كتب رضا صوايا في “الاخبار”:
تسعى مجموعة من النواب في البرلمان الأوروبي لفتح تحقيق في مزاعم فساد تطال مشاريع للاتحاد الأوروبي في مجال إدارة النفايات في لبنان، قد تقود في حال التثبت منها إلى حجب مساعدات الاتحاد عن لبنان. المفارقة في الموضوع تكمن في أن النواب يطالبون باستعادة الأموال المنهوبة للاتحاد، آملين من الحكومة اللبنانية المبادرة إلى التحقيق من جهتها وإعادة هذه الأموال كبادرة حسن نية!
في 14 تشرين الثاني المنصرم نجح مؤتمر بروكسيل للاتحاد الأوروبي عن لبنان والفساد بإدراج ملف لبنان في جلسة البرلمان الأوروبي التي عقدت بعد أسبوعين، وتحدث فيها حوالى 20 نائباً أوروبياً عن الأوضاع في لبنان، من بينهم تييري مارياني، الوزير السابق في حكومة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي قال في مداخلته «أننا كمنتخبين في البرلمان الأوروبي يتوجب علينا أن نتساءل أين تذهب الأموال التي نحوّلها إلى لبنان لمساعدته؟». وأبرز رسالة من عضو المجلس البلدي في طرابلس نور الأيوبي يذكر فيها أن الاتحاد الأوروبي أعطى هبة لبناء معمل لفرز النفايات في عاصمة الشمال، لم ينفذ وفق دفتر الشروط.
ويبدو أن اندفاعة مارياني لم تخفت. إذ لا يزال مصمماً على ملاحقة القضية حتى النهاية. فبحسب مقال للصحافي البريطاني مارتن جاي نشر على موقع قناةTRT World التركية الرسمية الناطقة بالانكليزية، يقود النائب الفرنسي مجموعة من «النواب الشعبويين (اليمينيين) في البرلمان تخوض صراعاً للتحقيق حول اختلاس مساعدات الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يؤدي إلى حجب مساعدات بمئات ملايين الدولارات عن لبنان وعن النازحين السوريين». وأوضح جاي أن بعض أعضاء البرلمان الأوروبي «يشعرون بأن خطط الاتحاد الأوروبي لإدارة النفايات في لبنان مزيفة»، ولذلك «يخططون لاسترداد أكثر من 38 مليون دولار خسرتها المفوضية الأوروبية في لبنان بسبب خطط وهميّة لإدارة النفايات، إلى جانب محاكمة المسؤولين عن الفساد في هذا الملف». وفي التفاصيل، أجرى جاي تحقيقاً في أيار الماضي تناول فيه الفساد الذي ينخر بمشاريع الاتحاد الأوروبي في مجال إدارة النفايات في لبنان. وإثر نشر التحقيق، طالبت النائبة البرتغالية في البرلمان الأوروبي آنا غوميز الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية حينها فيديريكا موغيريني بفتح تحقيق في الأمر. طلبٌ ردت عليه الأخيرة بالرفض من خلال رسالة وجهتها إلى غوميز أكدت فيها أن «المقال يتضمن معلومات مغلوطة ومضللة… وأن النتائج الأولية لا تظهر أي إشارات عن فساد».
رفض موغيريني حفز هذه المجموعة من النواب على مواصلة المساعي للوصول إلى تحقيق في الملف بحسب موقع TRT World الذي يشير إلى أن «مارياني المدعوم من عدد من النواب الفرنسيين في البرلمان الأوروبي، يشعر بالقلق إزاء خطط إدارة النفايات المزيفة في لبنان والتي تبلغ قيمتها حوالى 33 مليون دولار لـ 11 مصنعاً، ويعتبر أنها تغذي السياسيين الفاسدين إضافة إلى مساهمتها في الارتفاع المفزع لمعدلات الإصابة بالسرطان في لبنان».
وبحسب المقال فإن «الاتحاد الأوروبي وقع منذ عقود في شرك السياسيين الفاسدين والميليشيات في لبنان، وخسر أكثر بكثير من 33 مليون دولار التي لا تمثل إلا رأس الجليد فقط». وفي هذا السياق يقول الكاتب إنه في حال كانت مطالبة مارياني بفتح تحقيق جدية فإن من شأن ذلك أن «يلقي الضوء على مشاريع سابقة ابتلعت المزيد من أموال الاتحاد الأوروبي في قطاع إدارة النفايات. ففي السابق، أرغِم الاتحاد الأوروبي على شراء أراضٍ وبناء ما لا يقل عن ستة مشاريع للصرف الصحي، غير مشغّلة ولم تعمل يوماً، وتعد جزءاً من عملية احتيال أكبر بكثير سرقت خزائن الاتحاد الأوروبي بمبلغ يقدر بـ110 ملايين دولار». وفيما يكشف المقال عن نية مارياني إنشاء لجنة تحقيق تضم نواباً في البرلمان الأوروبي لمحاسبة الفاسدين و«استرداد الأموال المنهوبة»، فإنه يتحدث عن «أمل أعضاء البرلمان الأوروبي بأن تأخذ الحكومة اللبنانية المبادرة بالتحقيق في الملف، وبأن تسلم الأموال المنهوبة إلى بروكسل كبادرة حسن نية».
وينقل جاي عن أحد نواب البرلمان الأوروبي قوله إنه «لا يوجد شك بأن مطالب مارياني ستقدم إلى جوزيب بوريل الممثل السامي الجديد للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية الذي خلف موغريني، والذي سيصعب عليه متابعة التستر على الفساد في لبنان».