حجب غبار التصعيد العسكري بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران على ارض العراق غداة اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، الضوء عن ملف تشكيل الحكومة الذي بات يتخبط في دهاليز حسابات داخلية وعابرة للحدود ضمن الفريق السياسي الواحد.
وعلى وقع دعوة الرئيس نبيه بري الى “تشكيل حكومة لمّ شمل واسعة والوقت ليس للهو بشكلها، لأن المرحلة تتطلّب ذلك”، سألت اوساط سياسية عبر “المركزية” عمّا اذا كان “حزب الله” لا يزال مع حكومة اختصاصيين مستقلين، خصوصا بعد اغتيال سليماني، ام انه بدّل قناعاته وموقفه وبات يميل الى حكومة تكنو سياسية بعد ارتفاع منسوب المواجهة بين واشنطن وطهران؟
وفي حين نقلت مصادر مقرّبة من الضاحية لـ”المركزية” “ان الحزب متمسّك بتشكيل حكومة تكنوسياسية تضمّ وزراء على شاكلة وزير الصحة جميل جبق”، اعتبرت الاوساط السياسية “ان حزب الله يريد حكومة “مضبوطة الايقاع” وتحت وصايته السياسية الكاملة، لأن المنطقة مُقبلة على تطورات لن يكون بمنأى عن تداعياتها”.
اما عن سبب تمسّك حزب الله بحكومة تكنوسياسية تكون نسخة طبق الاصل عن المُستقيلة، فاعتبرت الاوساط السياسية “ان المنطقة مفتوحة على شتى الاحتمالات بما فيها الحرب الشاملة، لذلك لا بد من ان يكون قرار الحكومة في لبنان تحت مجهر الضاحية ومضبوطا وفق الايقاع السياسي للعهد وضمن سياسة المحور الايراني”.
“حزب الله وبعد ضربة العراق بات يتمسك بادراج ثلاثية “شعب وجيش ومقاومة” في البيان الوزاري من اجل ضمان الغطاء الشرعي لسلاحه”، تضيف الاوساط ، “لاسيما في السياسة الخارجية للحكومة، وبرز ذلك في ابداء رأيه في هوية وزير الخارجية المُقترح، حيث يرفع الفيتو امام الاسماء التي يتحسس من سيرتها الذاتية”.
ولفتت الاوساط الى “ان ما قبل اغتيال سليماني ليس كما بعده، وان المرحلة المُقبلة سياسية بامتياز، من هنا بات الحزب يتمسّك اكثر من اي وقت بتشكيل حكومة تكنوسياسية تضمّ الجميع من اجل مواجهة الاتي من المستجدات في المنطقة، وهو يستعجل تأليفها قبل تسارع تطورات كبيرة امنية وعسكرية قد تكون لها تداعياتها وتؤثر مباشرة على لبنان، وربما تساهم في تعطيل الاندفاعة الحكومية”.
من هنا، تشدد الاوساط السياسية على “ان حزب الله سيرسم خريطة الحكومة انطلاقاً من تطورات المنطقة، وسيُعيد تجربة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مع فارق بسيط بتعيين وزراء اختصاصيين، لكن تابعين لقوى الثامن من آذار، اي حكومة اللون الواحد حتى لو وصفوها بحكومة تكنو سياسية”.
ومع ان حكومة بهذا الشكل لن تكون مطابقة لمواصفات المجتمع الدولي الذي يطالب بتركيبة مستقلّة تحظى بثقة الشعب اللبناني-وهو ما يُهدد بحجب المساعدات الدولية عنها، اعتبرت الاوساط السياسية “ان تطورات المنطقة فرضت نفسها على خيارات حزب الله الذي بات في امسّ الحاجة الى تشكيل حكومة تكرّس نفوذه وهيمنته في الداخل لمواجهة المرحلة الدقيقة والحسّاسة التي تمرّ بها المنطقة”.
وفي غمرة الحسابات الاقليمية لـ”حزب الله”، يبقى السؤال المشروع: هل يقبل الرئيس المكلف حسان دياب بالتراجع عن الهوية التي اعلنها لحكومته ليرأس حكومة تكنو سياسية؟