بشكل «مباغت» وبعد مسيرة احتجاجية حاشدة انطلقت السبت من الدورة إلى وسط البلد، عادت أمس، مجموعات المتظاهرين إلى الشارع بعنوان «تعبئة الساحات وعودة الثورة».
المشهد تبدّل، مشيراً إلى إمكان عودة الزخم، في الأيام المقبلة، إلى الشارع والانتفاضة الشعبية مع اقترابها من نهاية شهرها الثالث، وذلك بعد خفوت وهج الاحتجاجات وتراجعها الملحوظ في الأسابيع الماضية. العودة إلى الساحات أتت بعد ازدياد الوضع الاقتصادي سوءاً، وانعكاس الأزمة على الأحوال المعيشية للسكان، والتصاعد الدراماتيكي في سعر صرف الدولار وغلاء أسعار السلع، مع انكفاء السياسيين عن مخاطبة الشارع وتفرّد حاكم مصرف لبنان بالتصريح وإعادة التوضيح.
المحتجّون عادوا أمس إلى محيط ساحة النجمة وجسر الرينغ حيث قطعوا الطريق لبعض الوقت، وانتقلوا لاحقاً إلى منطقة الصيفي حيث سجّلت حادثة صدم. المعتصمون أعلنوا رفضهم لطريقة تشكيل الحكومة والاستمرار بمنطق المحاصصة وعرقلة التأليف، واعدين بالتصعيد الأسبوع المقبل وتفعيل حملة «مش دافعين» التي كانوا قد أطلقوها بوجه المصارف.
التجمعات لاحقت أيضاً بيوت السياسيين، وحطّت أمام منزل الوزير الذي كان اقتراحه بشأن فرض الضرائب على تطبيق الواتساب «سبباً في انطلاق الانتفاضة». أمام منزل وزير الاتصالات محمد شقير، هتف المحتجون وعقدوا مؤتمراً صحافياً متّهمين إياه بالفساد وهدر المال العام لتمديده «غير القانوني» للشركتين المشغّلتين لقطاع الخلوي «إلى أجل غير مسمّى» (انتهى عقدهما نهاية 2019)، بخلاف توصية لجنة الاتصالات والإعلام النيابية بعدم التمديد. المحتجّون دعوا إلى «مساءلة شقير ومحاكمته شعبياً وقانونياً»، ووعد محامون من الحراك بتقديم إخبار بحقّه إلى ديوان المحاسبة والنيابة العامة الماليّة.
مشهد ملاحقة السياسيين وطردهم من المطاعم والأماكن العامة تكرّر على أيدي ناشطين منفردين. وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس طُرد من أحد المحال التجارية في جل الديب، بعد سجال مع ناشطين. وحصل إشكال واعتداء بالضرب في أحد مطاعم الجميزة على ناشطين حاولوا منع النائبين سامي فتفت وطارق المرعبي من تناول الغداء. وفيما أعلن المحتجّون أن مرافقي النائبين وعمال المطعم نفّذوا الاعتداء، صرّح فتفت والمرعبي لاحقاً بأنهما كانا قد غادرا قبل حصول الإشكال، بينما اعتذرت إدارة المطعم («لا باريلا» ومطاعم «إم شريف») في بيان لها «لما حصل مع الثوار وتكفّلت بالمصاريف الطبية لعلاج المتضررين وتعهّدت بإنزال أشد العقوبات بالموظفين».
وفي الجنوب، ركّز الحراك أنشطته نهاية الأسبوع على القضايا المعيشية المرتبطة بانقطاع المياه والكهرباء وأزمة النفايات. في النبطية وصيدا وصور، انطلقت تظاهرات احتجاجاً على التقنين الكهربائي القاسي الذي تشهده بلدات الجنوب. اما صيدا، فقد خصصت تجمعاً إضافياً أمام معمل معالجة النفايات احتجاجاً على استمرار أزمة تراكم النفايات في محيط المعمل وانتشار الروائح الكريهة. وفي خطوة استثنائية، قام عدد من ناشطي اعتصام ايليا بقطع الطريق عند التقاطع ليل السبت الماضي لساعات عدة قبل ان يعاد فتحها. وأمام معمل الجية، نفذ «ثوار برجا» تجمعاً احتجاجاً على انقطاع الكهرباء. وإلى مرج بسري، عادت التجمّعات المدنيّة رفضاً لإنشاء السد واعتراضاً على تضرّر جزء من أقبية تراثية من العاصفة الأخيرة، نتيجة تأثّرها بالأعمال الجارية تحضيراً لإقامة سد في المنطقة.
وفي الشمال، نصبت عائلات من طرابلس والميناء وعكار خيماً في معرض رشيد كرامي الدولي، لخسارتها منازلها وعدم قدرتها على سداد إيجارات منازلها. أما في عكار، فاستمر المنتفضون في أنشطتهم، رغم موجة «الثورة المضادة» التي يقودها رجال دين ورؤساء بلديات ومرتبطون بالمحافظ عماد لبكي، وسط تحريض على المنتفضين من قبَل قيّمين على جمعيات يتم تمويلها من وكالة التنمية الأميركية وبعض المصارف، بعدما طرد المنتفضون المحافظ من مكتبه قبل أسابيع، وأزالوا لوحة «usaid» عن مبنى المحافظة، فضلاً عن نجاحهم في إجبار عدد من المصارف على إعادة أموال محجوزة لأصحابها. ويجري التحريض على المنتفضين تحت عنوان أنهم يتسببون في تعطيل الأعمال!