كتب رضوان مرتضى في صحيفة “الأخبار”:
كباشٌ جديد وقع الاثنين بين جناحي العدالة، القضاة والمحامين، تطوّر إلى تصعيد نقيب المحامين ملحم خلف بالدعوة إلى مقاطعة جلسات رئيس محكمة الجنايات في بيروت سامي صدقي. شرارة الخلاف اشتعلت من جرّاء طلب القاضي إخراج محامٍ عمره 86 عاماً من قاعة المحكمة!
لم يكن مشهداً اعتيادياً. صراخٌ وتهديد بين نقيب المحامين ملحم خلف ورئيس محكمة الجنايات في بيروت القاضي سامي صدقي. خلف خاطب القاضي أثناء وجوده على القوس، معلناً أنّ المحامين سيقاطعون جلساته من جرّاء إعطائه الأمر بإخراج المحامي مالك عويدات (86 عاماً) من قاعة المحكمة. خلف استنكر إهانة زميل يرتدي «روب المحاماة»، معلناً أنّ المحامين سينسحبون من جلسته وسيقاطعون جلساته. فردّ رئيس المحكمة: «اللي بدو يقاطع يقاطع».
وقائع المواجهة وثّقت بهواتف المحامين الذين صوّروا ارتداء نقيب المحامين الثوب قبل دخوله إلى قاعة المحكمة ثم مواجهته للقاضي بالطريقة التي حصلت. وفي التفاصيل، قال شهود كانوا حاضرين الجلسة المنعقدة، إنه أثناء وجود عويدات في قاعة المحكمة، كان يتحدث بصوت عالٍ بسبب ضعف سمعه. فطلب القاضي صدقي إخراج من يتسبّب بالضوضاء في المقاعد الأخيرة. وعندما أُبلغ بأنّه محامٍ، ردّ: «ضهّروه لبرّا». المشهد الأكثر استفزازاً أن المحامي عويدات لم يكن يقوى على الخروج بنفسه، ما استدعى مساعدته من محامين كانوا في الجلسة. وعلمت «الأخبار» أنّ أحد المحامين أبلغ النقيب بالواقعة، فنزل على الفور من جرّاء ما اعتُبر إهانة لمحام في سنّ عويدات.
مصادر مقرّبة من صدقي اعتبرت أنّ نقيب المحامين تجاوز الحدود بدخوله بهذه الطريقة إلى قاعة المحكمة ومخاطبته القاضي بقوله: «سمعت أنّ هرجاً ومرجاً حصل في جلستك»، فردّ القاضي بأنه لا يسمح له بالتكلم معه بهذه الطريقة. وأوضحت المصادر أن صدقي «بصفته رئيساً لمحكمة الجنايات هو سيد القاعة، وبإمكانه أن يُخرج من يشاء، فكيف إذا كانت هناك ضوضاء تعيق مسار المحاكمة وتشوّش على هيئة المحكمة». ووصفت «ما ارتكبه» نقيب المحامين بأنه «يرقى الى الجرم المشهود بازدرائه قاضياً على قوسه بهذه الطريقة»، وهو «قام باستعراض إعلامي إذ اصطحب معه محامين لتوثيق هجومه واعتباره إنجازاً». وعن مقاطعة المحامين لجلسات صدقي، اعتبرت مصادره أن «هذا شأنهم وليفعلوا ما يشاؤون».
مصادر مجلس القضاء الأعلى أشارت الى أن هناك إجراءً مسلكياً قد يُتّخذ إذا ثبت وجود خطأً من القاضي، رغم جزمها بأن القاضي سيد القاعة وصاحب سلطة مطلقة بإخراج من يُريد من القاعة، سواء كان محامياً أم متّهماً أم شاهداً لضمان حسن سير المحكمة.
وقد أصدر نقيب المحامين تعميماً ورد فيه أنه «على أثر تجاوز رئيس محكمة الجنايات في بيروت سامي صدقي أصول التعامل التي توجبها علاقة التكامل بين المحامي والقاضي في تحقيق العدالة، ووجوب احترام المحامي في تأدية رسالته داخل قاعات المحاكم، ولمّا كانت هذه الاعتبارات جميعها قد تمّ إسقاطها من قبل القاضي صدقي، ولما كان نقيب المحامين في طرابلس قد أعلن دعمه وتأييده المطلق لموقف نقيب المحامين في بيروت خلال اتصال جرى في ما بينهما، لذلك، يعلن مجلس النقابة مقاطعة جلسات القاضي صدقي، طالباً من الزملاء الالتزام بهذا التعميم، وعدم حضور الجلسات أمامه». وترافق ذلك مع حملة شُنّت على القاضي صدقي على وسائل التواصل الاجتماعي.