Site icon IMLebanon

من يستثمر في العنف؟

كتبت سناء الجاك في “نداء الوطن”:

 

“مندسون” أم لا؟ ليس مهماً. المهم أن جولات العنف التي بدأت في وسط بيروت، حيث كانت متاريس الحرب الأهلية منذ العام 1975، مرشحة للإستمرار والتصاعد، فإذا نجح النموذج، يصار الى تعميمه على باقي المناطق اللبنانية المنتفضة، لتخدم من يجيد الإستثمار في الفوضى.

“مندسون” في صفوف الثوار أم في صفوف القوى الأمنية؟ سؤال آخر جدير بالمتابعة. أو هو تحصيل حاصل لمن يرصد، ليس فقط مجريات الأحداث منذ 17 تشرين الأول، ولكن مجريات الثورة في سوريا وفي العراق وفي طهران. ولكن بنسخة خاصة تتناسب مع خصوصيات كل من هذه الدول.

ليس مهماً من؟ وليس مهماً كيف؟ المهم متى؟ أما الـ”لماذا؟” فكل الأسباب جوهرية وصالحة للإستثمار.

فمن يتحكم بالبلاد والعباد يعرف تمام المعرفة انه لا يستطيع لجم كل هذا الغضب الطالع من يأس الناس وكفرهم بالطبقة السياسية والنظام المافيوزي الذي تصعب فكفكته إلا بنسفه من أساسه. لذا يعرف متى “يتكتك” وفق المعطيات على الأرض.

وفوائد زرع “المندسين” في القوى الأمنية لا تحصى. إبتداء من الشهيدين علاء أبو فخر وحسين العطار، ومروراً بجل الديب وبالنبطية وصور وبعلبك وزحلة، ووصولاً الى بيت القصيد في الوسط. وهم حاضرون للبس أي قميص وسخ يعرض عليهم. لأنهم يعرفون لمن يدينون بالولاء. لذا يحمون زعيمهم ويحتمون به على حساب المؤسسات الرسمية، عندما ينفذون “المهمات الخاصة” الكفيلة بقمع المنتفضين الغاضبين أو بإثارة الفتنة.

وإذا لم ينفع القمع، لا بأس باستفزاز الشباب، فيرتفع مستوى الأدرينالين. وحينها “يا قاتل… يا مقتول”. و”هات يا تكسير” وفوضى ومفرقعات ومولوتوف مقابل استهداف الرأس بقنابل مسيلة للدموع بكل ما فيها من غازات سامة ورصاص مطاطي يكاد يصبح محرّماً دولياً، يستخدم عندنا كـ”النقَّيفة” ليقتلع العيون. هذا بالإضافة الى الاعتداء بالضرب، إن في ساحات الغضب أو في أقبية الإعتقال. والكل أبرياء على رغم الفيديوات المسربة التي تشير إلى المرتكبين بالصوت والصورة.

والنكتة السمجة عندما تطالب القوى الأمنية بانسحاب “السلميين” عوضاً عن حمايتهم. لتعكس التخطيط لشيطنة الثورة والقضاء عليها بالتدريج الممل، عبر تصنيف المطالبين بحقوقهم في الشارع وفرزهم.

وبالتزامن، يستمر اللعب بالليرة والدولار والدواء والغذاء، وغداً بالانترنت، للإطباق على كل ما يتعلق بحياة اللبنانيين.

ويستمر التوظيف الممنهج للنيل ممن ينتهي دوره، لأن التنظيف جارٍ في البيت الداخلي لمافيا النظام، بحيث يقتلعون الحلقات الأضعف، ويعيدون توزيع النفوذ والسلطة في ما بينهم.

لا خطوط حمراً في هذه اللعبة. وعندما تنضج ظروفها، قد نرى أكثر من كبش محرقة ان في القطاع المالي أو الأمني أو حتى رأس الهرم السياسي. فمقولة أن أحداً لا يستطيع إلغاء الآخر على الساحة السياسية، لا يعود فاعلاً عندما تصبح المعادلة: إما المحافظة على تماسك المحور على طول طريق الحرير، او انهياره في إحدى العواصم التي يحتلها.

وقمة المساخر القول إن العقد تتحكم بتشكيل الحكومة. ما يتحكم بها هو المايسترو ذاته، وصولاً الى الفوضى الشاملة وإعادة الإمساك بخناق الناس والدول.

حينها نعود الى نقطة الانطلاق: من يستثمر في العنف؟