كتبت رندة تقي الدين في صحيفة نداء الوطن:
إسم جبران باسيل يحرم لبنان 400 مليون دولار مساعدات عربية
أكد مصدر فرنسي متابع للملف اللبناني أن الرئيس ميشال عون أبلغ الجانب الفرنسي أن تشكيل الحكومة أصبح قريباً جداً، لكن وفق معلومات باريس فإن مجموعة من العقد لا تزال تعرقل عملية التأليف، “أولها عقدة التمثيل الدرزي في الحكومة، إذ إن هناك إصراراً من الزعيم الدرزي وليد جنبلاط على حقيبة وازنة للدروز. والعقدة الثانية هي طموحات رئيس “الوطني الحر” جبران باسيل الذي يريد السيطرة وهذا لا يحظى بتأييد الجميع”.
وينقل مصدر سياسي لبناني عن رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه “غير مرتاح لهذه الحكومة كون تغطيتها السنية ضعيفة ويخشى مواجهة بين السنة والشيعة، وهو ما لا يريده كونه يشكل خطراً كبيراً. ثم أن بري لا يوافق على استراتيجية باسيل الذي يطالب بكل شيء، ويحبذ أن تتضمن الحكومة أربعة أو خمسة ممثلين فيها عن الحراك الشعبي كي تكون قوية وقادرة على العمل”.
ونُقل إلى المصدر الفرنسي أجواء محيطة بالرئيس المكلف تفيد بأنّه “عازم على تقديم تشكيلته الوزارية من التكنوقراط فقط وأنه واثق من أن التغطية السنية لن تنقصه، جراء علاقة ود تربطه بالمفتي دريان”، مع التأكيد على أنّ دياب لن يتراجع عن منح حقيبة الخارجية في هذه التشكيلة الى دميانوس قطار. وأضاف: “عُلم أن وزير الخارجية جبران باسيل يصر على ادخال سياسيين إلى الحكومة وألا تقتصر على تكنوقراط، بحجة ان وضع المنطقة يتطلب وجود سياسيين فيها كي يكون لهم وزن في صراعات المنطقة، ويتحدث ان حزب الله أيضاً مصر على ذلك”، لكن المصدر الفرنسي يؤكد أن “باريس علمت من سفيرها في لبنان برونو فوشيه الذي التقى ممثلاً عن حزب الله، أن الأخير قال انه يريد تشكيل حكومة تعمل بسرعة وتغيّر نهجها لعمل فاعل وسريع، ولم يتحدث حزب الله عن ادخال السياسيين فيها، لكن أوساط التيار الوطني الحر أكدت للجانب الفرنسي ان موقف حزب الله هو مع حكومة فيها سياسيون”. ويلفت إلى أن “باريس وجّهت رسائل عبر لقاءات سفيرها في بيروت مع المسؤولين أن حكومة تكنوقراط وسياسية لن تكون برضى الشعب، ويجب ان تكون حكومة تتركز على الأمور الاقتصادية على ان تطبق النأي بالنفس سياسياً، وهذا ممكن اذا كانت تكنوقراط”. وكررت باريس الرسائل انه “ينبغي ان يكون للحكومة برنامج قصير جداً وأن تركّز على الحلول الاقتصادية والقيام بإعلان مواقف قوية بالنسبة إلى الإصلاحات للتعويض عن النقص في المصداقية”. وينقل المصدر الفرنسي المخاوف الفرنسية من “مواجهة في المنطقة بين ايران والولايات المتحدة تدفع حزب الله إلى الإصرار على ان يعلن لبنان عن موقف مؤيد لايران، وان ذلك سيشكل خطراً كبيراً على مستقبل لبنان، أتت الرسائل الفرنسية لتؤكد ضرورة التركيز على الاقتصاد كي تحترم الحكومة النأي بالنفس”.
ووفق المعلومات من باريس فإن فرنسا “تريد حكومة تتجاوب مع مطالب الشعب وتكون فاعلة وذات مصداقية”. وأصر السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه خلال لقاءاته المسؤولين في طليعتهم الرئيس ميشال عون على القول إن “لبنان لن يحصل على أي مساعدة مالية طالما ليس هناك حكومة فعّالة، وذلك يعني أنه ينبغي العمل بشكل فريق وليس كل وزير على حدة، بل يجب ان يتم تشكيل حكومة ذات مصداقية، تعمل على الأسس التي وضعها مؤتمر باريس لمجموعة دعم لبنان، على أن تتجاوب هذه الحكومة لمتطلبات الحراك الشعبي”. ووفق المصدر “طلبت باريس من سفيرها في لبنان أن يقول لكبار المسؤولين أن لبنان لن يحصل على أي دعم مالي اذا استمروا على نهجهم السابق، بل عليهم أن يغيروا طريقة عملهم وألا يستمروا على نهج الحكومة السابقة من دون التنسيق بين الوزارات والإدارات، وعلى الحكومة التي ستؤلف أن تقبل الاعتماد على الخبرات الدولية وأن تعمل كفريق متجانس”.
ويؤكد المصدر أن “السفير الفرنسي نقل هذه المواقف خلال زيارته بعبدا وإلى النائب إبراهيم كنعان”، مشدداً على أن “تقدم الحكومة برنامجاً للعمل المشترك”. وترى باريس أن “الحكومة التي قد تشكل سيكون لها تأييد ضعيف بسبب اغلبية قليلة اختارت دياب (68 نائباً من أصل 128)”، ووفق المصدر، تعتبر باريس أن “حكومة دياب ستكون ضعيفة للقيام بإصلاحات، لكن يبدو أن قناعة عون هي ان الأكثرية ستتشكل تبعاً لكل موضوع يُطرح على الطاولة”، معتبراً أن “الرئيس سعد الحريري سيكون في المعارضة”. وتعتبر فرنسا أن “الحكومة لن تحصل على تأييد الخارج، حتى وإن تشكلت بعدد لا بأس به من النساء، إلا إذا أنجزت إصلاحات خلال الأيام الستين الأولى من تشكيلها”.
تشكيك بقدرة دياب
هناك تشكيك في الأوساط الفرنسية المتابعة للملف اللبناني بقدرة دياب على تشكيل الحكومة في ظل معارضة سنية، وأيضاً تشكيك في حال تمّ تشكيلها أن تعمل بفعالية. ووصفتها المصادر الفرنسية بأنها حكومة “8 آذار”. فإذا تمكّن دياب من تشكيل الحكومة ستنتظر باريس البيان الحكومي وبداية العمل للإصلاح الحقيقي ليحكم الخارج عليه، إذ تؤكد المصادر أن “الحكومة لن تأخذ شيكاً على بياض. فاذا لم تعمل بجدية خلال شهرين وتقوم بإصلاحات فلن يتم انقاذ البلد اقتصادياً. وحتى اليوم إن العمل الذي قامت به اللجان في البرلمان لا يظهر أفكاراً جيدة، باستثناء ربط عائدات المرفأ وقطاع الاتصالات بالمالية اللبنانية مباشرة. ولكن هناك عدد كبير من الأمور التي لم يفكروا فيها بعد. وحسب لجنة المال في البرلمان يقولون إنهم أجروا دراسة معمقة للوظائف العامة ووجدوا اأن هناك 32000 موظف غير شرعي على أساس نصوص غير مطابقة للقانون و5800 موظف وهمي. لذلك عليهم أن يقلصوا ذلك ويعيدوا النظر في الموازنة وهذا مستبعد”.
ويضيف المصدر: “على الحكومة ان تصلح قطاع الكهرباء وتتوقف عن الإصرار على البواخر كحل مرحلي. ونصحت باريس اللبنانيين بانتهاج حل نهائي وجذري للكهرباء واطلاق مناقصة لحلول بعد سنة، بدلاً من التركيز على الحل المرحلي مع البواخر”، لافتة إلى أن “المسؤولين عن ملف الطاقة يعتبرون انه من اجل زيادة أسعار الكهرباء ينبغي أن تؤمن الدولة 21 ساعة على الأقل من الكهرباء يومياً، وهناك حاجة، برأي اللبنانيين، إلى حل مرحلي لرفع أسعار الكهرباء، وأن الحل المرحلي الأفضل في نظرهم هو البواخر، لكن باريس ترى ان شركة جنرال الكتريك لها حلول فعالة جداً مرحلية وسريعة جداً، والحل هو اطلاق مناقصات لبناء المعامل الكهربائية التي يحتاج إليها لبنان وإيجاد حلول مرحلية، لكن المسؤولين اللبنانيين عن قطاع الطاقة يصرون على البواخر”. وتذكّر بأن “هناك شكوكاً لدى المصادر الدولية بأن هناك قضية فساد كبرى وراء قضية البواخر وانها ربما تمّ شراؤها، وهم يقولون انها استؤجرت والمال لشرائها تحول الى جهات أخرى. وحتى الجامعة العربية أبلغت الممولين الخارجيين وباريس ان لديها مبلغاً تمويلياً للبنان بـ400 مليون دولار التي لن تعطيها للبنان طالما جبران باسيل في الحكومة”.
الى ذلك رأى المصدر الفرنسي المتابع للملف اللبناني أن “بعد مقتل (قائد فيلق القدس) قاسم سليماني، سيدفع حزب الله الى تشكيل حكومة تعمل بسرعة، ولكن المقلق هو ما غرّده اللواء أشرف ريفي عندما قال أنه في حال شكل دياب هذه الحكومة ستكون بمثابة حكومة نوري المالكي، التي كانت تابعة لإيران في العراق وانه ينبغي على دياب ان يعتذر. ما يعني أن السنة سيجدون انفسهم في المواجهة الإيرانية – الاميركية كحكومة مالكي. والادارة الاميركية وغيرها من الممولين لن يكونوا مرتاحين لمثل هذه الحكومة إذا تشكلت”.