ترجمة موقع IMLebanon
نشر موقع TRT World تحقيقًا يكشف فيه عن تفاصيل فساد في ملف إدارة النفايات في لبنان من أموال الاتحاد الأوروبي، ، حيث وضعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي السابقة فيديريكا موغيريني في الواجهة.
وذكر الموقع أن مجموعة مستقلة من أعضاء البرلمان الأوروبي تخطط إلى استرداد أكثر من 38 مليون دولار خسرتها المفوضية الأوروبية في لبنان بسبب خطط “وهمية” لإدارة النفايات، إلى جانب سعي المجموعة لمحاكمة أولئك الذين كانوا مسؤولين عن الفساد.
وقال الموقع إن الأمر يشمل بعض “اللاعبين الكبار” في لبنان مثل نجيب ميقاتي وسعد الحريري، اللذين ربطهما رجل الأعمال اللبناني عمر حرفوش بملايين اليورو التي سُرقت من برامج الاتحاد الأوروبي لإدارة النفايات، واللذين أشار إلى أنهما وراء “حيلة جديدة” لسرقة المزيد من أموال المساعدات الدولية قد تصل إلى مليار دولار في ملف المحارق.
ولفت الموقع إلى تحقيق نُشر في أيار 2019، كشف عن رابط بين المصانع المدعومة من الاتحاد الأوروبي وزيادة كبيرة في حالات السرطان.
تُعد هذه الخطوة “المثيرة للجدل” توجهًا جديدًا كليًا من أعضاء البرلمان الأوروبي الذين يرغبون في رؤية مزيد من المساءلة في كيفية إنفاق أموال مساعدات الاتحاد الأوروبي. كما أنها ضربة لموغريني، التي طلبت منها آنا غوميز، نائبة برتغالية في البرلمان الأوروبي، فتح تحقيق كامل في الملف الصيف الماضي. إلا أن موغريني رفضت، وفقًا لرسالة سرية صدرت في تموز 2019، القيام بذلك.
وذكر TRT World أن هناك مجموعة غير رسمية، مؤلفة من أعضاء شعبويين (أو “يمينيين”) بقيادة تيري مارياني، وزير في حكومة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، تسعى الآن إلى فضح اختلاس بعض مساعدات الاتحاد الأوروبي للبنان – والتي قد تمنع مئات الملايين من اليورو من دعم الاتحاد الأوروبي إلى لبنان واللاجئين السوريين في المستقبل.
خلف مارياني العديد من النواب الفرنسيين، وهو يشعر بالقلق إزاء خطط إدارة النفايات “الزائفة” في لبنان، والتي تمثّل أكثر من 33 مليون دولار (لـ11 مصنعًا)، وهي “تغذّي” السياسيين الفاسدين وتساهم في الارتفاع “المفزع” في معدلات الإصابة بالسرطان في لبنان.
إلا أن الموقع رأى أن مارياني يلامس “السطح” فقط، حيث إن الاتحاد الأوروبي قد خسر خلال عقود أكثر بكثير من “مجرد” 33 مليون دولار للسياسيين و”الميليشيات الفاسدة” في لبنان. وقال: “إذا كانت دعوة مارياني إلى إجراء تحقيق حول مساعدات الاتحاد الأوروبي في لبنان جادة، فإنها تهدد برفع غطاء الفساد الضمني واختلاس أموال الاتحاد الأوروبي، وربما الأهم من ذلك، إذ قد ترفع الغطاء عن أولئك الذين بذلوا قصارى جهدهم للتستر على هذه الفضيحة”.
وأضاف الموقع أن من شأن التحقيق أن يلقي الضوء على المشاريع السابقة التي “ابتلعت” المزيد من أموال الاتحاد الأوروبي في قطاع إدارة النفايات. ففي السابق، دفع الاتحاد الأوروبي الكثير لشراء أراض وبناء ما لا يقل عن ستة محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي التي لا تعمل أبدًا اليوم، وهي جزء من عملية احتيال أكبر بكثير سرقت خزائن الاتحاد الأوروبي البالغة 110 ملايين دولار.
وعلمت TRT World أن خطة مارياني لتشكيل لجنة مكونة من أعضاء البرلمان الأوروبي ستحقق في مثل هذا الكسب غير المشروع والاختلاس على نطاق واسع في لبنان، وستسعى إلى محاكمة المذنبين وإلى استعادة الأموال المنهوبة. كما يأمل أعضاء البرلمان الأوروبي في أن تتخذ الحكومة اللبنانية المبادرة للتحقيق في الموضوع وتسليم الأموال إلى بروكسل كرمز للنوايا الحسنة.
خلال خطاب مدته دقيقتان في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ في 27 تشرين الثاني الماضي، والذي استشهد فيه مارياني بـ”خداع” المساعدات التي قدمها الاتحاد الأوروبي في طرابلس، أقرت موغريني أخيرًا بأنه يتعين دراسة القضية.
وستُقدّم مطالبات مارياني إلى جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الجديد، والذي سيصعب عليه متابعة موضوع “التستر على التستر” في لبنان (على حد تعبير أحد أعضاء البرلمان الأوروبي).
يمكن أن تعزى الخطوة “غير التقليدية تمامًا”، بحسب تعبير TRT World، التي اتخذتها مارياني في البرلمان الأوروبي إلى عازف البيانو الفرنسي – اللبناني ورجل الأعمال عمر حرفوش. الأخير انطلق قبل بضعة أسابيع في بروكسل بمؤتمر مؤلف من نواب من البرلمانات الوطنية (مثل دينو جيارروسو عضو مجموعة “خمس نجوم” في إيطاليا) الذين يدعمون المبادرة اللبنانية.
نظّم حرفوش، الذي يُعد من المشاهير الصغار في فرنسا، مؤتمرًا مماثلًا في العام الماضي في مجلس الشيوخ الفرنسي برئاسة فيليب دوست بلازي، الذي شغل أيضًا منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة.
يقول حرفوش إنه كان على وشك بناء مصنع فرنسي الصنع لإدارة النفايات، بقيمة 38 مليون دولار من الأموال اللبنانية، إلا أنه أُلغي قبل أيام من تنفيذه بسبب الفساد.
تشير اتهامات حرفوش إلى منظمات غير حكومية ورئيس بلدية طرابلس الذين وُعدوا بحصّة من هذه الكعكة (المحارق)، وبرشاوى ضحمة. ولهذا السبب، يعتقد حرفوش أنه تم حظر مصنعه الفرنسي في اللحظة الأخيرة. كما أصبح حرفوش موضوع حملة تشويه ربطته بالموساد الإسرائيلي.
حتى أن رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، الذي يؤيد المحارق، قد اتُهم بأنه جزء من عملية الاحتيال، التي يقول حرفوش إن كلفة كل منها حوالي 120 مليون دولار ولكن تم تضخيمها إلى 170 مليون..
ولفتت TRT World إلى أن الاقتراح الأولي جاء في تموز 2018، حيث زار وفد فرنسي من النواب المصنع الحالي الذي يموّله الاتحاد الأوروبي في طرابلس، والذي تسبب في الرائحة الكريهة في المقام الأول (ماليًا وفعليًا). جاءت الفكرة من عضو فرنسي يدعى ناتالي غوليت.
التقى حرفوش في البداية مع السياسيين في طرابلس الذين طلبوا من فرنسا المساعدة. كما التقى رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي والرئيس ميشال عون، اللذين قالا إنه إذا كان بإمكانه إيجاد حل، فسيدعمانه. إلا أنه أشار إلى “علامات” أكدت حتمية فشل مشروعه بسبب افتقاده عنصر “البخشيش”.
“لم يقبل لبنان مشروعي لأن أحدًا لم يأخذ أموالًا من الرشوة”، قال حرفوش لـTRT World في مكالمة هاتفية. وأضاف: “المشاريع التي ليس لديها رعاة مستعدون للتغاضي عن الاختلاس، تقع عادةً في أول عقبة”.
وادعى حرفوش أنه التقى الحريري سبع مرات، الذي دائمًا ما أعطى الضوء الأخضر لكنه لم يدفع أبدًا إلى تنفيذ المشروع.
وتابع حرفوش: “قاد رئيس بلدية طرابلس حملة ضد المصنع الجديد عبر المجتمع المدني. في الوقت نفسه، أسمع قصصًا عن ثلاثة محارق سعر كل منها 170 مليون دولار، ولكن في الواقع، فإن السعر الحقيقي هو 120، أي أن 50 مليونًا لا أعرف إلى أين تذهب”.
ومضى قائلًا: “كان الحريري مخلصًا جدًا معي، لكن في كل مرة أزوره فيها، يزوره لوبي لاحقًا لإخباره أنه مع المحارق سيحصل أحد على 10 مليون دولار، والآخر 10 مليون دولار، لذلك فهمت أن كان هناك مخطط فساد أراد طردي من لبنان. حتى إنهم ذهبوا إلى حد نشر شائعات عن أنني جاسوس للموساد”.
كما ادعى حرفوش أن ميقاتي هدده في البداية بأنه قد يجعله “يختفي”. لهذا السبب، هو يخشى العودة إلى لبنان، مؤكدًا أن التهديدات التي تلقاها حقيقية.
ولفت حرفوش إلى أن مارياني الآن هو الرجل الذي دفع ملف لبنان إلى الأمام وفضح الاختلاس، إلى جانب مساعدة اثنين من أعضاء البرلمان الأوروبي اليميني.
وختم قائلًا: “مارياني مستعد للذهاب إلى لبنان في شباط مع وفد لمتابعة التحقيق ومعرفة أين ذهبت أموال الاتحاد الأوروبي هذه”.