يسرع رئيس الحكومة حسان دياب الخطى على طريق “تثبيت أرجل” وزارته في الميدان السياسي اللبناني، لتحويلها أمرا واقعا “متينا”، من الصعب هزّه او كسره في المرحلة المقبلة. وبعد ان اجتمع مجلس الوزراء في جلسة اولى امس، ساعات قليلة بعيد إبصاره النور، تلتئم لجنة صياغة البيان الوزاري، التي تم تشكيلها في الجلسة العتيدة، الحادية عشرة قبل ظهر غد، في السراي، برئاسة دياب.
عملية تحرير البيان لن تستغرق وقتا على ما يبدو. وخلافا للمماطلة التي كانت ترافق كتابته في الحكومات السابقة، تفيد المعلومات بأن البيان شبه جاهز وستضعه اللجنة في سرعة قياسية، سيما وان فريق رئيس الحكومة حدد تصوّرا أوليا له، ولن يكون امام اللجنة الا الاطلاع عليه وادخال بعض “الروتشات” اذا اقتضى الامر، ليصبح ناجزا، في اليوم عينه على الارجح.
ويبدو ان البيان سيكون مقتضباً، وركّز على كيفية معالجة الازمة الاقتصادية – المالية التي تمر بها البلاد، مع استعادة لـ”التخريجات” الواردة في بيانات الوزارات السابقة، لمقاربة فقرات المقاومة وحق لبنان في الدفاع عن نفسه وثرواته، والحياد والنأي بالنفس، وعلاقات لبنان مع المجتمع الدولي ومحيطه العربي والخليجي. فهي اعتُمدت في حكومات “الوحدة الوطنية”، فكم بالحري اليوم في حكومة “اللون الواحد”؟
عين دياب والعهد وعرّابي الحكومة الوليدة، على حمل هذا البيان سريعا الى مجلس النواب، والمثول امامه للفوز بثقته. فاذا اجتاز “مولودهم” هذا الاختبار، بنجاح، تنفّسوا الصعداء. قلقُهم ليس نابعا من امكانية عدم تأمين الاصوات اللازمة لنيل الثقة، فالعدد “مضمون”، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”.
بل خشية السلطة هي مما يُعدّ له الثوار على الارض للمواجهة. فبعد ان رأت الانتفاضة، في تركيبة الحكومة الجديدة وفي طريقة تشكيلها، تجاهلا فاقعا لمطالبها، ولمئة يوم من التظاهرات والاحتجاجات، صبّ التفافُ أهل السلطة، على الثوار، زيتا على نار غضبهم، تُرجم امس بمواجهات كانت الاعنف بينهم وبين القوى الامنية في محيط مجلس النواب.
واذا ما جمعنا ما حصل على الارض في الساعات الماضية، الى النفوس “المشحونة” الغاضبة من أداء التحالف الحاكم، والتي تعبّر عن نفسها على صفحات ومدونات الثوار على مواقع التواصل- حيث انتشر اليوم هاشتاغ “ما في فرصة”- يمكن الاستنتاج بسهولة ان الانتفاضة تعدّ العدة لمعركة إسقاط هذه الحكومة، بكل الوسائل.
وفق المصادر، المواجهة ستبدأ بمحاولة منعها من نيل الثقة عبر قطع طريق النواب الى البرلمان، في تكرار لسيناريو 19 تشرين الثاني الماضي حين عمد الثوار الى التجمع عند كل مداخل ساحة النجمة ومنعوا النواب من الوصول اليها لعقد جلسة كانت ستناقش سلسلة قوانين يرون انها “مفخّخة” وتمنع المكافحة الصحيحة للفساد.. فكان لهم ما ارادوا!
لكن هذه المرة، تضيف المصادر، السلطة تتهيأ منذ اليوم، لسيناريو كهذا. وقد باشر المعنيون سلسلة اتصالات مع المرجعيات الامنية والعسكرية المختصة لتأمين انعقاد الجلسة، بسلاسة. وبطبيعة الحال، في مواجهة بين منتفضين عزّل مسلحين ربما بالحجارة، من جهة، وأجهزة الدولة من جهة ثانية، لا تكافؤ فرص ولا توازن رعب… فهل ينفع أهل السلطة ان يربحوا ثقة المجلس، ويفرضوا حكومتهم بـ”القوة”… ويخسروا ثقة الشعب؟