لا يمكن الجزم بموعد ولادة الحكومة إلا حين تصدر المراسيم، والكلام عن ولادة وشيكة ثم العودة خطوات إلى الوراء وربما أحيانًا إلى نقطة الصفر ليس بالأمر الجديد في مسار تأليف الحكومة، وهذا ما حصل الخميس. إذ وفي وقت كان فيه الرئيس المكلف حسان دياب يضع الـ”روتوش” الأخيرة على التركيبة ويستعدّ “الوزراء” الذين سرّبت أسماؤهم لتقبّل التهاني بالحصول على لقب “المعالي” قبل تسلّم المهام، عاد مسار التأليف إلى العُقد وعاد الرئيس المكلف إلى تكثيف الاتصالات في محاولة لمعالجتها.
وانتقد مصدر قريب من عين التينة “فرْض شروط جديدة في ساعات المساء”، معتبرا أن “التأليف بات يخضع لمزاج البعض والعمل كل ساعة بساعتها”، ولافتًا إلى أن “رئيس مجلس النواب نبيه بري كان متفائلًا بعد لقائه دياب، الذي انتهى إلى أن التركيبة الحكومية تحتاج إلى بعض الـ”روتوش” على أسماء محددة، هذا بالإضافة إلى أن معالجة مطالب النائب طلال أرسلان وتبديل إحدى الحقائب بينه وبين “حزب الله”، فتكون ولادة الحكومة خلال ساعات، حين يحدَّد موعد للرئيس دياب في القصر الجمهوري.
وأشار إلى أنه “ظهرت مطالب للوزير السابق سليمان فرنجية والنائب أسعد حردان حيث طالبا بحصص وحقائب. فتوقف إعلان الحكومة من أجل المزيد من “الشدشدة”، لكن المصدر شدد على أنه “رغم هذا التراجع، فإن الأمور لن تعود كثيرا إلى الوراء بل يجب أن تكون الحلحلة سريعة”.
وفي هذا الإطار، رفض المصدر “وصف ما حصل بالكيدية”، داعيًا إلى “تخفيف حدّة التوترات السياسية أكانت لدى المعارضة أو الموالاة”. ونقل المصدر “امتعاض بري مما حصل”، وقال: “هناك أمور غير منطقية حصلت ونأمل أن تكون المعالجة سريعة”.
ولفت المصدر إلى أنه “يجب أن يكون لدى المعارضة أيضًا برنامج بناء تواجه الحكومة العتيدة على أساسه، وليس على مبدأ “قوم لأجلس مكانك”، محذرًا من أنه “خلافًا لذلك سنبقى مستمرين بالاتجاه نحو الانهيار لا بل نحو الموت”.
وأضاف: “أما حين تتألف الحكومة فلا بد من الكلام عن ورقة اقتصادية يتم الاستناد إليها من أجل المعالجة المطلوبة من أجل الحؤول دون الانهيار الذي بات الجميع يُدركه”، مذكرًا في هذا الإطار أن “كل هذه الأطراف السياسية، بمن فيها من انتقل في الأشهر الأخيرة إلى المعارضة، شاركت في إنجاز هذه الورقة ولا يمكن لأحد التنصّل منها”.
إلى ذلك، سئل المصدر: “يتّضح من التركيبة الحكومية التي سُرّبت أن معظم الأسماء تحمل صفة التكنوقراط، لكنها في الواقع تدور في فلك الأحزاب”، أجاب: “الرئيس المكلف أساسًا يستشفّ الأسماء من الشخصيات التي يلتقيها وهي من كل الألوان والأنواع وصولًا إلى ما وراء البحار. لكن في الواقع هذه التركيبة لا تتضمّن حزبيين أو حتى أسماء استفزازية”، مشددًا على “ضرورة منح “الوزراء الجدد” فرصة العمل قبل التصويب عليهم، خصوصًا أنهم لم يمارسوا الحكم سابقًا ولا يُعرف خيرهم من شرّهم، باستثناء دميانوس قطار”، وقال: “لا بد من الإشارة أيضا إلى أن “الأسماء المسرّبة قد تخضع للتغيير ولا تصبح التركيبة نهائية إلا حين تُعلن المراسيم”.
وهنا، اعتبر أن “كل اللبنانيين مسيسون أو لديهم ميول سياسية وإن لم ينخرطوا في العمل الحزبي”، قائلاً: “العمل تحت الضغط لا يصوّب الأمور ولا يؤدي إلى الطريق الصحيح، وإذا لم يكن هناك إرادة حقيقية عند كل مسؤول انطلاقًا من الحسّ الوطني فلا يمكن تحريك الملفات الراكدة”، داعيًا إلى “العودة إلى عمل المؤسسات الدستورية”.