IMLebanon

«منزل غصن» تحت مجهر اليابانيين

 

لا يهتم جيران كارلوس غصن، الرئيس السابق لتحالف «رينو ـ نيسان»، بمعرفة تفاصيل قصة فراره من اليابان، بقدر ما يثير فضول سكان شارع لبنان، الممتد من أعلى جسر فؤاد شهاب (الرينغ) الى مشارف السوديكو، حضور ياباني كثيف أمام منزل غصن التراثي الزهري اللون المرمم في وسط الشارع.

حضور ياباني لا يجمع سكان الشارع على وصفه بالإعلامي، ذلك أن البعض يشير الى وجود ما يسمونه «مخبرين» بين الرجال والسيدات اليابانيين المرابطين أمام المنزل، مداورة على مدى الساعات الأربع والعشرين يوميا منذ انتشار خبر وصول غصن الى لبنان قبل أيام.

كاميرات تلفزيونية مثبتة على الرصيف المقابل وعربات مخصصة للنقل المباشر، وسيارات مركونة قرب المنزل، تحوي معدات تصوير وكابلات، وتستخدم ايضا للاستراحة.

سيارات رباعية الدفع لا تتحرك إلا لتركن أخرى مكانها للفريق عينه، أي أنها تتبادل حجز المساحات في الشارع الضيق الذي يتاح الوقوف فيه بالمجان.

مراسلون ومراسلات يابانيون وفرنسيون بنسبة اقل يتفادون قدر الإمكان الحديث مع اللبنانيين، إلا بهدف واحد: لسؤال أهل الشارع من أصحاب المحلات الصغيرة والسكان عن غصن.

ويقول «ابو وديع» صاحب محل «الوديع» لبيع الفاكهة والخضار لـ «الأنباء»: «أنا من قدامى قاطني الحي، متجري هنا منذ أيام الحرب.

لم يعرف هذا الشارع ضجيجا وصخبا (لجهة الاهتمام) كما يحصل الآن.

يقصدونني (اليابانيون) مجموعات وفرادى لطرح الأسئلة عن سكان منزل غصن، ولا يشترون شيئا في المقابل، ليس من عندي فقط، بل من جميع المحلات.

يأكلون وجبات سريعة غالبيتها من البيتزا على الواقف، وينامون في السيارات، وأشك في كونهم جميعا من أهل الإعلام».

ويتابع أبو وديع ممازحا: «يستطيع غصن الحضور الى المنزل دون أن يراه أحد (…) لا تنسي أن اسمه كارلوس وهو عصي على الوقوع في الفخ».

توجهنا الى إحدى الزميلات الصحافيات ذات الملامح اليابانية، فرفضت بداية تبادل الحديث معنا، ثم تعاملت بحذر بعد معرفتها أننا صحافيون ايضا.

تكلمت بلغة انجليزية غير مفهومة، ثم قالت «آسفة» وذهبت الى أحد زملائها، قبل أن تعود وتكرر الكلمة عينها، وتجيب باقتضاب أنها حضرت الى بيروت مباشرة من طوكيو، ذاكرة أنها تعمل لشبكة تلفزيونية.

البقية من زملائها وزميلاتها يبتسمون لكاميرات أجهزة الخليوي من اللبنانيين، لكنهم يتفادون الكلام.

يقفون غير عابئين بتساقط المطر، وينظرون الى المنزل المضاء الذي يقف أمامه عناصر حرس خاص يعملون لدى صاحبه.

الشارع بدأت معالمه تتبدل، بتشييد مبان شاهقة مكان بعض البيوت القديمة، الى حديقة تحمل اسم متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، وهو يفضي الى منطقة «هوفلان» حيث جامعة القديس يوسف ومسرح «مونو» والمكتبة الشرقية.

ومن معالمه ايضا البيت المركزي لحزب «الوطنيون الأحرار» والمقر العام لجمعية راهبات القلبين الأقدسين، وينتهي بإطلالة واجهة فندق «ألبيرغو» احد أعرق فنادق العاصمة وأبهظها كلفة.

أما أبرز قاطني «شارع لبنان» وأقدمهم على قيد الحياة، فهو الصحافي فرنسوا عقل «راهب» صحيفة «النهار» وصانع أمجادها في الحرب الأهلية، وقد بلغ العقد التاسع، ولايزال يقصد مبنى الصحيفة في ساحة الشهداء بوسط المدينة سيرا على الأقدام عندما يكون الطقس مشمسا.

وتقول سينتيا حجل القاطنة ايضا في «شارع لبنان» ان احد صحافيي مجلة «باري ماتش» صعد الى سطح المبنى الذي تسكنه لتصوير البيت الزهر من فوق، وعندما قيل له انه لا يمكنه الصعود من دون اذن اصحاب الملك، قال «الزملاء في تلفزيون TF1 التقطوا صورا رائعة للبيت من سطح احد المباني المجاورة».

حضور إعلامي وفلاشات كاميرات انتظارا لمالك مبنى قد لا يأتي.

واسئلة تطرح حول المنزل الجميل الذي اشتراه غصن من مالكه جورج صراف، بمبلغ 8.65 ملايين دولار، علما أن ملكيته لهذا المنزل تطولها ايضا شبهات فساد، ويندرج العقار ضمن التحقيقات التي تجري حول التهم الموجهة لغصن في اليابان.

ولا يختلف اثنان من جيران غصن على أنه «لن ينام هنا قرب هؤلاء من أبناء البلد الذي فر منه»، علما أنه وعد بالتحدث الى وسائل الإعلام قريبا جدا.

وتحدث أحد الجيران عن محاولة أحد الصحافيين التسلل الى المنزل، ولكن الحراس كانوا له بالمرصاد.

وقيل ايضا إن للمنزل مداخل اخرى غير المدخل الرئيسي الذي يتجمهر أمامه الصحافيون، وكذلك هناك مواقف تحت الأرض مخصصة لسكان البيت الزهري.