Site icon IMLebanon

معركة رئاسية مارونية مبكّرة… تؤخّر التشكيل

 

هل هي معركة رئاسة الجمهورية أم مفاوضات تأليف الحكومة؟ سؤال طرح بقوة أمس، بعدما انحصرت العرقلة القاتلة لولادة الحكومة العتيدة التي كادت أن تبصر النور خلال ساعات، بالأطراف الموارنة داخل الأكثرية النيابية. أمر زاد من حراجة موقف “الثنائي الشيعي” وتحديداً “حزب الله” الذي لم يستطع اقناع كل من الوزير جبران باسيل والوزير السابق سليمان فرنجية بالتراجع عن تصلبهما.

والذي نكأ الجرح الرئاسي كان الرئيس المكلف حسان دياب، الذي اصطف إلى جانبه الوزير السابق دميانوس قطار، وأصرّ دياب أن تُسند إلى قطار حقيبة الخارجية والمغتربين، ما أثار حفيظة باسيل الذي يعرف جيداً أهمية هذه الحقيبة في تظهير صورته في المحافل العربية والاقليمية والدولية كمرشح لرئاسة الجمهورية، كونها تمكّنه من الجلوس مع كل السفراء المعتمدين في لبنان والى نظرائه في دول العالم، خصوصاً أنه مقتنع بكون الاستحقاق الرئاسي في لبنان إرادة خارجية بامتياز.

كانت المعركة الأولى التي خاضها باسيل لإبعاد قطار عن الخارجية، ونجح في معركته إلا أن تسمية قطار من قبل دياب لحقيبة الاقتصاد والتجارة جددت المواجهة كون هذه الحقيبة مرتبطة مباشرة بمقررات “سيدر” ولها حصة وازنة من المشاريع الملحوظة وأيضاً تمكن شاغلها من التماس المباشر مع دول القرار العربي والدولي، وأيضاً نجح باسيل في إبعاد قطار إلى حقيبة العمل، إلا أنّ المعركة لم تنته بعد لأن الهدف إخراج قطار نهائياً من الحكومة.

ولم يكد ينهي العهد ووصيّه المعركة الأولى في الحكومة، حتى بدأت مواجهة ذات بعد “رئاسي فاقع” بين باسيل وفرنجية، بعدما سعى الاول للسيطرة على الثلث المعطل في الحكومة من خلال الاستحواذ على ستة وزراء مسيحيين وسابع درزي لحليفه طلال ارسلان، الامر الذي عدّه الثاني امساكاً باسيلياً بالثلث المعطل أي بقرار الحكومة، وبالتالي يعني أن باسيل يريد أن يفرض مشيئته في كل شاردة وواردة داخل مجلس الوزراء، فعمد إلى المطالبة بوزيرين، الأمر الذي رُفض كلياً من قبل بعبدا وميرنا الشالوحي، وكان الاقتراح باعطاء “المردة” حقيبتين بوزير واحد من خلال عملية الدمج، إلا أن فرنجية أصرّ على مطلبه بوزيرين، رابطاً تراجعه عن مطلبه مقابل عدم حيازة باسيل على الثلث المعطل. وعجز “حزب الله” عن حل هذه العقدة، لأن فرنجية كلما طلب منه التنازل، يقدم مطالعة تبدأ ولا تنتهي عن موبقات الباسيلية السياسية في حقه، مذكراً بأن الرئاسة نزعت من احشائه لمصلحة ميشال عون.

 

امام هذا الكباش الرئاسي السابق لأوانه، وبعيداً من لعبة الأسماء وتوزيع الحقائب، قال مصدر قريب من بعبدا لـ”نداء الوطن”: “بعدما سادت أجواء ايجابية جداً في أعقاب لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف حسان دياب، دخلت عملية تأليف الحكومة في تعقيدات عالقة تبيّن أنها ليست سهلة، متصلة بتوزيع الحقائب الأمر الذي استدعى المزيد من المشاورات والاتصالات المكثفة بين فرقاء الاكثرية لتصفير التباينات وانجاز عملية التأليف، ومع تمسك الرئيس المكلف بصيغة حكومة من ثمانية عشر وزيراً، فهذا يعني حكماً عدم امكانية ارضاء جميع الفرقاء، وهذا ما يضع الجميع امام حل من اثنين: الأول جعل عدد وزراء الحكومة على عدد الحقائب أي 24 وزيراً لارضاء جميع المطالبين بالتوزير، والثاني ادخال تعديلات على صيغة حكومة الـ18 وزيراً من أجل تصفير كل الاعتراضات، أما إذا تمسّك دياب بالصيغة التي طرحها فإن أزمة تأليف الحكومة ستستمر”.

واوضح المصدر أن “حزب الله” دخل بقوة على خط تذليل العقبات وتدوير الزوايا، والمفاوضات التي بدأت قد تحتاج بعض الوقت، ما قد يؤخر ولادة الحكومة لأيام قليلة إضافية، وهذه المفاوضات لا تنطلق من الحصص داخل الحكومة إنما من التوازن وأهمية اعتماد معيار واحد كي لا يشعر أي فريق بالغبن ولعدم حصول أي التباس، وتحديداً أنه لا يمكن أن يختار بعض الفرقاء كل وزرائهم، في حين أن فريقاً يشارك آخرين خياراتهم الوزارية، فهي حكومة توازنات إما أن تسير بأكملها أو لا تسير، كما أن تشكيل الحكومة يتم بالتوافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، الأمر الذي يحتم تبادل وجهات النظر بينهما لتحقيق الاتفاق”.

واشار المصدر إلى أن “الاعتراضات لم يكن مصدرها فريق واحد، إنما طالت اكثر من فريق حول تبادل الحقائب وتوزيعها، وهذا ما ينطبق على نائب رئيس الحكومة والاقتصاد والصناعة، ودمج بعض الوزارات التي أظهرت اشكاليات كثيرة”.