قبل ايام قليلة، أوفد رئيس الجمهورية المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الى عين التينة حاملاً الى رئيس المجلس طرحاً بتشكيل حكومة سياسية كاملة. الّا انّ بري لم يحبّذ هذا الامر، بل خَفّف من هذا الطرح مقترحاً تشكيل حكومة تكنو-سياسية، تضم سياسيين واختصاصيين، تملك من جهة قدرة مواجهة الازمة الاقتصادية والمالية التي تتدحرج بشكل شديد الخطورة، ومن جهة ثانية، القدرة على مواجهة التحديات الاقليمية وتداعيات اي توتر يحصل فيه. علماً انّ طرح الحكومة التكنو-سياسية لطالما نادى به برّي منذ ما قبل تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة، حيث عرضه مباشرة مع الرئيس سعد الحريري عشيّة الاستشارات النيابية الملزمة رافضاً طرحه تشكيل حكومة اختصاصيين، وكذلك عرضه مع سائر الاسماء التي طرحت لرئاسة الحكومة كبهيج طبارة ومحمد الصفدي وغيرهما.
بعد هذا اللقاء عاد ابراهيم بطرح بري الى رئيس الجمهورية، ولم يمانع، فأبلغ بري بذلك، وكذلك تم ابلاغ الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله بهذا التوجّه فوافق، وكذلك الامر بالنسبة الى رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل.
الّا انّ أمراً قد حصل في هذه الاجواء واحدث تغيّراً في الصورة، حيث حمل الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية مسودة حكومة اختصاصيين، من دون سياسيين، وتتضمن اسماء محسوبة على سياسيين، وناقصة فقط اسماء 3 وزراء شيعة، وتتضمن في الوقت نفسه خريطة توزير تظهر احجاماً تفقد التوازن في الحكومة لمصلحة طرف وحيد (التيار الوطني الحر).
هذا التوجه، كما تفيد الرواية، هو الذي دفع رئيس المجلس الى رفع الصوت الاعتراضي، والتأكيد صراحة «انّ الحكومة بالصيغة التي يركبونها فيها، لستُ مقتنعاً بها بأي شكل من الاشكال»، وبالتالي الاصرار على حكومة «لَم شَمل» تكنو-سياسية، تُوجِب الاتصال بكل الاطراف للمشاركة فيها، ومن يقرر عدم المشاركة فهذا شأنه، ذلك انّ المطلوب الآن هو حكومة إنقاذية للبلد، وليتمّ الكَف عن إطلاق تسميات للحكومة، المهم انّ البلد يحتاج الى حكومة والازمة تنحدر نزولاً اكثر فأكثر نحو الهاوية.