أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى أننا “نحن موّلنا الدولة لكي نكسب الوقت مع الوعود بقيام إصلاحات في مؤسساتها، وإن الكلام عن أن مصرف لبنان يقوم بسياسة مالية لحماية المنظومة الحاكمة هو كلام غش وغير مقبول”.
وأضاف، في برنامج “صار الوقت” عبر الـ”mtv”: “كل القرارات التي اتخذها المصرف ويتخذها يجب أن توافق عليها الدائرة القانونية في مصرف لبنان”.
وأعلن أنه “لم يفاتحه أحد بإمكانية استبداله”، وقال: “أرى أن هناك محاولة لرمي كرة النار في مكان ما، ومسؤوليتي أن أقوم بما يقتضي ضمن القانون للحفاظ على الهيكل الموجود وعلى ديمومة الدولة اللبنانية”.
وتابع: أسمع كثيرًا لماذا لم يدع الدولة تفلس رياض سلامة فإفلاس الدولة يعني التوقف عن دفع المعاشات وكلفة الإفلاس كبيرة جدًا وأكبر بكثير من أكلاف الاستقرار. فتثبيت سعر صرف الليرة مكلف نعم لكن هذا هو قرار الدولة وهو موجود في برامج الحكومات ونحن مقتنعون في مصرف لبنان بتثبيت سعر صرف الليرة وإن عدم استقرار الليرة يعني اهتزاز الأمور الأساسية من بينها البنزين وغيرها من الأكلاف التي ستزداد على الناس”، مشددا على أنه “أريد أن أعمل لتسوية الأمور لتكون صحيحة وسليمة كي يرتاح اللبناني للوضع النقدي”.
وأردف: “نحن أخذنا مبادرات لتلبية الدولارات المطلوبة لاستيراد الأدوية والنفط والطحين والمستلزمات الطبية وهذا الأمر يمكّن اللبناني من التخفيف من الغلاء الذي يواجهه كما أن مصرف لبنان يساهم بتخفيض فاتورة المازوت على اللبناني. كما أن بين حزيران وآخر آب بسبب عمليات مالية قمنا بها ارتفع احتياطنا بملياري دولار”.
ولفت إلى أن “بعد اعتداء أرامكو حصل اعتداء الضاحية واهتزّ مصرف لبناني وهذا ما أثّر على الأوضاع المالية كما أن بين أيلول وتشرين الثاني نزل نقدي على السوق بين لبناني ودولار ما قيمته 3 مليار دولار، وفي خلال 3 أشهر طلع عملة لبنانية من مصرف لبنان أكثر من 12 سنة وأخر شهر من السنة طلع حوالي مليار دولار من المصرف المركزي”.
واعتبر أننا “نحن أمام أزمة فيها صعوبات ولسنا أمام انهيار فاللبناني يدّخر بالليرة اللبنانية بحسب الأرقام والمعطيات وهذا دليل عدم وجود “انهيار” ومصرف لبنان سيلبّي السيولة المطلوبة للمصارف بالعملتين وهذا أمر استثنائي”، مؤكدًا أن “لا إفلاس للمصارف في لبنان والمصرف الذي لا يتمكّن من تلبية طلبات زبائنه سيصار إلى دمجه”.
وقال: “الدولار الذي نعطيه للمصارف اللبناني اشترطنا ألا يحوّل إلى الخارج وإلا نخسر كل ودائعنا بالدولار في لبنان. فعندما تعود الثقة مع تشكيل حكومة وبرنامج واضح يختلف الجوّ في المصارف وستعود الأمور تدريجيًا لطبيعتها. ونحن وضعنا خطة أساسية وهي ألا إفلاس للمصارف وسنحافظ على أموال المودعين وطلبنا من المصارف أن تزيد من رأسمالها وألا توزّع الأرباح فنحن نعمل مثلما فعلت المصارف في الدول حيث تحصل أزمات”.
وأشار إلى أن هناك هيئة مصرفية في مصرف لبنان ستتدخل مع المصارف إن لم تمتثل لتعميمنا حيال عدم توزيع الأرباح وزيادة رأس المال”، وقال: “خفضّنا الفوائد وهذا سيعزّز السيولة بنسبة تتراوح بين 10 و15 مليار إضافة إلى 4 مليارات تقديمات نقدية من المستثمرين في المصارف و مليار نتيجة عدم توزيع الأرباح وهذا سيجعل القطاع المصرفي يتنفس”.
وزاد قائلًا: “سنعيد تفعيل القطاع المصرفي في لبنان ونحن نحاول تأمين الـBank Note داخل هذه المصارف ولكن الطلب عالي ولا مشكلة على الأموال التي دخلت وتدخل بعد 17 تشرين في موضوع التحويلات تحديدًا”، مؤكدًا “ألا وجود للـHaircut في لبنان كما أن لا صلاحية للمصرف المركزي للقيام بالـHaircut فهذا الموضوع بحاجة لقانون”، وقال: “عند الاطلاع على ميزانيات المصارف يتبين لدينا وجود ودائع ولا خوف في هذا الموضوع خاصة على الودائع بالدولار. الـHaircut إذا ما حصلت على حاملي السندات Eurobonds (أي من المصارف ومالكي الاسم في المصارف) تدخل في مواجهة مع الذين سلفّوك الأموال لكن هذه الأمور لا يتأثر بها المودع العادي بل المساهمين في المصارف ولا علاقة للأمر بالودائع”.
واعتبر أن “موضوع الهجوم على الليرة اللبنانية ليس بريئًا واستعمل لأغراض سياسية، ووضعنا المالي وعجزنا مرتفع”، مضيفًا: “نحن لم نتخّذ هذا الإجراءات المتعلقة بدفع الفوائد بالليرة اللبنانية ومنعنا التحويل من الليرة إلى الدولار وهذا الأمر لم تتنبّه له هيئات التصنيف العالمية”.
وعن الودائع، قال سلامة: “تراجعت 10 مليار دولار منها استعملت للقروض بقيمة 5 مليار و3 مليار سحبت من المصارف اللبنانية وفقط 2 مليار ونصف حوّلت إلى الخارج”.
وعن موضوع التحويلات غير الشرعية، أعلن سلامة أنه “طُلب منا التحقق من التحاويل التي حصلت بعد 17 تشرين وباشرنا في هيئة التحقيق بهذا الموضوع، وسنقوم بتنظيم موضوع التحاويل للخارج مع المصارف واستلمنا كتاب من المدعي العام للتحقيق في هذا الملف من 17 تشرين لغاية أخر سنة 2019، كما طلبنا بموجب كتاب إلى جمعية المصارف التدقيق بالأموال والتحاويل لمعرفة ما إذا كانت التحاويل والأموال مشبوهة، مضيفًا: “لدينا قوانين ودوائر امتثال في كل المصارف ولا يحق لنا القول بإن كل أموال المصارف مشبوهة إنما كل مال مصدره غير واضح بالنسبة للبنك يجب أن يتم الكشف عنها”.
وكشف أننا “سنرسل فرقًا من هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان إلى المصارف اللبنانية للوقوف عند نتيجة هذه التحقيقات لدى المصارف اللبنانية ومن بعدها سنرسل نتيجتها إلى المدعي العام ليتخذ القرارات اللازمة بها، وعلينا الارتكاز على القوانين التي ترعى عملنا وإذا أحدهم لديه ما يدّعي التبليغ حول تحاويل مشبوهة داخل المصارف يجب أن يبلغنا بها والتحاويل للخارج تحصل من المصارف اللبنانية والمصارف المراسلة لا تتم عبر مصرف لبنان”، مشيرًا إلى أن “الأخبار يمكن أن يأتي من البنك أو المدعي العام أو جهات خارجية وهناك أحاديث على المواقع الاجتماعية وفي الإعلام عن تحاويل وهي لا تمت إلى الواقع بصلة وغير واقعية”.
ورأى أن “تأثير السلسلة كان سلبيًا ونتمنى لو سمعوا منا، فمع تراجع النمو الاقتصادي سيزداد الفقر في لبنان وهذا يتطلب سياسات لدعم الاستقرار الاجتماعي في لبنان، وهناك 7 مليار دولار عجز في ميزان المدفوعات اليوم”.
وأكد “ألا صلاحية لمصرف لبنان بالقيام بـcapital control وأي نوع من Capital Control يغيّر وجه النظام الاقتصادي اللبناني وإذا علمنا أن مكوّنات الدولة أي رئيس الجمهورية والحكومة لا يمانعان من إجراء Capital Control نصدر تعاميمًا في الموضوع”.
وأردف: “إن ملاءة المصارف سوف تتراجع لأن المصارف تحمل سندات على اليوروبوند وهذا يؤثر على طريقة احتساب السيولة وتقدير السيولة المطلوبة لكن الملاءة ستبقى فوق المطلوب، والمصارف باتت تشحن بين 300 و 400 مليون دولار شهريًا للزبائن بالعملة الورقية Bank Note لتلبية طلبات الزبائن”.
وبالنسبة لموضوع بنك الجمّال، فأشار إلى أن “مصرف لبنان قام بكل ما يقتضي للحفاظ على أموال المودعين”، وقال: “سددنا 90 % من أموال المودعين في بنك جمال والمصرف أراد تصفية نفسه لأنه لم يعد لديه مصرف مراسل بسبب الـعقوبات الدولية صار من الطبيعي حفاظًا على أموال المودعين أن يصفّي نفسه، ولا مجال إلا أن نتجاوب مع موضوع العقوبات وإلا يصبح كل البلد في مهبّ العقوبات والمصارف تصبح بخطر لناحية التعامل مع مصارف أجنبية”.
وأعلن أنه “طلبنا من المصارف أن تمارس المرونة المناسبة لموضوع القروض ولجنة الرقابة لن تصنّف من يتعثّر لحين عودة الأمور إلى طبيعتها”.
وعن الوديعة القطرية قال: “استكمالًا للتواصل مع قطر قمنا بالشكل التقني بالتواصل مع الدولة القطرية بناءً لتعليمات رئيس الجمهورية ونأمل استكمال الأمور بشكل إيجابي ولمست عطفًا من الدول العربي حيال الوضع اللبناني”.
وشدد على أن “مصرف لبنان مستمر بدعم الدولة لاستكمال دفع الرواتب”، مشيرًا إلى أن “طبع الأوراق النقدية لا يعني أننا قمنا بتوزيعها للمعاشات فلقد قمنا بطبع الليرة للاستعداد والجهوزية لتلبية السوق بالسيولة لأن الطلب ارتفع”.
وأردف: “نحن ضخينا سيولة بالليرة المالية للمصارف بحدود مليارين ونصف دولار، كما غذينا القطاع المصرفي بـأكثر من 7 مليار دولار والمصرف المركزي سدّد عن الدولة بـ3 سنوات 9 مليار دولار ما يعني أن مجمل المبالغ المدفوعة تصل إلى 15 مليار دولار”، مضيفًا: “المستفيد من كل السياسات التي قمنا بها ليس مصرف لبنان إنما القطاع المصرفي والدولة”، وقال: “التحوّل إلى Cash Economy في لبنان دفع الناس لتخزين المال في منزلها”.
وشدد على أن “البنك ليلبّي الزبائن بالعملة النقدية يجب أن يشحن من الخارج “الدولار” وهذا لا يعني أن ودائع الناس ذهبت”، معتبرًا أن “الأعمال التخريبية في المصارف غير مبررة ونحن كمصرف مركزي نشعر مع موظفي المصارف لأننا نعرف صعوبة التعاطي بالوضع حاليًا”.
وطمأن سلامة أن “الودائع في القطاع المصرفي مؤمنّة ومصرف لبنان حاضر لتأمين كل السيولة المطلوبة من المصارف لتلبية طلبات المودعين لديها. نحن لن نتساهل بتفريط دولارات مصرف لبنان للذهاب إلى الخارج والزبون الذي يريد تسكير حسابه بالدولار بإمكانه أخذ شيك بهذا المبلغ من المصرف ونحن سمحنا بهذه الإجراءات”.
وأردف: “السيولة لدى مصرف لبنان 31 مليار دولار ولدينا توظيفات بقيمة 6 مليار دولار. المطلوب من مصرف لبنان كودائع قيمتها حسب الفوائد المعمول بها في الأسواق وإذا الفوائد بين 17 و35 % القيمة الفعلية للودائع كانت ستكون أقل”، مردفًا: “ببلد لا صادرات فيه ولا مواد أولية العمل على تأمين استمرارية التمويل للبنان ليس بالعمل السهل ومع الوقت حتى من يتضايقون منا سوف يتفهمون فلبنان بإمكانه أن يقوم بسرعة لأن جزء كبير من اقتصاده يقوم على الخارج”.
ولفت إلى أن “ليست وظيفتنا الاستثمار بشركات طيران أو بإنترا أو غيرها واتخذت قرارات في مجلس الوزراء حيال هذا الموضوع والدولة تأخذ بموجبها حصتها من الضرائب”.
ورأى أن “محمد الحوت يقوم بعمل مميز في إدارة الميدل إيست وكازينو لبنان يعمل بشكل جيّد نسبة للوضع وتوزيع الأرباح يجب تخفيفه في الوقت الحاضر ولكن المساهمون يقررون”.
وكشف أننا “داخلون إلى مرحلة جديدة والنموذج سيتغيّر، فالتوسّع للمصارف في الخارج سيكون أمام إعادة نظر وستقوم المصارف بإعادة تموضع داخل لبنان”، متابعًا: “لبنان بحاجة لدعم خارجي والدعم قد يأتي من دول سيدر ولكن لديهم شروط والدول الصديقة للبنان ومنها الدول العربية بإمكانها مساعدة ومساندة لبنان ونحن نحاول الحفاظ على الهيكل من دون أن ينهار”.
وختم: “25 سنة من استقرار الليرة والسوق ليست وهمية وليست سحرية والاستقرار سيتسمر ولكن القرار هو بيد الدولة اللبنانية فاستقرار سعر الصرف يكلّف أقل على لبنان من ترك السوق “يفلت” ونحن بحاجة لركائز للثقة في لبنان ومن بينها استقرار الليرة”.