كتب رضوان مرتضى في “الاخبار”:
لم يكد يصدر القرار القضائي في قضية جمعية «رسالة حياة»، حتى سارعت الجمعية إلى غسل يديها من الاتهامات الموجهة إليها عبر إصدار بيان لتحريف ما ورد من وقائع في القرار الذي أصدرته المحامية العامة التمييزية كارلا قسيس في التحقيق باتهامات التحرش والضرب والاتجار بالأطفال ومخالفة قرار قضائي.
حاولت الجمعية إيهام الرأي العام، بخلاف الواقع، بأنّها بُرّئت من الاتهامات التي نُسبت إليها، علماً بأنه جرى الادعاء على أفراد من الجمعية بجرم التحرش بقاصر ومخالفة قرار قضائي. كما تبيّن من القرار حصول ضرب للأطفال بحسب إفادات الشهود والأطفال. ولم تختم النيابة العامة التحقيق بشبهة الاتجار بالأطفال. إذ إن القاضية قسيس قالت في قرارها إنه بالاستناد إلى إفادات الشهود لم يثبت حصول الاتجار بالأطفال، لكون العائلات التي تبنت الأطفال نفت دفعها المال مقابل التبنّي. وهذا أمر طبيعي. إذ إن أحداً من العائلات لن يعترف بدفع المال للتبني. لذلك رأت القاضية أن هذه النقطة تستوجب التوسع في التحقيق، وطلبت من هيئة التحقيق الخاصة الكشف على حسابات الجمعية في المصارف والتأكد من مصادر الأموال المودعة فيها.
انطلقت القاضية قسيس من إفادات الشهود والأطفال والعائلات ومندوبي الأحداث للتثبت من وقائع التحقيقات والاعترافات في قضية «Mission De Vie».
ففي الاتهامات بحصول التحرش الجنسي، تبين من إفادتي كل من ا. م. وي. ز. والفتاة التي يُعتقد أنها كانت ضحية تحرش، أن الأخيرة كررت تفاصيل ما ذكرته سابقاً عما يُظن أنه فعلها بحقها أحد العاملين في الجمعية، (ي. ب.). وذكرت القاضية قسيس أن مجلس المشورة في الجمعية اتخذ إجراءات يومها، إذ عقد لقاء بين الفتاة و«الأخ»، وتم «الاعتذار المتبادل» وتقرر تقليص مهمات الأخير من مساعد مسؤول عن الشبيبة وحصره بالصيانة، وتأجيل «نذوره الأبدية» سنة. ورأت القاضية أنه إن كان هذا التدبير لا يثبت بشكل حازم حصول الحادثة، إنما له دلالته كونه جاء نتيجة التئام مجلس المشورة، ما يعزز الشك في ذلك.
أما بخصوص التحقيق بجرم الضرب والإيذاء، فذكرت القاضية أنه لدى الأخذ بإفادة مجموعة من الأطفال من قبل المباحث الجنائية، بحضور مندوبتَي أحداث بعبدا وبيروت، كرروا إفاداتهم السابقة وأكدوا عليها. فالعاملة في الجمعية، «الأخت م.»، كانت تضرب الأولاد، وخاصة مفرطي الحركة، لكنها اعتبرت فعلها لا يرتقي الى مرتبة الجرم الجزائي، واضعة هذا الأمر في اختصاص قاضي الأحداث الذي أدان الجمعية بموجب قانون حماية الأحداث.
كذلك أشارت القاضية إلى مخالفة القانون بعدم تنفيذ قرار قضائي، مشيرة إلى صدور قرار قضائي بتاريخ ٦/١٢/٢٠١٩ عن قاضي الأحداث في جبل لبنان تضمّن نقل المطلوب حمايتهم ومن ضمنهم الطفلان ا. وج. بواسطة مكتب حماية الأحداث، إلا أن الجمعية امتنعت عن التنفيذ وفقاً لإفادة «الأخت م. ي.»، ما يعني مخالفة المادة ٣٨٠ عقوبات التي تنص على الحبس شهراً على الأكثر وبالغرامة حتى ١٠٠ ألف ليرة.
أما في جرم الإتجار بالبشر، فقد تم التحقيق مع كل العائلات التي استكملت معاملات تبني الأولاد الموجودين لدى جماعة «رسالة حياة». وذكرت القاضية قسيس أنه تبين لها أن جرم الإتجار بالأولاد غير ثابت، ولا سيما أن العائلات نفت بشكل قطعي دفعها أي مبالغ نقدية أو مساهمات مقابل التبني. ورأت أنّ هذه النقطة تقتضي التوسع بالتحقيق لتخلص الى اقتراح النظر في حسابات الجمعية في المصارف استكمالاً لملف الاتجار بالأطفال وإحالة الأوراق الى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان. كما طلبت الادعاء على «الأخ ي. ب.» بجرم المادة ٥١٩ عقوبات (فعل مناف للحياء بقاصر). وطلبت الادعاء على جمعية «رسالة حياة» و«الأخت م. ي.» بجرم المادة ٣٨٠ عقوبات لمخالفة قرار قضائي بتسليم الأطفال، علماً بأن الجمعية نفسها قد أدينت بجرم تبديل طفلين بموجب قرار صادر عن القاضي المنفرد الجزائي الناظر في قضايا جنح الأحداث في جبل لبنان.