تكاد اساطيل دول العالم الكبرى كلّها، تتجمع في المياه الاقليمية، خوفا من مناخات التصعيد التي تسود المنطقة، غداة تصفية الولايات المتحدة الاميركية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني واستنفار طهران وأذرعها العسكرية المنتشرة، من أجل الانتقام للرجل الذي كان له الدور الابرز في توسّع نفوذ ودور الجمهورية الاسلامية في المنطقة.
فقد اعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الساعات الماضية أن فرنسا ستنشر حاملة الطائرات شارل ديغول والمجموعة القتالية المصاحبة لها من كانون الثاني وحتى نيسان لدعم عمليات الجيش الفرنسي في الشرق الأوسط.
وقال ماكرون في خطاب للجيش: “حاملة الطائرات ستدعم عمليات تشامال في الشرق الأوسط من كانون الثاني إلى نيسان 2020 قبل نشرها في المحيط الأطلسي وبحر الشمال”. كل ذلك، وسط تزايد التوتر بين إيران والولايات المتحدة من جهة، ومخاوف فرنسا من أن المعركة ضد متشددي تنظيم الدولة الإسلامية ربما تفقد زخمها في هذا السياق، من جهة ثانية.
بدورها، وافقت اليابان الشهر الماضي، على خطة لإرسال قوة عسكرية لتأمين سفنها في منطقة الشرق الأوسط، للعمل على جمع المعلومات لضمان المرور الآمن للسفن التجارية اليابانية على طريق نقل النفط، حيث تستورد اليابان 90% من احتياجاتها من النفط الخام من منطقة الخليج. وستنشر اليابان، بحسب وزير الدفاع الياباني تارو كونو، مدمرة قوات الدفاع الذاتي تاكانامي وطائرتي دورية من طراز P3C، بالإضافة إلى 260 جنديًا من العاملين على متن تلك الآليات العسكرية. وسيتم نشر تلك القوات والمعدات العسكرية في المياه المفتوحة في خليج عمان وخليج عدن وشمال بحر العرب. وقد كانت هذه الاجراءات العسكرية مدار بحث وتنسيق بين رئيس الحكومة اليابانية شينزو آبي والقيادات السعودية خلال زيارته الرياض منذ ايام.
واذا كانت الولايات المتحدة وبريطانيا عززتا غداة الضربة الاميركية التي قتلت سليماني قواتهما العسكرية في المنطقة، فإن مصادر دبلوماسية تشير عبر “المركزية”، الى ان اي تصعيد او مواجهة “مباشرة” بين واشنطن وطهران تبدو مستبعدة “الا اذا”. فمواقف المسؤولين الايرانيين تدل الى ان ايران ردّت على مقتل سليماني باستهداف القاعدة الاميركية في عين الاسد وستكتفي بذلك، وفق وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، في حين قال الرئيس الايراني حسن روحاني منذ يومين “إن حكومته “تعمل يوميا على منع مواجهة عسكرية أو الحرب” مؤكدا أن الحوار بين ايران والعالم صعب “لكنه ممكن”. اما المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الذي القى خطبة الجمعة في مصلى الامام الخميني في طهران للمرة الأولى منذ العام 2012، فقال بدوره ان الرد الصاروخي الايراني على قاعدة عين الاسد في العراق كسر شوكة اميركا”، من دون ان يذهب أبعد في مواقفه.
وفي موازاة هذه التعابير التي لا توحي بصدام وشيك، تنشط أكثر من قوة خارجية على خط التهدئة بين طهران وواشنطن، منها اليابان وباكستان لكن ايضا فرنسا وروسيا. وقد دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة إلى “خفض التصعيد” في التوتر بين الدولتين. وقال لافروف “تشكّل مأساة طائرة الخطوط الأوكرانية إنذاراً جديًا ومؤشراً لبدء العمل على خفض التصعيد بدلاً من التهديدات الدائمة” في المنطقة.