لفت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الى انه “لو كان عند المسؤولين في لبنان ذرة من الإنسانية، وخصوصاً الذين يعرقلون تشكيل حكومة يطالب بها الشبان والشابات منذ ثلاثة وتسعين يوما على الطرقات وفي الساحات، في جميع المناطق اللبنانية، متحملين الصقيع والمطر، مضحين براحتهم وصحتهم، لسارعوا منذ استقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال وتكليف رئيس جديد، إلى تشكيل حكومة إنقاذ مصغرة، مؤلفة من اختصاصيين معروفين، مستقلين عن الأحزاب وعن المدعوين “سياسيين”، الذين لا يستحقون بعد اليوم حمل هذا الإسم، لأنهم شوهوا معنى السياسة وجوهرها ومبرر وجودها كفن شريف في خدمة الإنسان المواطن والخير العام، إذ جعلوها وسيلة للتجارة في الحصص والمكاسب بإسم الطوائف فيما هي براء منهم”.
وقال الراعي خلال قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي: “عليكم أيها المعرقلون تشكيل الحكومة، كما يريدها الشعب والرئيس المكلف، تقع مسؤولية مواجهة الانتفاضة الشبابية الحضارية أصلا بثوار خرجوا بالعصي والحجارة لمواجهتهم، ولتكسير واجهات المصارف والمتاجر العامة، ولرشق قوى الأمن بالحجارة. أنتم تتحملون مسؤولية الخزي والعار لما جرى مساء الأربعاء في شارع الحمرا، ونهار أمس في العاصمة بيروت”.
وتابع “نحن ندين أشد إدانة هذه الاعمال لانها ليست من قيمنا وعاداتنا وشيمنا اللبنانية، وندين من وراءها. وعليكم تقع مسؤولية تنامي الدين العام حتى بلوغه 90 مليار دولار أميركي، وهبوط الناتج المحلي من 56 مليار دولار إلى 52 مليار دولار أميركي، مما يعني أن الدين العام يشكل 15% بالنسبة إلى الناتج المحلي، وهي أعلى نسبة في العالم . وعليكم تقع مسؤولية صرف 18000 موظف من عملهم في السنة المنصرمة، ومنهم 9000 في أشهرها الثلاثة الأخيرة، وبخاصة في كل من القطاع الفندقي والسياحي، ورفع عدد الفقراء والعاطلين عن العمل، وبالتالي المهاجرين بسبب البطالة إلى 60 الفا مقارنة بـ32 ألفا العام 2018. وعليكم تقع مسؤولية أزمة المستشفيات بنقص الأدوية والمعدات، وبالتالي حرمان المواطنين من حقهم الأساسي في الإستشفاء وحماية صحتهم. فإنا نعلي الصوت مع المنتفضين وكل المتضررين، ونرفض العودة إلى سياسة المحاصصة، وتقاسم المغانم ورفع عدد الحقائب الوزارية”.
ووجه الراعي أربعة نداءات: “إلى الدولة، نطالبها بعدم الاستهتار بالثورة الشبابية ومطالبتها بحكومة إنقاذ، لئلا تتحول من إيجابية إلى سلبية. إلى المعنيين بتشكيل الحكومة، وفي طليعتهم الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية وفقا للدستور، لجعلها حكومة طوارئ تنقذ البلاد والعباد، لا حكومة محاصصة، لئلا تفشل مثل سابقتها. إلى الجيش وقوى الأمن الداخلي الذين نقدر تعبهم وانتشارهم على جميع المناطق اللبنانية، لبذل المزيد من الجهود لحفظ الأمن في داخل المدن ومنع التصادم بين المواطنين. إلى المجتمع الدولي، للبحث جديا في قضية لبنان، كونه صاحب دور بناء في منطقة الشرق الأوسط، بفضل ميزاته وخصائصه الفريدة”.