IMLebanon

الكاثوليك ينتفضون… لسنا “مكسر عصا”

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

في 25 تشرين الثاني 1989، وبعد تأليف أول حكومة في عهد الرئيس الياس الهراوي، كان الكاثوليك على موعد مع وداع الحقائب السيادية، إذ إنها المرّة الأخيرة التي نال فيها الكاثوليك حقيبة سيادية.

كان ألبير منصور آخر وزير كاثوليكي سيادي، فقد أسندت إليه وزارة الدفاع الوطني، لكن عُمر الحكومة لم يدم طويلاً واستقالت في 24 كانون الأول 1990، ومنذ ذلك الحين لم يعد يحق لأي كاثوليكي بموجب الاعراف التي سادت بعد “الطائف” نيل حقيبة سيادية إذ قُسمت مسيحياً بين الموارنة والروم الأرثوذكس على اعتبار أن الأرثوذكس هم الطائفة الأكبر مسيحياً بعد الموارنة.

وبغض النظر عن تأليف الحكومة الحالية، يُطرح عند كل إستحقاق وزاري مسألة تمثيل الكاثوليك، وحصتهم في الحكومة ونوعية الحقائب التي يجب ان تسند إليهم.

وفي هذا الإطار، فإن الكاثوليك كانوا تاريخياً تحت عباءة الموارنة، لذلك فإن هذه المشكلة لم تبرز قبل الحرب اللبنانية، وأثناء الحرب كانت الرهبانيات الكاثوليكية تجتمع في الكسليك مع الرهبانيات المارونية بعد تأسيس “الجبهة اللبنانية” ودخول الرهبان في صلب النضال من أجل صمود المسيحيين والحفاظ على الكيان اللبناني.

وعندما كان مجلس النواب قبل “الطائف” يتألف من 99 نائباً، كانت حصة الكاثوليك 6 نواب، وبعد “الطائف” باتت 8 نواب، وهم يتوزعون حالياً كالآتي: 4 لتكتل “لبنان القوي”، نائب لـ”الجمهورية القوية”، نائب لـ”اللقاء الديموقراطي”، نائب لـ”التنمية والتحرير”، نائب لـ”السوري القومي الإجتماعي”.

ويواجه الكاثوليك مشكلة شبيهة بمشكلة الدروز، إذ إن الإعتراض هو على حجم المشاركة في حكومة تتألف من 18 وزيراً، وكذلك على نوعية الحقيبة التي ستسند لهم، وسط التداول بمنح الكاثوليكي في حكومة الرئيس المكلف سليم دياب البيئة أو التنمية الإدارية أو الإثنتين معاً.

وفي هذا الإطار، يبرز إعتراض كاثوليكي على كل ما يتمّ تداوله من صيغ حكومية في حال استمرّ دياب بمهمة التأليف الصعبة، إذ إن حصر حصة الكاثوليك بوزير وحقيبة غير أساسية يعتبر إنتقاصاً من دور الطائفة وتهميشاً إضافياً لها.

وأمام غياب القيادات السياسية الكاثوليكية ومطالبة الوزير السابق ميشال فرعون بحفظ حقّ الطائفة، يبرز صوت في الكنيسة الكاثوليكية يرفض كل هذه الممارسات والتوزيع غير العادل بين أبناء الوطن الواحد.

وتشدّد أوساط كنسية كاثوليكية على أن الكنيسة في لبنان كانت أول من أيّد مطالب الشعب ووقفت إلى جانبهم ولا تزال، والمسألة ليست قضية توزيع حصص أو مغانم، بل إن الآلية التي يجب اتباعها هي إختيار الكفوئين والإختصاصيين. وتبدي الأوساط أسفها لأن بعض أهل السياسة يحاول إستغلال اللحظة وتسجيل مكاسب والدفع نحو تهميش بعض المكونات اللبنانية، وهذا الأمر يتعارض مع الصيغة اللبنانية، إذ إن الكنيسة هدفها إصلاح النظام ووقف الممارسات التي أوصلت لبنان إلى حافة الإنهيار، وليس التعامل مع مكوّن أساسي على أنه “مكسر عصا” وأنه يذهب “فرق عملة” عندما “يتحاصص” الكبار.

ودعت إلى إعادة النظر في الآلية المتبعة، واختيار الوزراء على أساس الكفاءة، عندها لا يعد أحد يسأل عن تمثيل طائفته أو حجمه داخل التركيبة الحكومية أو البرلمانية. وتؤكّد أن الإستمرار في السياسة نفسها والنهج الذي أوصل لبنان إلى الإنهيار سيجلب الويلات على الشعب خصوصاً ان السياسيين لم يبدّلوا أسلوب حكمهم لا بل رفعوا منسوب “مكابرتهم”.وتبدي الأوساط من جهة ثانية عتبها على بعض أبناء الطائفة الكاثوليكية الذين في سدّة المسؤولية وموجودين في مركز القرار الأول في الدولة، ولا يقومون بأي شيء لحفظ التمثيل الكاثوليكي الجيّد، والتأثير لإصلاح الوضع اللبناني عموماً ومنع الكيان من الإنهيار.

وأمام كل هذه الوقائع، يطرح البعض رفع عدد أعضاء حكومة دياب إلى 20 وزيراً من أجل منح كل من الدروز والكاثوليك مقعداً إضافياً، في حين أن التشاؤم عاد ليسود وسط الحديث عن عرقلة الحكومة نتيجة وضع الوزير السابق جبران باسيل “فيتو” على تولي الوزير السابق دميانوس قطّار وزارة الخارجية، والحديث عن إعادة “حزب الله” النظر بشكل الحكومة بعد اغتيال اللواء قاسم سليماني، لكن الثابت الوحيد أن “الحزب” لن يذهب إلى حكومة مواجهة بسبب إنعكاساتها السلبية عليه وعلى البلد داخلياً وخارجياً.