منذ أسابيع والثوار في لبنان يحاصرون عددا كبيراً من المسؤولين ويحرجونهم في كل مرة يلتقون بهم في أماكن عامة كالمطاعم والمقاهي والمراكز التجارية وغيرها. عدد كبير من المسؤولين لم يسلم من قبضة الثوار اعتراضاً على الأداء المخزي والمخيّب، وكان المسؤولون يتقبلون ما يحصل أو يمتعضون منه وتنتهي القضية. لا بل إن ما حصل مع عضو كتلة المستقبل النيابية النائب سامي فتفت يُعتبر مثالاً في تقبّل الإرادة الشعبية، إذا إن النائب فتفت، وبعدما اعترض الثوار على وجوده برفقة زميله النائب طارق المرعبي في أحد مطاعم العاصمة، ورغم أنه لم تحصل مواجهة كما مع بقية السياسيين والمسؤولين، إلا ان فتفت غرّد وقال: “بصراحة لا تستطيع أن تكمل الأمور بهذه الطريقة. ثمة قسم كبير من الشعب يعتبر أننا كنواب فقدنا شرعيتنا. الحل الوحيد المتاح اليوم الذي يمكن أن نقدمه هو انتخابات مبكرة بقانون انتخابي عادل، فإما نؤكد شرعيتنا وإما نسقط ونعود الى منازلنا ويتم إفراز طبقة سياسية جديدة تدير البلد”!
المفارقة الوحيدة التي حصلت من خارج السياق في مواجهات الثوار مع المسؤولين كانت بعدما طرد الثوار وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس من مركز “إيشتي” في جل الديب، عمد مناصرو “المردة” بشكل وقح وسوقي إلى مهاجمة الثوار بأبشع الطرق عبر مواقع الواصل الاجتماعي، وعمدوا إلى إهانة “الصبايا” من الثوار وتهديدهن بشكل غير مسبوق وتوجيه أقذع الإهانات مع صورهن، بما يستوجب تحرّك القضاء المختص ومكتب مكافحة جرائم المعلوماتية إزاء هذه الإهانات والتهديدات المباشرة والعلنية.
ويبقى السؤال: هل تكون الثورة مشروعة عندما تهاجم وزير الخارجية جبران باسيل وتفقد شرعيتها عندها تهاجم وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس؟! ولماذا لا يتقبّل مناصرو “المردة” انتقاد أداء المسؤولين من تيارهم، وخصوصا أن جميع اللبنانيين يلمسون لمس اليد الفضائح المتعلقة بأداء وزارة الأشغال العامة، إضافة إلى أن “المردة” شركاء في السلطة منذ العام 1990 وحتى اليوم، وبالتالي شركاء في الفساد المتراكم، ولا حاجة لتذكيرهم بكل “الإنجازات” من فضيحة توزيع 23 ألف رقم مميز للسيارات في استباحة فاضحة لوزارة الداخلية، وليس انتهاءً بالروائح المنبعثة من وزارة الأشغال العامة والنقل، بحيث بات يحق للبنانيين عموما والثوار خصوصاً أن يسألوا الجميع “من أين لكم هذا؟” وخصوصاً حين يشاهدون تنظيم حفلات أعراس أبناء بعض الوزراء والمسؤولين بتكلفة تتجاوز ملايين الدولارات… فهل تذكرون؟!