كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
كثيرة هي الأدلة والاثباتات التي تدل على أنّ مشاورات التأليف قفزت فجأة إلى المربع الأخير، قبيل خروجها إلى النور. فيما تبدو مهلة الـ48 ساعة التي منحها الشارع لرئيس الحكومة المكلف حسّان دياب، وكأنها حُددت في “ميزان الذهب”!
فعل تدخل “حزب الله” فعله، ودفع بالحلفاء إلى التعامل بواقعية مع الأزمة السياسية – الاجتماعية – المالية – الاقتصادية الأخطر التي تضرب البلاد، من خلال اعتبار خيار دياب أفضل الحلول الموجودة، لا بل قد يكون الخيار الوحيد المتوافر. ولذا لا بدّ من تدوير الزوايا.
صحيح أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس “الوطني الحر” جبران باسيل اعتقدا في لحظة انقلابية أنّ تطيير دياب ممكن ومتاح اذا ما تمّ ابلاغه أنّه لم يعد مرغوباً به في مدار التكليف، لكن تمسك الرئيس المكلف بالصلاحيات التي يمنحه اياها الدستور، واستحالة حياكة فتوى دستورية من شأنها تعريته من عباءة التكليف، أعاد الأمور إلى حيث بلغت المفاوضات وفق قاعدة: دياب أو الفوضى.
ولهذا أعيد تحريك مياه مشاورات التأليف بحثاً عن صيغ مشتركة تساعد على تسريع ولادة الحكومة في وقت راحت الفوضى في الشارع تداهم ما تبقى من هيكل الدولة واستقرارها وهيبتها، بعدما أبدى كل من بري ودياب وباسيل استعداداً لتذليل العقبات ورفع العوائق أمام توجّه الحكومة العتيدة إلى مجلس النواب طلباً للثقة.
وبالفعل، أكد العاملون على نقل الرسائل بين المقار الثلاثة أنّ تقدماً ملحوظاً شهدته الساعات الماضية، فيما يفترض أن تكون الساعات المقبلة حاسمة في رسم مسار الحكومة، خصوصاً اذا ما ترجمت النوايا الطيبة بخطوات ايجابية جدية من شأنها أن تسرّع من توثيق مراسيم التأليف.
بهذا المناخ، اعتبر اللقاء الذي جمع بري بباسيل ايجابياً كونه ساهم في توضيح بعض الالتباسات، وتحديداً في ما يتصل ببعض الأسماء وما اعتبر ثلثاً معطلاً وضعه دياب في جيب باسيل الأمر الذي أثار استياء رئيس مجلس النواب ودفعه إلى رفع صوته اعتراضاً.
يقول المواكبون لمسار التأليف إنّ المساعي المستجدة أفضت أولاً إلى فضّ الخلاف الذي وقع بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس بري، وثانياً إلى تثبيت، دياب في رئاسة حكومة من الاختصاصيين بعد اسقاط مشروع الحكومة التكنو سياسية. فيما تُركت التفاصيل الأخيرة للساعات المقبلة.
ومقابل تأكيد المطلعين على موقف دياب، أنّ رئيس الحكومة المكلف متمسك بالمعادلة التي وضعها لحظة تسميته، القائمة على أساس تأليف حكومة من 18 اختصاصياً من غير الحزبيين، وهو لم يتراجع عن هذا الخيار، يشير المطلعون على موقف بري إلى أنّ خيار توسيع الحكومة ليصير عديدها من 20 وزيراً، لا يزال مطروحاً.وهنا يتردد أنّ رئيس المجلس سيحاول استثمار الأمتار الأخيرة لفرض سيناريو “التضخّم الحكومي” (اضافة وزير درزي وآخر مسيحي) من باب رفع حصّة “المردة” إلى وزيرين، وضمّ “التقدمي الاشتراكي” إلى نادي حكومة الاختصاصيين بعدما سمى رئيس الحزب وليد جنبلاط علناً وليد عسّاف ليكون ممثلاً للطائفة الدرزية، مع العلم أنّ رئيس “التقدمي” أبلغ مفاوضيه أنّ السير بمرشحه للتوزير قد يدفعه إلى الانضمام إلى “قافلة” مانحي الثقة للحكومة العتيدة، وذلك بمسعى من “صديقه” رئيس مجلس النواب، لكن عاد واستقبل جنبلاط عساف “مقدّراً موقفه بعدم المشاركة بالحكومة” بحسب بيان مفوضية الإعلام في “التقدمي”، ما يعني سقوط صيغة الـ 20 وزيراً. ورغم ذلك، يعتبر بعض المواكبين لحركة الاتصالات أنّ رغبة بري بتوسيع الحكومة هي أيضاً من باب رفع سقف المفاوضات لتحسين شروطه خصوصاً أنّ “حزب الله” يستعجل تأليف الحكومة لوقف الانهيار ومن دون تزكية أي صيغة على حساب أخرى، ويفترض أن يضع اللقاء الذي سيجمع بري ودياب اليوم، اللمسات الأخيرة على المسودة النهائية قبل توجه رئيس الحكومة المكلف إلى قصر بعبدا لعرض تشكيلته.
ولكن قبل التوجه للقاء بري، أنهى دياب مشاوراته مع رئيس “التيار الوطني الحر” التي كانت عالقة عند طبيعة الحقيبة التي ستسند إلى دميانوس قطار بعد اخراجه من وزارة الخارجية، مقابل اصرار “التيار” على اسناد حقيبة الاقتصاد لشخصية غير قطار الذي يرفض رئيس الحكومة التخلي عنه واخراجه من الحكومة حتى لو شكّل الأمر حساسية لباسيل. وبالفعل، نجحت مساعي الصديق المشترك، المهندس شادي مسعد، والتي انتهت مساء أمس في تثبيت توزير قطار بعدما اسندت إليه حقيبة العمل، وتسوية كل النقاط العالقة.
ومن بورصة المرشحين حتى مساء أمس: قطار (العمل)، ناصيف حتي (الخارجية)، طلال اللادقي (الداخلية بانتظار رأي بري)، ميشال منسى (الدفاع ونائب رئيس الحكومة)، ريمون غجر (الطاقة)، ماري كلود نجم (العدل)، منال مسلّم (البيئة)، آلان بيفاني (اقتصاد)، وأيضاً أسماء: طلال حواط، طارق مجذوب، لميا يمين الدويهي، رمزي مشرفيه وغازي وزني.