كتبت إيلدة الغصين في “الاخبار”:
لم يغيّر تقاذف المسؤوليات بشأن من «أعطى الأمر» بالعنف المفرط بين وزيرة الداخليّة ريا الحسن والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، في تصريحيهما أمس، من حالة الجرحى والمصابين، ومعتقلي ليلَي الثلاثاء والأربعاء… الذين أُفرج عن جميعهم أمس، بعد مماطلة، وتحت ضغط الشارع.
الأرقام التي قدّمها كلّ من الحسن وعثمان بشأن جرحى القوى الأمنية، تقابل بـ«لا أرقام» لعدد كبير من المصابين بين صفوف المحتجّين ممن توزّعوا على مستشفيات بيروت بحالات «ارتجاج في الدماغ، فقدان الذاكرة، كسور، رضوض، جروح…» وسواها. كلام عثمان حيال مسؤوليّته عن «استعمال الغاز المسيّل للدموع» حصراً وليس العنف، وتنصّله من مسؤوليّته المباشرة عن الأوامر بسحل المحتجّين، لم يجمّل آثار العنف والقمع المفرطين في أجساد المحتجّين. وللمناسبة أولئك، كانوا يطالبون بالإفراج عن رفاقهم أمام ثكنة الحلو، أما «المشاغبون» بينهم في شارعَي الحمرا ومار الياس، فقد أفرغوا بعضاً من غضبهم على واجهات مصارف أذلّت الشعب، فيما اتّفق الأمنيّون، ومعظم السياسيين، على حمايتها.
الاعتداءات السافرة بحق المصوّرين والصحافيين، اعتذر عنها عثمان خلال مؤتمره، غير أن نقيب الصحافة عوني الكعكي قرّر «الاعتذار باسم الصحافيين» عن «التخريب المعيب للثورة»، ليضيف نقطة جديدة إلى سجلّ «سُبات النقابة»، التي لا تمثّل الصحافيّين أصلاً كونها نقابة أصحاب الصحف.
على الرصيف المقابل لثكنة الحلو، حيث احتجز معتقلو ليلَي الثلاثاء والأربعاء، انتظرت والدة أحد المعتقلين طوال يومين للإفراج عنه، وهو البالغ «18 عاماً وشهراً واحداً ولم يعتبروه قاصراً! وهو مريض ولديه التهابات، فقط سمحوا لي بإدخال النفاخة ولم يسمحوا بالكورتيزون». ثمة شقيقة كانت تروي بغصّة عن اعتقال شقيقها لمجرد وجوده بالقرب من أحد المطاعم في الحمرا. ووالدة أخرى، سقطت أرضاً مغمى عليها لأنها لم تتمكن من دفع فاتورة المستشفى لخروج ابنها المصاب بهراوات عناصر «مكافحة الشغب».
الإفراج عن المعتقلين، تمّ على دفعات بعد تصعيد في الشارع ووقفات احتجاجية نظّمت أمس، أمام ثكنة الحلو وقصر عدل بيروت. ومعتقلو ليل الثلاثاء، خلال مواجهات شارع الحمرا، كانت قد أسفرت عن 59 معتقلاً في ثكنة الحلو، أفرج عن قاصرَين بينهم وعشرة آخرين بعد منتصف ليل الثلاثاء، بإشارة متأخّرة من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات. الإفراج عن الدفعة الثانية تمّ صباح أمس، إذ أفرج عن 9 معتقلين، وجرى نقل 38 آخرين إلى فرع المعلومات في ثكنة المقر العام للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. الدفعات اللاحقة تمّت بعد الثانية بعد ظهر أمس.
معتقلو ليل الأربعاء، خلال المواجهات أمام ثكنة الحلو وشارع مار الياس وكورنيش المزرعة، أسفرت عن اعتقالات عشوائيّة تضاربت فيها الأعداد والأسماء. محامون من لجنة المحامين المتطوّعين للدفاع عن المتظاهرين، تمكّنوا بعد منتصف ليل الأربعاء، وبعد انحسار المواجهات من دخول الثكنة، حيث جرى إحصاء 36 معتقلاً، و10 في فصيلة ميناء الحصن، و5 في فصيلة راس بيروت، و4 في فصيلة الرملة البيضاء. ووفق عضو اللجنة المحامي وائل الزغبي «قابلنا المعتقلين قرابة الواحدة والنصف بعد منتصف ليل الأربعاء، بتوجيه من نقيب المحامين ملحم خلف، وطالبنا بإسعاف بعضهم، فحضر الدفاع المدني وعالج ميدانياً 4 بينهم بإصابات طفيفة». الإفراج عن باقي معتقلي ليل الأربعاء تم «الثالثة بعد ظهر اليوم (أمس الخميس)، من ثكنة الحلو، بسندات إقامة وترك بعضهم رهن التحقيق، فيما أبقي على موقوف أجنبي وأحيل سبعة أجانب على الأمن العام». ووفق بيان للجنة، فإن «معظم الموقوفين لم يسمح لهم بالتواصل مع عائلاتهم بعد مرور 24 ساعة على توقيفهم».