Site icon IMLebanon

السنيورة: لم يحترموا الوعد بتوزير إختصاصيين

أعلن الرئيس فؤاد السنيورة أن “هذه الحكومة هي الآن حكومة اللون الواحد. فلقد أصبح حزب الله الآن صاحب السلطة الأكبر الموجودة في لبنان، إذ تمكن من أن يمد نفوذه وسلطته وسيطرته، وهي لم تعد قاصرة فقط على رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي، بل أصبحت تمتد أيضا لتشمل رئيس الحكومة وأعضاء الحكومة”.

ولفت السنيورة إلى أن “المشكلة في هذا التأليف أن الرئيس المكلف لم يستجب للمطالب التي تقدم بها شباب الانتفاضة وهي تأليف الحكومة من مستقلين اختصاصيين. لقد كان هناك إغداق في الوعود من قبل الرئيس المكلف بإصراره على تأليف الحكومة الجديدة من المستقلين الاختصاصيين. ما حصل على العكس من ذلك، فلقد رأى اللبنانيون بأم أعينهم ما رافق عملية التأليف من مداخلات وتدخلات كانت تقوم بها الأحزاب الطائفية والمذهبية والسياسيون من أهل الصف الواحد، والتنافس والتسابق في ما بينهم على الحصص والحقائب الوزارية، ومن ينبغي أن يمثلهم في الحكومة الجديدة. في المحصلة، لم تأت هذه الحكومة بمستقلين كما كان مطلوبا وكما كانت الوعود”.

وقال: “المفارقة الشديدة تتعلق بالوزراء الاختصاصيين. فالوعد بتوزير الاختصاصيين لم يكن صحيحا، وهو لم يحترم، حيث أن قسما من أولئك الاختصاصيين أصبحوا وحسب التشكيلة التي أعلن عنها الرئيس المكلف يتولون حقائب وزارية من غير اختصاصهم. لذلك، فقد كان من نتيجة تلك الأخطاء أن ردة الفعل في الشارع اللبناني ولدى شباب الانتفاضة بشأن التشكيلة الوزارية ما جرى كان خلافا للوعود، وفي الحقيقة غير ما كانوا يتمنونه. ولذلك، كانت الانعكاسات لدى على شباب الانتفاضة، ولدى الكثير من اللبنانيين سلبية. على صعيد آخر، فقط كانت ردة الفعل العربية والدولية وبالإجمال بشأن تأليف هذه الحكومة غير إيجابية. وهي قد ربطت مواقفها بما ستنفذه الحكومة الجديدة من إصلاحات”.

وتابع السنيورة: حصلت ملابسات كثيرة خلال عملية التأليف تذكرنا بالملابسات التي سبقت تكليف دولة الرئيس حسان دياب بتأليف الحكومة الجديدة. ومن هذه الملابسات الجديدة، تخلي الرئيس المكلف عن المبادئ التي نادى بها منذ البداية، وهي حكومة من الاختصاصيين المستقلين.

كلام السنيورة جاء في حديث مع “القناة العاشرة” التلفزيونية المصرية.

وعن الولادة المتعثرة للحكومة قال: “ردة الفعل الأولى على تأليف الحكومة الجديدة في لبنان كانت سلبية ومعارضة. والسبب أن هناك خيبة أمل كبيرة، لدى شباب الانتفاضة، وكذلك لدى عدد كبير من اللبنانيين، من هذه الحكومة. والحقيقة أنه حصلت ملابسات كثيرة خلال عملية التأليف تذكرنا بالملابسات التي سبقت تكليف الرئيس حسان دياب بتأليف الحكومة الجديدة. ومن هذه الملابسات الجديدة، تخلي الرئيس المكلف عن المبادئ التي نادى بها منذ البداية، وهي حكومة من الاختصاصيين المستقلين. واظن أن حزب الله الذي يقود هذه المجموعة السياسية، كان متهيبا أن تتم عملية التأليف على الشكل الذي تمت عليه، لكنه سارع إلى البت بإنجاز تأليف الحكومة بهذا الشكل عندما نشبت واحتدمت الخلافات العميقة بين الحلفاء من أهل البيت الواحد أو الفريق الواحد، والذين هم جميعا ينتمون إلى المجموعة السياسية نفسها أو ما كان يعرف بفريق الثامن من آذار”.

وتابع: “ما حصل حتى الآن له انعكاساته السلبية على الحكومة وعلى كيف يمكن لهذه الحكومة، وكيف يجب عليها، أن تتصرف في مقاربتها لهذا الكم الكبير من المشكلات التي تراكمت في لبنان وعليه على مدى السنوات الماضية، ولا سيما خلال السنوات التي تولى فيها العماد ميشال عون رئاسة الجمهورية، والتي أدت في المحصلة الى انحسار كبير في مستويات الثقة لدى المواطنين اللبنانيين بالحكومة اللبنانية وبالمجتمع السياسي ككل في لبنان. هذه الثقة استمرت مفقودة بعد صدور هذه التشكيلة الجديدة للحكومة، وتحديدا بينها وبين اللبنانيين، ولا سيما أن هذه التشكيلة الأخيرة للحكومة لا توحي بخلفية مكوناتها وبإمكانياتها انها ستكون قادرة على مجابهة وطرح الحلول للمعضلات والتحديات التي تواجه لبنان حاليا”.

وردا على سؤال قال: “المشكلات التي تفاقمت لدى لبنان خلال السنوات الثلاث الماضية والناتجة عن سوء التقدير وسوء التدبير أصبحت كثيرة وهي كذلك أيضا على الصعيد الاقتصادي والمالي والنقدي والتي أصبحت مستعصية، وبعض منها يعود تاريخه إلى حوالى ثمانية أعوام، ومؤشراتها تبين الانحسار الكبير في النمو الاقتصادي الذي انخفض الى مستويات متدنية وحتى إلى ما دون الصفر. كذلك، تبين المؤشرات تفاقم العجز في الموازنة والخزينة، والتي بلغت أرقاما قياسية نتيجة عدم التبصر وعدم المبادرة إلى العمل على ترشيق الدولة اللبنانية وعدم وقف الإنفلاش في حجمها واستمرار الإمعان في زيادة حجم الإنفاق، وفي ترتيب الأعباء على الخزينة. ويضاف إلى ذلك كله أيضا، العجز الكبير في ميزان المدفوعات والذي تحول ليصبح سلبيا وبمبالغ كبيرة منذ ثمانية اعوام وما زال”.

وأضاف: “هذه كلها مؤشرات غير جيدة كانت لها انعكاساتها السلبية الكبيرة على الأوضاع المعيشية المتردية للبنانيين. وكانت لها انعكاساتها السلبية على تفشي البطالة، بحيث أن الاحتقان لدى اللبنانيين كان ينتظر حصول حادثة واحدة حتى ينفجر، وبالتالي إلى أن يبادر اللبنانيون الى التعبير عن غضبهم ويأسهم من الوضع الذي وصلوا إليه، وهم ما زالوا منتفضين في شوارع العاصمة وباقي المناطق اللبنانية منذ قرابة مائة يوم. ماذا ينبغي على هذه الحكومة أن تفعله الآن وهي بانتظار ان تضع بيانها الوزاري حتى تحصل على الثقة في مجلس النواب. لكن الأمر الأساس هو في كيف يمكن لهذه الحكومة أن تستعيد ثقة اللبنانيين وثقة المجتمعين العربي والدولي. في الحقيقة إن هذا الامر قد أصبح الآن على قدر عال من الصعوبة”.

وعن كيفية استعادة المواطن اللبناني ثقته بالحكومة؟ أجاب: “على هذه الحكومة، ولكي تبدأ مشوارها الطويل في استعادة الثقة المفقودة، أن تعود الى احترام الأصول. وهي بداية في التأكيد من جديد، فعلا وليس قولا فقط، على احترام الدستور واحترام اتفاق الطائف، واحترام السلطة الكاملة للدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وتأكيد استقلالية القضاء واحترام الشرعيات العربية والدولية وايضا احترام مبادىء وقواعد الكفاءة والجدارة والانجاز في تولي المسؤوليات في مناصب الدولة. هذه بعض من المسائل الاساسية التي ينبغي على هذه الحكومة ان تعبر عنها في بيانها الوزاري. وبعد ذلك أن يرى اللبنانيون بأعينهم، وكذلك يلمسوا بأن الحكومة تحترمها في أدائها.
غير أن ذلك كله على ضرورته وأهميته، لا يعد يكفي لأن الحكومة اللبنانية مضطرة ولكي تبدأ في العودة إلى اكتساب الثقة، أن تبادر إلى اعتماد وتنفيذ السياسات والإجراءات الإصلاحية على الصعد الاقتصادية والمالية والإدارية والنقدية، ومن ضمن ذلك العمل بجد من أجل المحافظة على مدخرات اللبنانيين”.

أضاف: “من المعروف أن هناك لائحة طويلة من الإصلاحات التي ينبغي على الحكومة القيام بها على الصعد الاقتصادية والمالية والإدارية والنقدية. ومن ذلك المبادرة فورا إلى العودة إلى احترام وتطبيق القوانين الثلاثة الأساسية والعائدة للكهرباء والاتصالات والطيران المدني، والتي كان يصر المعطلون في الحكومات الماضية وعلى مدى سنوات عدة على عدم تطبيقها. وهناك الكثير من الإصلاحات الهيكلية التي ينبغي على الحكومة القيام بها بما ينعكس إيجابا لاستعادة الثقة من جهة، والنمو الاقتصادي من جهة ثانية. بالإضافة إلى ذلك، وفي المحصلة، يجب التنبه إلى أن هذه الحكومة هي الآن حكومة اللون الواحد. فلقد أصبح حزب الله الآن صاحب السلطة الأكبر الموجودة الآن في لبنان. فلقد تمكن حزب الله من أن يمدّ نفوذه وسلطته وسيطرته، وهي لم تعد قاصرة فقط على كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي، بل أصبحت تمتد أيضا لتشمل رئيس الحكومة وأعضاء الحكومة. ماذا يعني ذلك؟ أنه يعني أن هذا الأمر قد أصبح مسألة تثير الكثير من القلق. ليس فقط لدى اللبنانيين في لبنان وانعكاس ذلك كله على التوازنات الداخلية، ولكن وأيضا لدى المجتمعين العربي والدولي بكونه يفاقم حال الخلل الكبير في التوازن الخارجي للسياسة الخارجية للبنان”.

وختم: “لذلك، لكي يتم التقدم على مسار المعالجات المطلوبة، فإنه ينبغي على هذه الحكومة أن تتصرف بمسؤولية كبرى وتبصر كبير، وعليها أن تعبر في أدائها وتعاملها بأنها تعمل على تبديد هذا الانطباع الذي تكون لدى اللبنانيين ولدى المجتمعين العربي والدولي في هذه الحكومة بشأن سلطة حزب الله عليها. في الحقيقة، لقد أصبح هذا الأمر شأنا وعاملا أساسيا من أجل اكتساب ثقة اللبنانيين وثقة المجتمعين العربي والدولي، وذلك بالإضافة إلى أهمية البدء بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية التي ينبغي التشديد عليها حتى يستطيع لبنان الحصول على الدعم الذي يحتاجه وبشدة من أشقائه وأصدقائه في العالم، وهذه كلها أمور قد أصبحت في غاية الصعوبة من أجل أن تتمكن الحكومة من خوض غمار إنقاذ لبنان”.