Site icon IMLebanon

حزب الله منشغل بحرب الحصص فيما لبنان ينزلق نحو العنف

لا تزال عملية تشكيل حكومة جديدة في لبنان تدور في حلقة مفرغة، حيث أصابتها هي الأخرى لعنة الإجهاض في اللحظات الأخيرة بعد أن تراجع حزب المردة عن المشاركة في الحكومة بسبب تدخلات التيار الوطني الحر، يأتي ذلك وسط مخاوف من انزلاق البلاد إلى مربع العنف، حيث تجددت، مساء الأحد، المواجهات بين القوى الأمنية والمتظاهرين.

وعلى خلاف التوقعات التي كانت تجزم بولادة سريعة للحكومة خاصة وأن المعنيين بتشكيلها ينتمون لحلف واحد، فضلا عن كون الوضع الاقتصادي والغليان الشعبي يشكلان عامل ضغط إضافي، انغمس المعنيّون بعملية التأليف في صراع على الحصص الوزارية، ما يعكس وفق تصريحات لمسؤولين دوليين غياب الحس بالمسؤولية لدى النخبة السياسية الحاكمة في لبنان.

ومنح لقاء رئيس الوزراء المكلّف حسان دياب، مساء الأحد، برئيس الجمهورية ميشال عون بريق أمل في إمكانية الإعلان عن التشكيلة الحكومية، بيد أنه سرعان ما تبدد، وبقيت عقدة الحصص على حالها، وسط تسريبات عن رفض دياب خلال اللقاء مقترح توسيع الحكومة لتشمل 20 وزيرا، كما لم يتم الاتفاق على من سيشغل وزارة الأشغال بعد تخلي المردة.

 

وغرّد النائب جميل السيد المقرب من حزب الله قائلا على “تويتر”، “خلافاً لما يُشاع، الحكومة لا تزال تعتريها عراقيل، حزب الله بذل كل ما يمكنه للتوفيق بين الفرقاء، وطالما لا أحد جاهز للتضحية في سبيل الناس والبلد، أعتقد أنه قد آن الأوان لتنفض المقاومة يدها، ولتترك هذا الوسخ السياسي في أيدي أصحابه”.

وعلى وقع استمرار الانسداد الحكومي تجددت، مساء الأحد، المواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين تجمهورا أمام مبنى مجلس النواب. واستخدم رجال شرطة مكافحة الشغب قنابل الغاز المسيلة للدموع، وخراطيم المياه لإبعاد المحتجين الذين ردّوا برشق تلك العناصر بالحجارة والمفرقعات.

وأرسلت في وقت سابق تعزيزات من الجيش وشرطة مكافحة الشغب إلى وسط بيروت حيث تجمع المتظاهرون في مدخل جادة مؤدية إلى مقر البرلمان قرب ساحة الشهداء.

وردد المتظاهرون في بيروت تحت المطر “ثوار، أحرار، سوف نكمل المشوار”، حاملين مظلات وأعلاما لبنانية. وقال المتظاهر مازن، البالغ من العمر 34 عاماً “مللنا من السياسيين طبعا… بعد ثلاثة أشهر من الثورة أثبتوا لنا أنهم لا يتغيرون ولا يسمعون وأنهم غير قادرين على القيام بشيء”.

وكان جرح نحو 400 شخص خلال مواجهات مساء السبت بين متظاهرين وقوات الأمن في العاصمة بيروت، في أعنف يوم منذ بدء الحركة الاحتجاجية في هذا البلد الذي يشهد أزمة اجتماعية واقتصادية وسياسية.

وبحسب حصيلة أوردها الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني، تمت معالجة 377 شخصا في المكان أو نقلوا إلى المستشفيات في أعقاب صدامات في محيط البرلمان وساحة الشهداء، التي تعد مهد الحراك الذي اندلع في أكتوبر الماضي.

وذكرت قوى الأمن الداخلي من جهتها في تغريدة أن “الحصيلة النهائية لأعمال الشغب والتعديات على عناصر قوى الأمن في المواجهات ليل السبت، 142 عنصراً من قوى الأمن الداخلي ضمنهم سبعة ضباط، منها 3 إصابات بالغة (كسور في الجمجمة)”.
قوى الامن الداخلي

الحصيلة النهائية لأعمال الشغب والتعديات على عناصر #قوى_الأمن في المواجهات ليل أمس

/142/ عنصراً من قوى الأمن الداخلي ضمنهم /7/ ضباط، منها 3 إصابات بليغة (كسور في الجمجمة….)

واستعادت التظاهرات غير المسبوقة في لبنان زخمها هذا الأسبوع في خضم أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990). وشهد يوما الثلاثاء والأربعاء مواجهات عنيفة بين قوى الأمن ومتظاهرين أقدموا على تحطيم واجهات مصارف ورشق الحجارة باتجاه القوى الأمنية التي استخدمت بكثافة الغاز المسيل للدموع.

ويطالب مئات الآلاف من اللبنانيين الذين غصت بهم الشوارع والساحات منذ 17 أكتوبر برحيل كل الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد ويحمّلونها مسؤوليّة تدهور الوضع الاقتصادي ويتهمونها بالعجز عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية. وهم يدعون إلى تشكيل حكومة اختصاصيين تنصرف إلى وضع خطة إنقاذية.

وبعد أسبوعين من انطلاقها، قدّم الحريري استقالته تحت ضغط الشارع. وتمّ تكليف الأستاذ الجامعي والوزير الأسبق حسان دياب، بدعم من حزب الله وحلفائه، بتشكيل حكومة جديدة تعهّد أن تكون مصغرة ومؤلفة من اختصاصيين، على أمل استيعاب غضب الشارع بيد أنه يصطدم بتعنّت من البعض وفي مقدمتهم التيار الوطني الحر الذي يحاول الاستئثار بعملية التأليف وفرض شروطه على بقية الشركاء.

ودعا رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة المسؤولين للخروج من ترف المناورات إلى تشكيل حكومة تحظى بثقة الناس للخروج من الحفرة التي وقعت فيها البلاد، لأن استمرار التأخير في إنجاز الحكومة المطلوبة يزيد الغضب والنزوع إلى العنف المرفوض.

وحذر من انزلاق التظاهرات الشبابية إلى استخدام العنف، معتبرا أنه من واجب كل القوى الوطنية أن تحرص على هذه الانتفاضة وطابعها السلمي، والتزامها بالتقدم نحو هدفها لأن انحرافها عن أهدافها ووسائلها السلمية يجر لبنان واللبنانيين إلى أتون خرجوا منه ولا يريدون العودة إليه.