كتبت فاتن الحاج في “الاخبار”:
تبدأ الرقابة على المدارس الخاصة المجانية باكراً هذا العام. غداً، يباشر جهاز التوجيه والمراقبة التابع لمصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية أعمال التدقيق في البيانات الإحصائية، كشرط أساسي لحصول هذه المدارس على المساهمة المالية من الدولة، والتي بلغت 90 مليار ليرة في مشروع موازنة العام 2020.
مرسوم إنشاء هذه المدارس ربط إعطاء المساهمة بتوافر رقابة إدارية ومالية من وزارة التربية والتفتيش المركزي، إلا أنه لم يحدد مواعيد التدقيق، وإن كانت المهمة تحصل عادة بين أواخر شباط وأوائل آذار.
إلاّ أنّ المفارقة، هذا العام، أن التدقيق يسبق تسليم إدارات المدارس اللوائح الإسمية لمصلحة التعليم الخاص، بعدما مدّد وزير التربية المهلة شهراً إضافياً، من 20 كانون الأول (الموعد المحدد في المرسوم) الى 20 كانون الثاني، لأن مدارس عدة لم تتمكن من فتح أبوابها وقتاً طويلاً، ولم تستطع تقديم بياناتها في الموعد القانوني.
بحسب مصادر إدارية، يعزز ذلك التشكيك بالتدقيق وامكانية إضافة أسماء لتلامذة وهميين بعد عودة جهاز الوزارة من المدارس، لا سيما أن العملية تجري مرة واحدة كل عام.
في الأساس، تحوم الشبهات حول الملف لجهة نيل المراقبين رشاوى مقابل التغطية على التلاعب بأعداد التلامذة وغضّ الطرف عن أسماء وهمية أو تسجيل مزدوج لتلامذة في المدارس المجانية والمدارس الرسمية في آن، ما جعل عدداً كبيراً من المدارس يستفيد من أموال عمومية في مقابل نوعية تعليم سيئة.
المصادر تسأل عن الترجمة العملية لما تعهد به رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان أثناء نقاش موازنة وزارة التربية في كانون الأول الماضي: «…اذا ضبطت هذه المدارس (المجانية) وقام التفتيش التربوي بعمله وحدّد الوهمي منها، والاعداد الزائدة عن الوضع الطبيعي من بينها، يمكن وقف الهدر. ولن نقبل بعد اليوم بأن نصدر توصيات في المجلس النيابي، ليتبيّن ان المسائل مستمرة كما هي من سنة الى سنة، والسلطة التنفيذية لم تتخذ الاجراءات اللازمة بشأنها».
ويمثل التعليم المجاني اليوم 12.5% من التعليم في لبنان، إذ بلغ عدد المدارس 361 مدرسة تضمّ نحو 140 ألف تلميذ، بحسب آخر إحصاء للمركز التربوي للبحوث والإنماء للعام الدراسي 2019 – 2020. علماً أنّ عدد تلامذة المدرسة الخاصة المجانية يحدد في قرار منح الإجازة، ولا يجوز للمدرسة أن تتخطاه. إلا أنّ عدداً من الإدارات استفاد في السنوات السابقة من موافقات استثنائية صادرة عن وزراء التربية المتعاقبين، بحجة توافر مساحات لدى هذه المدارس. ولم يتبلغ التفتيش التربوي حتى الآن أي تعديل على نوع الرقابة التي يقوم بها عادة في الشهر الأخير من العام الدراسي بعد أن تحال إلى التفتيش المركزي تقارير جهاز الوزارة. وتقول مصادره إنها رقابة غير مجدية، بحيث تُختار عينة عشوائية غير ممثلة وتكون نصف الصفوف قد فرغت بسبب تفرّغ الطلاب للتحضير للامتحانات النهائية والامتحانات الرسمية أو القيام بنشاطات ترفيهية. وهي تقترح إخضاع المدارس الخاصة المجانية، الممولة من الدولة، لرقابة تربوية ومالية مستمرة على مدار العام الدراسي، أسوة بالمدارس الرسمية.
يذكر أنّ قرار مجلس الوزراء 20/1995 ينص على أنه «لا تدفع المساهمة إلّا بعد تأكد التفتيش المركزي من عدد الطلاب في كل المدارس المذكورة».