IMLebanon

قيمة رواتب اللبنانيين تراجعت 50%

لم تسفر المساعي الحكومية مع عودة الانتفاضة الشعبية بزخم إلى الشارع اللبناني، عن الإفراج عن الحكومة العتيدة. وتجدد الحديث عن خلافات تعصف بين قوى الأكثرية النيابية المولجة تشكيل الحكومة، التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي، على خلفية حجم الحكومة وتوزيع الحقائب والحصص في ما بينها. وحيال الاستعصاء الحكومي، تواصل الأوضاع الاقتصادية والمالية انحدارها السريع. فمنذ أربعة اشهر، ومع تفاقم الأزمة وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، تتوالى الأخبار عن صرف عشرات المؤسسات والشركات لموظفيها، في حين يخشى آلاف الموظفين الآخرين على مصيرهم في ظل ترنح شركاتهم. أما من حالفه الحظ بالاحتفاظ بعمله فقد ارتضى مرغماً باقتطاع نسبة كبيرة من راتبه تجاوزت أحياناً النصف.

وتفيد بعض الإحصاءات أن نحو 70 في المئة من المؤسسات الخاصة اقتطعت رواتب العاملين لديها لحدود النصف، وأخرى قد لا تستطيع دفع أي أجور في الأشهر المقبلة، إضافة إلى تقارير وزارة المال، التي أشارت إلى تراجع مداخيل الخزينة بنحو 40 في المئة، ما يطرح السؤال حول رواتب موظفي القطاع العام الذين يشكلون 38 في المئة من القوى العاملة. يترافق ذلك مع ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية وصلت نسبته في أحيان كثيرة الى أكثر من 100 في المئة على بعض السلع أو الـ50 في المئة تبعاً للسلع والمناطق، وفق ما كشفه رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برّو لـ«المركزية». وذلك بسبب تراجع قيمة الليرة مقابل الدولار.

وبعملية حسابية بسيطة، يتبين ان فقدان الليرة نحو 50 في المئة من قيمتها وبالتالي انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، في ظل ارتفاع الأسعار جعل الحد الأدنى للأجور (675 الف ليرة) يوازي اليوم 270 دولاراً بعد ان كان قبل أشهر يبلغ 450 دولاراً وفق سعر الصرف الرسمي. ويقول خبراء ان رواتب اللبنانيين فقدت 50 % من قيمتها. انقلاب نمط الحياة وتكفي جولة سريعة على بعض المتاجر الكبرى في بيروت، لمعاينة التراجع المخيف في نسبة الزائرين، الأمر الذي انعكس ايضا تراجعا في استيراد بعض السلع التي انصرف عنها اللبنانيون. فكثير من الرفوف باتت فارغة مع اضطرار الزبائن لاستبدال منتجات وطنية بها اقل سعرا او للاستغناء عنها نهائيا. وانقلاب نمط الحياة منذ اشهر بات سمة عامة لكل الفئات الاجتماعية، وان ببعض التمايزات.

وكثيرا ما نسمع من ربات البيوت استغناءهن عن مواد غذائية كثيرة لمصلحة «الأساسيات». وفي هذا السياق تشكو سيدة في منطقة جعيتا وتعتمد في معيشتها على ابنها الوحيد الذي يعمل في محل للمجوهرات وفقد نصف راتبه انها منذ اشهر لم تعد تشتري «اللحوم» بعد ارتفاع سعرها. وتسأل بقهر: الى أين سيوصلونا؟ شبكة الأمان الاجتماعي وحيال هذه الأرقام التي تنذر بانهيار شبكة الأمان الاجتماعي مع أعداد غير مسبوقة من العاطلين عن العمل ومع تخطي نسبة الفقر الـ50 في المئة من الشعب اللبناني في عام 2020، وفق تقارير اقتصادية دولية، وتوقع مصادر مالية أن تبلغ الأزمة ذروتها اعتباراً من أواخر فبراير في مقابل انكفاء تام للطبقة السياسية عن معالجة الانهيار، لم يعد من خيار امام المواطن سوى الشارع الذي تتزايد فيه الاحتجاجات وتنضم اليه فئات سياسية جديدة مع تفاقم الأوضاع المالية والاجتماعية.