Site icon IMLebanon

صيدا تستعيد وهج تحركاتها الاحتجاجية.. وقد أُعذر من أنذر!

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

إستعاد “حراك صيدا” نبض شارعه الاحتجاجي بعد تسعين يوماً على انطلاقه، وأشعل في “أسبوع الغضبي الشعبي” وهج نشاطاته بعد فترة انكفاء نسبي وصفت بإنها استراحة محارب”، بانتظار ما ستؤول اليه التطورات السياسية على صعيد تشكيل الحكومة، الا ان الآمال جاءت مخيبة، فعادت التحركات الشعبية والطلابية الى بعض ساحات وشوارع المدينة وتوزعت على مرافق عامة ومؤسسات مصرفية تحت شعار “الثورة مستمرة”، مع الحفاظ على سلميتها وحضاريتها.

وكرس “الحراك” الصيداوي حضوره في “ساحة الثورة” عند “تقاطع ايليا”، التي غصت بحشود المحتجين، الذين نصبوا خيمة كبيرة وسط الطريق، واقفلوا مساربها بالعوائق الحديدية امام حركة السيارات بشكل كامل منذ ساعات الليل، وذلك وسط اجراءات امنية للجيش اللبناني، فعادت البوصلة لتوجيه التحركات انطلاقاً منها وانتهاء اليها، بعدما باتت مجموعة من الناشطين ليلتها فيها.

في الساحة، عادت الشعارات ترتفع في المكان كما في السابق، ناشطون يتحلقون داخل الخيمة، يتناقشون بخطة التحرك العاجلة، طلاب احتشدوا من بعض المدارس، جاءوا وملؤهم الحماسة والعزيمة، وناشطات جلسن وسط الساحة، على كراسٍ تحت أشعة الشمس الدافئة، يتبادلن اطراف الحديث وقولهن واحد “لن نستسلم هذه المرة، لقد نفد صبرنا، وضقنا ذرعاً بالمماطلة والتسويف، الامور تتجه نحو الاسوأ”. تقول الناشطة في الحراك ميادة حشيشو لـ “نداء الوطن”، “أزمة تلي أزمة، لم نعد قادرين على التحمل، نريد حقوقنا المشروعة، لديهم مهلة 48 ساعة من أجل تشكيل الحكومة.. وإلا سنقفل كل المرافق ونشل الحركة، وقد أعذر من أنذر”.

بينما تؤكد الناشطة ميرفت مزهر لــ “نداء الوطن”، ان الوضع العام بات مزرياً ومبكياً وفي صيدا خصوصاً، اليوم قررنا بدء “الاعتصام المفتوح” في “ساحة الثورة”، وبعد انقضاء المهلة قد نلجأ الى “الاضراب المفتوح”، لإجبار المسؤولين على تحقيق مطالبنا العادلة، لم يعد لدينا شيء نخسره، والمسؤولون لا يشعرون بجوع الفقراء واصحاب الدخل المحدود، “اتفقوا على ألا يتفقوا لمصلحة البلد”، بل “اتفقوا على أن يتفقوا علينا فقط”، يا ويلهم من حساب الشعب العسير اذا انفجر غضباً وفي الوقت القريب”.

عند أحد ارصفة الساحة، جلست الناشطة ريان كالو تراقب المشهد، وقد كتب خلفها شعار”ثورتنا طبقية، باعوا البلد، وصيتنا اتحدوا”، جاءت تحث الخطى مسرعة لتتضامن مع “الحراك”، بل “مع نفسها” كما تقول لــ “نداء الوطن”، وهي التي ذاقت المرارة والويل في “مستشفى صيدا الحكومي” من أجل قبض الرواتب المتأخرة، تقول: “نزلنا اليوم حتى نؤكد للسلطة الفاسدة اننا مستمرون بالدفاع عن حقوقنا ومطالبنا، وأن الشعب لا يموت، وما نطالب به هو لنا ولأولادنا، وقد وصلنا الى مرحلة بات فيها الموظف يستجدي رب العمل لقبض راتبه الشهري، وهو لم تعد له قيمة شرائية امام ارتفاع سعر صرف الدولار الاميركي، يعني بتنا فقراء، نحن مستمرون بالحراك والمواجهة والانتقال الى مرحلة جديدة من التصعيد، مع الحفاظ على السلمية التي تعني اصرارنا على الحفاظ على البلد ومواجهتنا تعني اصرارهم على تدمير البلد وتهجيرنا منه تحت شعارات مختلفة”.

ومن داخل الساحة، إنطلق “المحتجون” صباحاً في مسيرة راجلة، بعدما انضم اليهم عشرات الطلاب من مدارس رسمية وخاصة مختلفة، ملبين نداء “الحراك” وهم يهتفون شعارات تؤيد الثورة الشعبية، فنظموا وقفات احتجاجية امام بعض المؤسسات العامة وأغلقوها لبعض الوقت، ولا سيما مؤسسة كهرباء لبنان ومؤسسة مياه لبنان الجنوبي ومركز “اوجيرو”، ناهيك عن عدد من المصارف ومحلات الصيرفة، فيما كانت الوقفة الاحتجاجية البارزة امام فرع مصرف لبنان، احتجاجاً على سياسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وادارة المصارف، وتدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع سعر صرف الدولار، حيث سجل اليوم لدى الصرافين 2500 ليرة، وقام عدد منهم بتسلق البوابة الحديدية للمصرف، فيما افترش آخرون الارض، وتم قطع الطريق جزئياً في المكان وذلك وسط انتشار الجيش اللبناني. ولم تخلُ الوقفات من تلاسن وخلاف، فوقع اشكال في شارع “رياض الصلح” الرئيسي بين بعض المحتجين والقوى الامنية، على خلفية محاولة اقفال محال الصيرفة لمنعهم من بيع الدولار بالسوق السوداء، واجبارهم على بيع الدولار بالشكل الرسمي، وعلى الاثر انتشرت العناصر الامنية امام المحال التي عمد اصحابها الى اقفالها لبعض الوقت قبل ان تتم اعادة فتحها.

وجاءت هذه الوقفات استكمالاً لقيام المحتجين فجراً، باقفال بوابات شركة “الكهرباء والمياه ومركز اوجيرو” بالجنازير، ايذاناً ببدء “يوم الغضب الشعبي” بعد ليل متوتر بدأ من “ساحة الثورة” بنصب خيم واغلاق المسارب، قبل ان يقع اشكال مع القوى الامنية وتدحرج الى قطع الطرق ومنها على الاوتوستراد الشرقي (بوليفار الدكتور نزيه البزري)، ومستديرة مرجان والقياعة والبوابة الفوقا، وتخللته اشكالات متفرقة مع القوى الامنية وتدافع وتدافش، أدت في حصيلتها الى سقوط خمسة جرحى وتوقيف ناشطين اثنين لبعض الوقت قبل اطلاق سراحهما، وسط دعوات للنزول الى الشارع واستكمال التحرك احتجاجاً على تردي الأوضاع في البلاد والمماطلة في تشكيل حكومة تلبي مطالب الحراك.