حذر رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة من كلفة “عدم الإصغاء” للحراك الشعبي الذي عاد بزخم أكبر في الأيام الأخيرة، مشددا على أن فريق 8 آذار مازال يتمسك بنهج “غنائم الدولة والمحاصصة”.
وقال السنيورة في تصريحات لـ”العرب” إن لدى فريق 8 آذار الذي يتزعمه حزب الله “نوعا من الإنكار والعناد من خلال الإصرار على عدم الاعتراف بحجم المشكلة، كما أن هناك عدم تلاؤم في أسلوب تعامله مع ما وصلت إليه الأوضاع من استعصاء”.
ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر احتجاجات تطالب برحيل الطبقة السياسية عن السلطة وتشكيل حكومة تكنوقراط تتولى إعداد خطة إنقاذية لاقتصاد البلاد الذي يواجه أزمة غير مسبوقة منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 /1990).
واعتبر السنيورة أن مرور نحو مئة يوم على الحراك الشعبي في لبنان لم يبدل شيئا في “تعاطي فريق اللون الواحد مع تزايد وطأة الأوضاع المالية والاقتصادية”.
واستدرك السنيورة الذي ترأس الحكومة اللبنانية بين عامي 2005 و2009 بقوله “ما نراه حاليا هو بين أهل الصف الواحد”، مشددا على أن المطروح “ليس تشكيل حكومة وحدة، هم أرادوها من الصف الواحد وكان مفترضا في هذه الحال أن تشكل في غضون 24 ساعة”.
وبعد اعتذار رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الشهر الماضي عن تشكيل حكومة جديدة قام تحالف 8 آذار بتكليف الوزير السابق حسان دياب بهذه المهمة، وواجه الأخير صعوبات لجهة إصرار التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل على الاستئثار بعملية التأليف وفرض حصول التيار على الثلث المعطل داخل الحكومة.
وشدد السنيورة على أن تأخر تشكيل الحكومة لأسابيع “يعبر عن حقيقة إنكار تلك الفئة لما وصلت إليه الحال، وأخشى أن يكون هناك تهيب لهذه الخطوة (التشكيل) إذ ستضعهم أمام المواجهة الحقيقية مع المشكلات المطروحة”.
وذكر أن “هناك مطالب عديدة، والأوضاع تتطلب معالجات سريعة وقدرة على اجتراح الحلول”. ونبه إلى أن “العدّة التي يأتون بها ليست من النوع الذي يمكنه معالجة المشكلات، ولا كسب الثقة”، مستحضرا المثل الشعبي “هذا الغطاء ليس لهذه الطنجرة”.
واعتبر السنيورة أن الأولويات تفرض “أن يكون هناك فريق عمل متجانس، ولديه القدرة على كسب ثقة الناس بأهداف واضحة وبرامج عمل محددة”. وتساءل هل لدى فريق 8 آذار “القدرة على ذلك والاستعداد وامتلاك رؤية لحلول عملية؟”، وشدد على أن “الأمم تعتمد برامج الإصلاح عندما تكون قادرة عليها وليس حين تصبح مجبرة… ففي هذه الحال تصبح هذه البرامج ذات كلفة باهظة ومعها تشتد الأوجاع، وتغدو هي معرضة لكثير من الأخطاء”.
وكرر أن “” وضوح في الرؤية حتى الآن”، متسائلا “هل نأخذ إجراءات ضد الفساد والإفساد السياسي فيما يبدأون (فريق اللون الواحد) العملية بإرضاء الأحزاب ومستشاريها؟”.
وعن مظاهر العنف التي واكبت الحراك الشعبي أخيرا ومن المقصود مما أسماه المجلس الأعلى للدفاع “المجموعات التخريبية”، قال السنيورة “إن هناك عاملين؛ الأول حالة الغضب لدى المنتفضين الذين شعروا باستغباء لهم بعد مرور فترة طويلة (على بدء الحراك)، والعامل الثاني وجود مجموعة قد تكون مدفوعة من آخرين لهم مصلحة في حرف الانتفاضة عن مسيرتها السلمية”. وحذر من كلفة “الاستمرار في عدم الإصغاء” والضرب بعرض الحائط مطالب اللبنانيين.
وشهدت الاحتجاجات في الأيام الأخيرة أعمال عنف ومواجهات بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية، الأمر الذي أثار المخاوف من وقوع لبنان في دوامة من العنف سيكون من الصعب الإفلات منها في ظل ما يشهده الإقليم من هزات.