعه بولاية فلوريدا”.
وقرار توجيه الضربة الجوية، بعد اختيار مسؤولين أميركيين من قبل الامتناع عن ذلك، نبع مما وصفه مسؤولون بارزون بأنه معلومات استخبارية، تستوجب التحرك بأن سليماني يخطط لهجمات وشيكة ضد دبلوماسيين وجنود أميركيين في العراق ولبنان وسوريا وأنحاء أخرى من الشرق الأوسط. ولم يذكر هؤلاء سوى القليل من التفاصيل بشأن الأهداف المحتملة.
ولم يتضح كيف تغلب ترامب ومساعدوه على المعارضة السابقة لمثل هذا الهجوم بدعوى أنه يهدد بتورط الولايات المتحدة في حرب جديدة بالشرق الأوسط قد تمتد للمنطقة بأسرها.
ويأتي قتل سليماني، بعد فترة وجيزة من عودته من دمشق حسبما أفاد البيت الأبيض، في نهاية أسبوع من العداء المتصاعد على نحو سريع بين الولايات المتحدة وإيران.
وعلى مدى أعوام سافر سليماني في أنحاء المنطقة، غالبا تحت نظر الجيش الأميركي وأجهزة المخابرات من دون أن يعبأ على ما يبدو باحتمال أن ينتهي به الأمر في مرماهم بينما يساهم في بناء ميليشيات تحارب بالوكالة.
وقال مسؤول سابق في الإدارة الأميركية إن “سليماني أبدى ثقة مفرطة “بشكل فج”، خاصة بعد أن قتلت ميليشيات كتائب حزب الله المدعومة من إيران متعاقدا أميركيا في قاعدة بشمال العراق”.
وردت الولايات المتحدة على هذا الهجوم بضربات جوية على أهداف للجماعات العراقية في سوريا والعراق، أدت إلى مقتل 25 من عناصرها.
وقال المسؤول السابق “(سليماني) منحنا ذريعة لاتخاذ القرار”.
تصفية الهدف
وقال مسؤولون طلبوا عدم نشر أسمائهم إن “قرار التخلص من سليماني اتخذ بعد الاجتماع الذي تم الترتيب له على عجل لترامب في المنتجع، مع وزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الدفاع مارك إسبر ومستشار الأمن القومي روبرت أوبريان ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي.
وقال أحد المسؤولين إن “الأمر النهائي “لتصفية الهدف” جاء بعد اقتحام عناصر من الحشد الشعبي السفارة الأميركية في بغداد الثلثاء.
وأضاف المسؤول أن “الخيارات كانت تشمل استهداف قادة الحشد الشعبي وهجمات إلكترونية لكن القرار استقر في النهاية على استهداف سليماني”.
وصرح أوبريان للصحفيين “كان تحركًا دفاعيًا، اتخذ الرئيس قرارًا واضحًا لا لبس فيه”.
وقال مسؤول أميركي آخر إن “سليماني كان يسافر في أنحاء المنطقة لتوجيه أوامر بشن هجمات تستهدف الأميركيين تعتقد المخابرات الأميركية أنها كانت “في المراحل النهائية” من التخطيط”.
القرار الحاسم
وقال مسؤولون أميركيون لـ”رويترز” إن “سليماني كان دائما يعتبر عدوًا تلطخت يديه بدماء أميركيين منهم المئات من الجنود”.
لكن حتى الآن ظل الأميركيون يميلون لعدم التخلص منه.
وركزت إدارة ترامب على سليماني قبيل أحدث موجة عنف وقعت في العراق.
ويقول مسؤولون أميركيون إن “التفكير في تنفيذ ضربة تستهدفه بدأ في الصيف بعد سلسلة هجمات في المنطقة اتهمت إيران بالمسؤولية عنها”.
لكن التخطيط للضربة بلغ ذروته بعد مقتل متعاقد أميركي في الأسبوع الماضي اتهمت الولايات المتحدة إيران بالمسؤولية عنه.