كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
بعدما أرجأ جلسة مناقشة الموازنة العامة للسنة الحالية إلى يومي الإثنين27 والثلثاء 28 كانون الثاني الجاري، بسبب انشغاله وتفرغه لتذليل عقد ولادة الحكومة الجديدة، يسير رئيس مجلس النواب نبيه بري في اجتهاد دستوري يُعطي فيه الأولوية لجلسة إقرار الموازنة قبل جلسة الثقة بالحكومة وبيانها الوزاري.
وإذا كان بري ينطلق من مبدأ الفصل بين السلطات وأن المجلس النيابي يستطيع أن يُشرع بغياب الحكومة، إضافة إلى أن الحكم والسلطة إستمرار، كما أنه لا يريد أن يتخطى المهلة الدستورية المحددة نهاية الشهر الجاري لإقرار الموازنة، فإن هناك من يرى خللاً في النص الدستوري لجهة عدم الوضوح في الفترة ما بين حالة تصريف الأعمال ونيل الحكومة الثقة ويميل إلى وجهة النظر القائلة باستمرار حكومة تصريف الأعمال في القيام بعملها المحدد لحين نيل الحكومة الجديدة الثقة وتسلمها مهامها وملفاتها، لكن العرف القائم بُني على احترام توقيع رئيس الجمهورية لمراسيم تأليف الحكومة التي تُعتبر تأسيساً للسلطة التي تكتمل بعد نيل الحكومة الثقة.
ومن الصعب لا بل من غير الدستوري إصدار الموازنة بمرسوم عن مجلس الوزراء بسبب عدم ورودها إلى مجلس النواب قبل 15 يوماً من المهلة الدستورية التي تُتيح هذا الأمر، كما أن رئيس المجلس لن يُسجل سابقة في عهده في هذا المجال، سيما وأن النص الدستوري يتحدث عن تخلف أو تلكؤ مجلس النواب عن القيام بواجبه في دراسة الموازنة في هكذا حالة.
كذلك، فإن هناك من يُخالف اجتهاد بري ويدعوه إلى تأجيل الجلسة إلى حين نيل الحكومة الثقة، ومن أصحاب هذا الرأي المحامي والخبير الدستوري سعيد مالك الذي يرى أنه في الأحوال العادية كنا نتجاوز المهل الدستورية في الموازنة كما أن البلد بقي سنوات بلا موازنة، فلا ضير لو تأخرت الموازنة بضعة أيام لكي تكون الحكومة نالت الثقة وأصبحت قادرة على القيام بمهامها الدستورية كاملة.
ويؤكد مالك لـ”نداء الوطن”: “رغم أنني من القائلين والداعين لحق المجلس النيابي بالتشريع بغياب الحكومة ولكن ليس في القوانين المالية وخصوصاً الموازنة التي يمنح الدستور في شأنها حقوقاً للحكومة، التي تُصبح حكومة تصريف أعمال عندما يصدر مرسوم تأليفها وبالتالي لا تستطيع القيام بهذه الحقوق لجهة الحضور والمناقشة وهي تصرف الأعمال قبل نيل الثقة”.
ويرى مالك أن “الرئيس بري يُخالف نصوص الدستور والنظام الداخلي في حال استمر في إعطاء الأولوية لجلسة الموازنة على جلسة الثقة كما يحرم الحكومة من مجموعة من حقوقها ومنها على سبيل المثال لا الحصر حق استرداد المشروع الوارد في المادة 103 من النظام الداخلي لمجلس النواب وحق طلب تأجيل النقاش وفقاً للمادة 111 من النظام الداخلي، إضافة إلى مخالفة المادة 84 من الدستور والمادة 114 من النظام الداخلي المتعلقتين بربط أي زيادة في الإعتمادات بموافقة الحكومة، كذلك فإن السؤال أو الأسئلة الأهم: من سيتلو فذلكة الموازنة؟ أليس وزير المالية؟ ومن سيناقش ويرد على النواب؟ أليس الحكومة؟”.
وكان بري تابع التحضيرات لجلسة الموازنة خلال لقاء الأربعاء النيابي الأسبوعي أمس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة وتحدث وفق بعض النواب عن الإجراءات والترتيبات الأمنية التي يُمكن أن تتخذها الأجهزة الأمنية لتأمين وصول النواب إلى الجلسة وتفادياً لتكرار ما حصل مع الجلسة السابقة التي لم تعقد بفعل التظاهرات الشعبية .
وقال بري: “أياً تكن التحديات فإن المسؤولية الوطنية والشعبية تقتضي الترفع عن السلبيات والإستثمار على بناء الثقة والإيجابيات، والحكومة بما تمتلك من كفاءات واختصاصات قادرة على صياغة رؤى وبرامج يمكن أن تشكل حجر الزاوية للخروج من الأزمة الراهنة شرط عدم إضاعة الوقت، والإثبات أنها حكومة كل اللبنانيين”.
وإذ شدد بري على “أهمية ثقة المجلس النيابي الدستورية”، أشار إلى أن “قبلها وأهمها ثقة الشعب والمجتمع العربي والدولي والتي يفترض أن تمنح لبرنامجها الإصلاحي والإنقاذي خاصة على المستويين المالي والإقتصادي”.