إذا لم يطرأ طارئ في الساعات المقبلة- باعتبار أن الحكومة تسير وسط حقل ألغام أبناء “البيت الواحد” تُضاف إليه ألغام الإقليم التي انفجر بعضها إحداها على أرض العراق مع مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، فإن حكومة الرئيس المكلّف حسان دياب في المخاض الأخير قبل الولادة خلافًا للأجواء السلبية التي خيّمت في الأيام الماضية وعززّها موقف الرئيس نبيه بري الذي نسف جهود التأليف بدعوته إلى تشكيل حكومة لمّ شمل لا تختلف عن سابقتها في الشكل والمضمون.
وهذا ما اكدته مصادر مقرّبة من “حزب الله” لـ”المركزية” بقولها “بإن الأجواء إيجابية والدخان الأبيض قد يتصاعد في الساعات القليلة المقبلة وفق صيغة الثمانية عشرة وزيرًا التي اتّفق عليها الرئيسان ميشال عون وحسان دياب وثبّتاها في لقائهما الأخير في قصر بعبدا”.
ولفتت إلى أن “اتّفاق الرئيسين عون ودياب كرّس وزارتي الاقتصاد لدميانوس قطّار الذي رشّحه الرئيس المكلّف والخارجية للسفير ناصيف حتّي، وبذلك تُصبح مراسيم صدور الحكومة قاب قوسين أو أدنى”.
لكن لماذا تبدّلت الأجواء من سلبية إلى إيجابية بشكل دراماتيكي؟ المصادر أوحت بوجود “اشتباه” بنقل معلومات غير متكاملة بين الرئاستين الأولى والثانية والثالثة كان بنتيجتها أن تراجعت أسهم التشكيل في الأيام الماضية إلى الصفر وسط اتّجاه الرئيس المكلّف إلى الاعتذار عن المهمة. إلا أن اجتماعات واتصالات تمت بين المعنيين بالتشكيل في الساعات الفائتة، بددت وفق المصادر هذه الفرضية بعدما تبيّن أن “سوء توزيع معلومات” حصل بسبب معطيات لم تحصل بعد، فكان أن تم تثبيت الاتّفاق على حكومة اخصائيين من 18 وزيرًا كما كان مطروحًا منذ اليوم الأوّل على تكليف دياب”.
وإذا لم يطرأ طارئ وسلك هذا الاتّفاق بين المعنيين بالتشكيل طريقه نحو التنفيذ، ستُبصر الحكومة المُنتظرة النور في الساعات المقبلة بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على تكليف الرئيس حسان دياب. ويبقى أن يُكمل الثنائي الشيعي عقد الحكومة بتسليمه أسماء وزرائه الأربعة إلى دياب ليتم إسقاطهم على وزارات المال، الصناعة، الزراعة والصحة. وفي السياق لفتت المصادر المقرّبة من “حزب الله” إلى أن “الثنائي سيُسلّم أسماءه وزرائه في الساعات المقبلة”.
ومع أن كلام الرئيس بري “المُفاجئ” خلال لقاء الأربعاء النيابي عن حكومة لمّ شمل وطنية جامعة، أوحى بأنه “نسف” لجهود الرئيس المكلّف لتشكيل حكومة اختصاصيين نادى بها منذ اليوم الأول، ومقدّمة لعودة الرئيس سعد الحريري إلى المشهد الحكومي من بوّابة تصريف الأعمال تمهيدًا لإعادة تكليفه مهمة تشكيل حكومة “لمّ الشمل”، غير أن مستجدات الساعات القليلة الماضية عكست صورةً مغايرة تمامًا، وأن مشوار الرئيس المكلّف لم ينتهِ كما ذهبت التحليلات والقراءات وإنما سيتوّج بدخوله “شرعيًا” نادي رؤساء الحكومات.
هذا ما أكّدته المصادر المقرّبة من الحزب، بقولها أن “الرئيس المكلّف لن يتراجع ولن يعتذر عن مهمة التشكيل كما يشتهي البعض، أما الكلام عن عودة الرئيس سعد الحريري إلى المشهد الحكومي غير وارد وهو أصلًا أعلن أنه لن يعود إلى السراي الحكومي إلا إذا تحققت مطالبه المعروفة منذ استقالته. واليوم لم يتغيّر شيء حتى يعود ويقبل بمهمة تشكيل الحكومة”.
وأوضحت المصادر “ألا تباين في وجهات النظر بين الثنائي الشيعي في مسألة اعتذار دياب وإعادة تكليف الحريري كما يصوّر، وإنما نظرية التكامل مئة بالمئة غير واردة وهو ما ظهر في استحقاقات عديدة، حيث كانت وجهات نظرهما متباينة وهذا أمر طبيعي، لكن في الأمور الاستراتيجية فهما متوافقان تمامًا”.