بقدرة قادر على ضبط الإيقاع و”رصّ الصفوف”، أعاد “حزب الله” نفخ الروح في مولود 8 آذار الحكومي بعدما كان على شفير إخضاعه إلى عملية إجهاض تحت وطأة تناتشه من قبل الحلفاء واختلافهم على جنسه وشكله ولونه وتكوينه، ليعود ويفرض عليهم الدخول في عملية ولادة قيصرية من شأنها أن تفضي إلى أن تبصر حكومة حسان دياب النور خلال فترة زمنية قصيرة لا تتعدى مطلع الأسبوع المقبل. ولضمان حُسن سير الولادة الحكومية أوكلت مهمة “تنظيم الخلاف” إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري إثر لقاء المصالحة والمصارحة بينه وبين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، على أن يخضع الرئيس المكلف اليوم إلى امتحان اللمسات الأخيرة على “وليمة” الحصص والحقائب التي يقيمها بري له، وفي ضوء نتيجة الامتحان يتلمّس دياب صدور “مراسيم عين التينة” وإعطاءه الضوء الأخضر لولادة حكومته إيذاناً بصعوده بعدها إلى قصر بعبدا لوضع رئيس الجمهورية في محصلة اتفاقه مع بري وجدولة عملية الإعلان عن التشكيلة الحكومية العتيدة.
وعشية اجتماعي “عين التينة” و”قصر بعبدا” المرتقبين اليوم، أشاعت مصادر قيادية في 8 آذار اجواء إيجابية تؤكد دخول مفاوضات التأليف ربع ساعتها الأخير، مؤكدةً أنّ “حزب الله” لعب دوراً محورياً في تذليل عقبات التأليف من خلال دفعه باتجاه زيارة باسيل “عين التينة” للاتفاق مع بري على وقف التصعيد وتهيئة الأرضية لتشكيل الحكومة في أقرب وقت، وصرف النظر عن إعلان رئيس “التيار الوطني” مسألة المقاطعة الحكومية، وفي هذا السياق تنقل المصادر عن بري قوله خلال اللقاء لباسيل: “إنتو شو عم تعملوا؟ لا يمكن لفريق رئيس الجمهورية الوقوف في صفوف المعارضة وعدم المشاركة في حكومة دياب، فكيف لرئيس الجمهورية أن يوقّع مرسوم تأليفها ولا يشارك فيها؟ أنا بإمكاني عدم المشاركة لكن أنتم لا يمكنكم… هذا غير منطقي”.
وبحسب المعلومات، فإنّ بري وبعدما كان طيلة الأسبوع الماضي يرجئ مسألة تحديد موعد لدياب، عاد فدعاه إلى مأدبة غداء اليوم للتداول في مستجدات الصيغة الحكومية المرتقبة، على أن يحاول رئيس المجلس إقناع الرئيس المكلف بتوسيع التشكيلة إلى 24 وزيراً “لضرورات تمثيلية”، غير أنّ مصادر مطلعة أكدت أنّ هذه المحاولة في حال تعثرها لن تؤدي إلى الإطاحة بالحكومة بعد الاتفاق على معظم الخطوط العريضة لولادتها لا سيما مع باسيل الذي سينال “حصة الأسد” فيها فضلاً عن نجاحه في إخضاع دياب لشرط استبعاد دميانوس قطار عن حقيبة الخارجية إلى وزارة العمل باعتبارها لا تمسّ بحصة “التيار الوطني” في التركيبة التحاصصية.
وإذا كانت السلطة قد حظيت بنصيبها من التوبيخ الأممي على أدائها المتخاذل في حل الأزمة المستفحلة في البلد، من خلال الرسالة القاسية التي وجّهها أمس ممثل الأمين العام للامم المتحدة يان كوبيش إلى المسؤولين اللبنانيين ناقلاً “رسالة نيويورك” بضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة والشروع في الاستجابة إلى مطالب الشعب، فإنّ المشهد الميداني لا يزال على حاله لناحية استخدام القوة المفرطة في قمع المتظاهرين لا سيما مساءً في بيروت أمام “ثكنة الحلو” وفي زحلة وجونية، ما أسفر عن سقوط عشرات الجرحى في صفوف المتظاهرين والمصوّرين والصحافيين. وعُلم في سياق متصل بموقعة “ثكنة الحلو” التي شهدت أعنف مواجهات بين قوى مكافحة الشغب والمحتجين على التوقيفات التي طالت مواطنين على خلفية حادثة الاعتداء على المصارف في شارع الحمرا ليل أمس الأول، أنّ الاتجاه هو نحو الإفراج عن معظم هؤلاء الموقوفين باستثناء المعتدين على عناصر القوى الأمنية، في حين تم الإيعاز لشعبة المعلومات بالقيام بالتحقيقات اللازمة حيال مجريات الأحداث، على أنّ مسار التحقيق مع الموقوفين استغرق بعض الوقت ربطاً بحاجة المحققين إلى تفريغ كاميرات المراقبة وقراءة بياناتها لتبيان المعتدين وفصلهم عن المتظاهرين الذين لا يثبت تورطهم بأي اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.