فشلٌ ذريع يطبع مسار تشكيل حكومة فريق 8 آذار، منذ لحظة تكليف أحزابه حسان دياب مهمة تأليفها، في 19 كانون الاول الماضي. “الإخوة” في الخط عينه يتقاتلون في ما بينهم، ويتناتشون الحصص والحقائب والوزارات، منذ أكثر من شهر، فيما البلاد على حافة، أو في قلب، انفجار اقتصادي – اجتماعي – أمني، لم يعرف لبنان مثيلا له في تاريخه الحديث… أمام هذا الأداء “الفضائحي” المتمادي فصولا، رُبّ سائل عن “رأس” هذا البيت، وعن “أب” هؤلاء “الاشقاء – الاعداء” المتخاصمين حتى العظم: أين هو؟! ولماذا لا يتدخل لحسم الأمر واطلاق سراح الحكومة الاسيرة؟!
بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، حزب الله – مايسترو فريق 8 آذار وراعيه- يُمكنه بسهولة، وضعُ حدّ لـ”مهزلة” التشكيل. فالضاحية، من خلال اتصالات “هاتفية” لا أكثر، تجريها بالمعنيين بالعقد وبحلّها، قادرةٌ على فتح طريق التأليف المقطوع حتى اللحظة… فلماذا لم تفعل بعد؟
المصادر تشير الى ان “الحزب” بطبيعة الحال، يُفترض ان يعطي أولا، المساعيَ واللقاءات التي يجريها الرئيس المكلف، فرصتَها، ويدعها تأخذ مداها. وهذا ما حصل. ولكن تبيّن، في الساعات الاخيرة، وبما لا يرقى اليه شك، ان أعضاء “الاوركسترا” التي يقودها هو، غير متناغمين، لا بل “يعزف” كل منهم على ليلاه، حتى خرج “النشاز” والضوضاء الناتجان من غياب الانسجام هذا، “كارثيا” الى الرأي العام اللبناني والعالمي، وقد بات لسان حال الداخل والخارج “اذا كان هؤلاء غير قادرين على الاتفاق في ما بينهم، فهل هُم أهلٌ لتولي عملية إنقاذ البلاد من أسوأ أزمة تمرّ بها منذ عقود”؟!
ألم يحن الوقت اذا، ليتدخّل “الحزب” جدّيًا؟ هو لا يزال يكتفي بالتوسّط بين حلفائه المتخاصمين، محاولا التوفيق في ما بينهم بـ”الحُسنى”، وعلى “البارد”، بغداء من هنا وعشاء من هناك، على قاعدة “امسحها بهالذقن”! وتراخيه هذا، او لنقلْ “تسامحه”، إنما يدل الى واحد من اثنين: إما ان التريث في التشكيل يناسبه ويستفيد منه على امل ان تتضح الصورة في المنطقة من العراق الى اليمن في الوقت المستقطع، فيقرّر في ضوء ذلك، موقفَه بوضوح من حكومة دياب. أو أنه يراهن على ان تحمل الاتصالات التي يتولاها بعض القوى المحلية، الرئيسَ سعد الحريري، خيارَه المفضّل، الى العودة الى رئاسة الحكومة (وهو ما يرفضه الرجل تماما، وقد جدد رفضه هذا اليوم) سيما غداة اعلان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ان “ممنوع الهروب والتخلي عن المسؤوليات، إن شاركتم أو لم تشاركوا في الحكومة، فأنتم معنيون، ولن ندعكم وشأنكم”.
ولدحض هذه المعطيات، وإثبات رغبته الجدية بالتأليف وبفصله عن تطورات الاقليم، على “الحزب” باثنين ايضا: التواصل مع حسان دياب لحثه على توسيع الحكومة، والا التخلّي عنه. وثانيا، الاتصال برئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل ومطالبته بخفض سقف شروطه ومطالبه الوزارية، المباشرة وغير المباشرة. فقد تبيّن بوضوح ان أداء “البرتقالي” خلف التعثّر وهو سبب غضب أكثر من فريق، مِن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي حمل عليه اليوم بقوة متّهما “اياه بقيادة البلاد الى المهوار وبعرقلة التأليف بجشعه وطمعه”، الى الحزب القومي السوري الاجتماعي الذي يطرح اسما يرفض باسيل توزيره. وقد قال عميد الاعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية اليوم ان “من طرح اسم أيمن حداد هو باسيل وقد اتخذنا قرارا بتزكية النقيبة أمل حداد التي طرح اسمها دياب”… فهل تنشط كاسحات الحزب في الساعات المقبلة؟