Site icon IMLebanon

حكومة سياسية بقبّعات تكنوقراط قاب قوسين من الولادة

 

ما لم تطرأ مفاجأة «الدقائق الخمس الأخيرة»، يفترض أن يتم اليوم أو غداً على أبعد تقدير، استيلاد الحكومة الجديدة في لبنان التي ستواجه فور صدور مراسيمها امتحان «العبور» المزدوج في الشارع المُنْتَفِضِ الذي عاد في اليومين الماضييْن إلى «سلاحه الشعبي» حمايةً لمعاييره لتشكيلةٍ «من الاختصاصيين المستقلّين تمهّد لانتخابات نيابية مبكّرة»، وأمام المجتمع الدولي الذي «يراقب» عن كثب مدى «مطابقتها» لمواصفاته التي تبدأ بـ «التعبير عن تطلعات اللبنانيين والتمتع بالصدقية والتزام إجراء الإصلاحات الاقتصادية – المالية»، ولا تنتهي بـ «تحييد البلاد عن التوترات والأزمات الاقليمية».

وشهد يوم أمس بَلْورةً أكبر للمناخات الإيجابية التي دَهَمَتْ جبهة التأليف عشية مرور شهر على تكليف حسان دياب، من ضمن دينامية مفاجئة فَرَضتها استعادة «ثورة 17 أكتوبر» عَصَبَها الشعبي مع مَظاهر غضبٍ يشي بتشظياتٍ قد «تخرج عن السيطرة»، إلى جانب «الرسائل القاسية» حيال التأخير في تشكيل الحكومة والتي ما انفكّ المجتمع الدولي يوجّهها علناً وضمناً إلى «السياسيين النائمين» فيما البلاد تواجه الانهيار المالي – الاقتصادي.

وتَقاطَعَتْ المعطياتُ والمعلوماتُ في الساعات الماضية عند أن الملف الحكومي دَخَل «المربّع الأخير» ووصل إلى عتبة التأليف الذي كان ما زال أمس يحتاج إلى «رتوشات أخيرة» في ما خص بعض الأسماء، وسط اعتبار أوساط مطلعة أن مسار التشكيل «انتهى سياسياً» ولن يعود إلى الوراء، في موازاة إبقاء دوائر أخرى على هامشٍ من الحذر إزاء الحسم بولادة الحكومة اليوم أو غداً ربْطاً بأمريْن: الأول تجارب سابقة كانت تصل معها «لقمة التأليف إلى الفم» ثم تُسحب في ربع الساعة الأخير.

والثاني مناخاتٌ أوحتْ بأن رئيس «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) الوزير جبران باسيل لم يكن سلّم كلياً بتوزير دميانوس قطّار (حقيبة العمل ووزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية) المارونيّ الذي يتمسّك به دياب والذي يُقاس دخولُه الحكومة مجدداً (سبق أن تولى حقيبة المال في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي العام 2005 ) في «ميزان» الانتخابات الرئاسية المقبلة كون اسمه غالباً ما يُطرح لهذا الاستحقاق الذي يَحْكم مجمل الحركة السياسية لباسيل الذي يُعتبر «الحصان الأبرز» رئاسياً.

وشكّل لقاء الساعتيْن وربع الساعة بين رئيس البرلمان نبيه بري ودياب في «عين التينة» أمس والذي تخلّله غداءٌ وما أعقبه من كلامٍ لمستشار الأول الوزير علي حسن خليل عن «تَقَدُّم كبير حصل وصرنا على عتبة تأليف حكومة جديدة من 18 اختصاصياً بمعايير موحّدة»، المؤشرَ الأبرزَ إلى أن ثمة قراراً اتُخذ بأن تبصر الحكومة النور وذلك بضغطٍ من «حزب الله» على قاعدة أن يتنازل بري عن طلب الحكومة التكنو – سياسية وتوزير أسماء من الحكومة السابقة، وفريق رئيس الجمهورية عن حكومة الـ24 وعن الرفض المطلق لتسمية قطّار، والرئيس المكلف عن التمسك بالأخير في الخارجية وإبداء مرونة حيال أسماء وحقائب أرادها «التيار الحر» مثل الاقتصاد، و«حزب الله» عن عدم الحماسة لناصيف حتّى في الخارجية (من حصة فريق عون).

وفي حين تحدّثت معلوماتٌ عن أن دياب أمهل نفسه 24 ساعة أي حتى اليوم لإجراء جوجلة نهائية للتشكيلة والأسماء (بري حسم اسم غازي وزني للمال ولم يسلّم الاسم الشيعي الثاني وأبقاه طي الكتمان) قبل التوجه إلى القصر الجمهوري تمهيداً لإعلان ولادة الحكومة في حال استمرّت الأمور على إيجابيتها، كانت معطيات تشير إلى أن التشكيلة شبه النهائية تضمّ أيضاً العميد المتقاعد طلال اللادقي للداخلية (من حصة دياب)، وميشال منسى للدفاع الى جانب منصب نائب رئيس الحكومة (من حصة عون)، على أن ينال الثنائي الشيعي «حزب الله» وبري (4 وزراء) خمس حقائب بعد دمْج الزراعة بالثقافة أو الإعلام إلى جانب الصناعة والزراعة والمال والصحة، و«التيار الحر» وزارات الطاقة (ريمون غجر) والاقتصاد والعدل والبيئة وحقيبة لحزب «الطاشناق»، وتيار «المردة» حقيبة «الأشغال» (لسيدة)، أما حصة رئيس الحكومة فتشمل أيضاً الاتصالات والتربية والشباب والرياضة.

وبحال كُتب لهذه التشكيلة أن تبصر النور، فإن التحدي الأكبر الذي سيواجهها يتمثّل في ردّ فعل الشارع حيالها، ولا سيما أنها انطوتْ على عملية محاصصة واضحة حزبية (بين أسمائها مستشارين لوزراء من الحكومة السابقة) تجعلها حكومة سياسية «مقنَّعة» بامتياز، وهو ما مهّد الثوار لرفْضه في التحركات المتصاعدة ابتداءً من الثلاثاء (والمستمرة)، إلى جانب رصْد إذا كانت ستنجح في كسب ثقة المجتمع الدولي، هي التي تُعتبر «حكومة نصف لبنان» (تحالف عون حزب الله وبري الذين قاموا مع بعض حلفائهم بتسمية دياب) وتالياً «حكومة اللون الواحد» ولو غاب عنها السياسيون مباشرةً.

وفي حين استوقف دوائر سياسية تظهير أن الحكومة الجديدة (فيها 4 نساء) وُلدت «في كنف» شريك «حزب الله» في الثنائية الشيعية، أي بري، عبر اللقاءات الحاسمة التي عقدها في سياق توفير «سلّم النزول عن الشجرة» لأطراف «التحالف الثلاثي»، لاحظت هذه الدوائر أن الاندفاعة الإيجابية جاءت على وهج «الهجمة» على المصارف في شارع الحمراء والتي شهدتْ فصولاً إضافية ليل الاربعاء في شارع مار الياس، الأمر الذي اعتُبر بمثابة «غطاء ناري» لإمرار التشكيلة بالتزامن مع دفْعٍ من الخلف لخفْض سعر صرف الدولار من 2500 ليرة إلى قرابة 2100 ليرة في غضون أيام قليلة من ضمن محاولة «إغراء» الشارع بالمردود الإيجابي التي ستتركه الحكومة العتيدة على الواقع النقدي.