Site icon IMLebanon

ضغط على “الحزب”… هل تتفاعل دول أخرى بعد بريطانيا؟

تقرير جوني فخري في “العربية”:

انضمت بريطانيا إلى الولايات المتحدة الأميركية بقرارها اعتبار “حزب الله” التنظيم اللبناني بجناحيه السياسي والعسكري “إرهابيا”، وقررت تجميد أرصدته وأصوله في المملكة المتحدة بعدما استهدفت في آذار الماضي الجناح العسكري فقط.

ومنع القرار الجديد أي شخص من التعامل مع أي جهات مالية أو اقتصادية يملكها “حزب الله”، أو المشاركة في تمويل أي جهة تابعة له أو خدمتها. وأكدت وزارة الخزانة البريطانية في قرارها أن هذا الحزب اللبناني “نفى علانية وبنفسه التفرقة بين جناحيه العسكري والسياسي”.

تفاعل دولي مع القرار

وبعد القرار، دعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو دول العالم أجمع إلى اعتبار حزب الله منظمة إرهابية.

تعليقاً على هذا التصنيف وتلك الدعوة، اعتبر القائم بأعمال سفارة لبنان السابق في المملكة المتحدة السفير هشام حمدان لـ”العربية.نت”، أن الضغوط على الحزب ستتزايد، قائلاً: “القرار البريطاني لا يتّصل فقط بإجراءات داخلية، وإنما بعوامل ضاغطة ومؤثّرة متعلّقة بقضية الشرق الأوسط الأساسية وهي الإرهاب، وعندما تُصنّف دولة بحجم بريطانيا حزباً منظمّة إرهابية فمعنى ذلك أن الأسرة الدولية ستتفاعل مع هذا الإجراء وتأخذ في الاعتبار الآثار الجانبية على خططها الاقتصادية والسياسية داخل المجتمع الدولي”.

وأضاف “الموضوع لا يتعلّق بما هي المصالح التابعة للحزب في لندن التي يستهدفها القرار، وإنما بالدور البريطاني في السياسة الدولية عامة وقضايا الشرق الأوسط خاصة”.

ويعاقب القانون بمدة قد تصل إلى السجن 10 سنوات كل من ينتمي إلى “حزب الله” أو يحاول الترويج له.

كما يمنع أي شخص من التعامل مع أي جهات مالية أو اقتصادية يملكها “حزب الله”، أو المشاركة في تمويل أي جهة تابعة له أو خدمتها.

ولدى بريطانيا مصالح اقتصادية وتأثير سياسي في دول عديدة في أميركا اللاتينية وإفريقيا وآسيا، وهو ما سيؤثّر على سلطات تلك الدول للمضي في تصنيف حزب الله منظمة إرهابية على حدّ قول حمدان.

تأثير على شركات عالمية

إلى ذلك، اعتبر “أن هناك العديد من الشركات التجارية والاستثمارات الدولية التي تهتم وتُراعي بقوّة الموقف البريطاني خوفاً من عقوبات قد تطالها، من هنا فإن كل شركة في المملكة المتحدة لها علاقات تجارية مع شركات عالمية في الخارج ستّتجه إلى قطعها إذا ما وجدت أنها تتعامل مع حزب الله”.

أما عن تأثير القرار البريطاني على لبنان كدولة حيث يتمثّل حزب الله في الحكومة، فأشار السفير هشام حمدان إلى “أنه يزيد القيود والتعقيدات على الحياة العامة، خصوصاً أنه يتبع قرارا أميركيا سبق واتّخذ منذ سنوات باعتبار حزب الله منظمة إرهابية، وبالتالي فإن الدول كافة التي تتعاطى مع الولايات المتحدة وبريطانيا مضطّرة لمراعاة هذين القرارين، مع العلم أن السياسة الدولية تدور في فلك هاتين الدولتين، وحتى الصين وروسيا لا يمكنهما تجاهلهما باعتبار أنهما يؤثّران على شركاتهما التجارية في العالم”.

مزيد من الضغوط

وتابع “هذا النوع من الضغط على حزب الله سيؤدي إلى ضغوط إضافية على لبنان، لكن المساعدات العسكرية التي تُقدّمها بريطانيا للجيش اللبناني ستستمر ولن تتأثّر بالقرار، إلا أن المملكة المتحدة ستكون مهتمة أكثر بالتشدد بألا يصل السلاح المقدم للجيش اللبناني إلى حزب الله أو أي جهة متّصلة به”.

ومنذ شهر آذار من العام الماضي تم حظر أي نشاط لـ”حزب الله” في بريطانيا بشكل يتجاوز القرار السابق بشأن نشاطات جناحه العسكري، وأعيد سبب ذلك إلى “محاولاته لزعزعة استقرار الوضع الهش في الشرق الأوسط”.

وتصنّف الولايات المتحدة حزب الله تنظيما إرهابيا، في حين أن الاتحاد الأوروبي ما زال يصنّف الجناح العسكري للحزب فقط على أنه “إرهابي”. وفي الأول من تشرين الثاني 2019، جرى حظر 75 تنظيما في المملكة المتحدة بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى حظر 14 جماعة مرتبطة بأيرلندا الشمالية.

سياسة لبنان الخارجية

إلى ذلك، قال السفير حمدان “القرار البريطاني سيؤثّر على سياسة لبنان الخارجية”، مشدداً على “ضرورة اعتماد سياسة النأي بالنفس وإبعاد لبنان عن لعبة المحاور، لأن دور لبنان الحقيقي بأن يكون حاضناً لحوار أشقائه العرب وصديقاً لدول المجتمع الدولي”.

تواجد شيعي كبير في المملكة المتحدة

أما عن حجم تواجد حزب الله في المملكة المتحدة، فأشار حمدان إلى “أن الجالية اللبنانية في لندن تضمّ آلاف العائلات من الطائفة الشيعية التي ينتمي إليها حزب الله، لأن المغتربين الشيعة أتوا منذ سنوات من إفريقيا التي تتمتع بعلاقات اقتصادية وثيقة وطويلة الأمد مع بريطانيا ليستقرّوا في المملكة المتحدة”.

كما رأى أن “مصالح بعض اللبنانيين قد تتأثّر بالقرار البريطاني”، إذا ما ثبت وجود تعامل بأي شكل مع الحزب.

تحت الأنظار

من جانبها، أكدت مصادر مطّلعة لـ”العربية.نت”: “أن لا وجود حزبياً رسمياً لحزب الله” في بريطانيا، إذ لا مكاتب تابعة له هناك، إلا أن هناك جالية كبيرة من الطائفة الشيعية تضم عائلات ورجال أعمال يُقيمون في المملكة المتحدة منذ سنوات، وباتت مصالحهم تحت الأنظار بعد القرار البريطاني”.

وكان الجناح العسكري فقط في حزب الله يخضع لقواعد تجميد الأصول المشار إليها. وأصدرت الحكومة البريطانية بيانا عاما يشير إلى خطوات يجب اتباعها من أي مؤسسة مالية أو أفراد لهم أي تعاملات مع الحزب.

وهذه الخطوات هي:

-التحقق مما إذا كان هناك حسابات أو أموال أو موارد اقتصادية للحزب أو توفير أي خدمات مالية.

-تجميد هذه الحسابات وغيرها من الموارد المالية.

-تعليق تقديم أي خدمات مالية للحزب.

-الامتناع عن التعامل مع هذه الأموال أو إتاحتها لهذا الكيان المنصوص عليه في القرار، ما لم يكن مرخصا من قبل مكتب تنفيذ العقوبات المالية (أوفسي).

-إبلاغ “أوفسي” بأي نتائج ومعلومات إضافية من شأنها تسهيل الامتثال للقرار.

-تقديم أي معلومات تتعلق بالأصول المجمدة للأشخاص المدرجين في القرار.

ويعتبر عدم الامتثال للتشريع الصادر ضد حزب الله أو التحايل على أحكامه جريمة جنائية في بريطانيا.

وتحتاج بعض التعاملات مع الأموال والموارد الاقتصادية التي من شأنها أن تتعارض مع قرار العقوبات ترخيصا من مكتب تنفيذ العقوبات.

وتأتي هذه الخطوة البريطانية وسط تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران بعد اقتحام السفارة الأميركية في بغداد من قبل ميليشيات موالية لإيران، ومقتل قائد فيلق الإيراني قاسم سليماني في ضربة أميركية قرب مطار بغداد في الثالث من هذا الشهر.

وكان البرلمان الألماني، قد وافق قبل أسابيع على اقتراح يحث حكومة المستشارة أنجيلا ميركل على حظر جميع أنشطة حزب الله المدعوم من إيران على الأراضي الألمانية، مشيرا إلى “أنشطته الإرهابية” خاصة في سوريا.