ليس خافياً على احد حجم التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة، وهي لا تُعدّ ولا تُحصى، خصوصاً في ظل الازمات التي تراكمت عبر السنوات الى اليوم. لكن قدرتها على المواجهة تبقى ضعيفة في ظل رصيدها المفقود، باعتراف داخلي وخارجي.
اولى الاولويات امام الحكومة كما يراها النائب السابق الدكتور فارس سعيد في حديثه مع “نداء الوطن” ستكون استعادة ثقة المجتمعين الدولي والعربي بالدولة اللبنانية، لكنه يرى ان هذا شأن “شبه مستحيل نظراً إلى تركيبتها، فهي صنيعة ارادة “حزب الله” في لبنان، فطالما هناك التصاق بينها وبينه، سيتعذّر عليها اعادة تكوين علاقات ثقة، سواء مع دوائر القرار العربية او الخارجية، ما سيؤدي الى شلّ حركتها وعدم قدرتها على تلبية احتياجات الناس اليومية”.
اما ثاني الاولويات، كما يراها سعيد، فتكمن في “ان هناك من ينصح هذه الحكومة بأن تذهب الى التفاوض المباشر مع اسرائيل لترسيم الحدود انطلاقاً من البند 10 من القرار 1701، بمعنى ان تستكمل ما بدأ به الرئيس نبيه بري مع السفير دايفيد ساترفيلد ومن ثم مع السفير دايفيد هيل لترسيم الحدود تنفيذاً للقرار 1701، ومن اجل انطلاق هذا القرار من حالة وقف الاعتداءات الى حالة وقف اطلاق النار، ويظنّ من ينصح الحكومة بهذا الاتجاه انه بمجرد ان تجلس الحكومة اللبنانية مع حكومة اسرائيل تحت خيمة الامم المتحدة ستحصل على شرعية دولية تخوّلها شراء الوقت او استعادة الثقة.
فـ”حزب الله” من جهة يحمل عنوان طرد اميركا من المنطقة ومن جهة اخرى لا حرج عنده بأن تجلس حكومة الرئيس حسان دياب مع حكومة بنيامين نتنياهو لحل النزاعات القائمة بحجة انهم يساهمون في بناء الارضية القانونية لاستثمار الغاز والنفط في البحر”.
وتمنى سعيد “ان يحصل هذا الامر، فإن تحقق، سنُنهي ملف الصراع اللبناني ـ الاسرائيلي المفتوح منذ العام 1948 وتكون حكومة “حزب الله” اعترفت بالكيان الاسرائيلي، في حين نفتح نحن في الداخل جدوى بقاء السلاح. فاذا اعترف الحزب باسرائيل وجلس معها على طاولة المفاوضات فأي جدوى لاستمرار بقاء السلاح في يديه؟ عندها، سنطرح موضوع السلاح داخل المؤسسات ونطلب من الاحزاب الممثلة داخل المؤسسات بأن تطرح جدوى السلاح وان تقوم بتنظيم علاقة الجمهورية اللبنانية من جهة وعلاقة “حزب الله” من جهة اخرى”.
ويلفت سعيد الى “ان بعض الاطراف المحلية التي واكبت ثورة 17 تشرين تعتبر أن هذه الحكومة مؤلفة من اختصاصيين وجامعيين، اكانوا من الجامعة اليسوعية او الاميركية وبالتالي هناك مصلحة لاعطائها بعض الوقت لكي تلتقط انفاسها وتبدأ بالعمل”. ويبدي اعتقاده “بأن هذا المنحى هو غير سليم لان من يجب ان يعطيها الوقت ليس الناس وانما “حزب الله” بالتحديد من خلال وضع جدول زمني لتسليم سلاحه الى الدولة اللبنانية، وهكذا يعطي للحكومة فرصة التحرر من هذا السلاح وفرصة العمل لاستعادة الثقة”.
ويلاحظ ان “ليس هناك اي منحى اقتصادي او مالي او نقدي جدي في لبنان يعتبر ان هذه الحكومة قادرة على النهوض من كبوته لانه يحتاج الى نحو 25 مليار دولار من اجل بداية استعادة الوضع المالي الاقتصادي، أضف الى ان الخبراء الاقتصاديين يعتبرون ان “الكابيتال كونترول” ليس تدبيراً واحداً وينتهي، بل كالمسمار يدوم بالحد الادنى 5 سنوات، اي بمعنى آخر، وضعنا الاقتصادي والمالي والمصرفي سيظلّ على ما هو عليه اليوم لخمس سنوات بالحد الادنى، وكل هذه النقاط لا تدفعني الى القول بأن الحكومة قادرة على النهوض في ظل هذه الاوضاع وبالتالي سنصل الى مرحلة يضع فيها صندوق النقد الدولي يده على الحالة الداخلية اللبنانية، وسيقبل “حزب الله” خلافاً لما يظن البعض، بدخول الصندوق على الحياة اليومية اللبنانية، كما قبل بالمحكمة الدولية من اجل العدالة للرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وكما قبل بالقرار 1701 من اجل تنظيم قواعد الاشتباك بين لبنان واسرائيل”.
وختم سعيد بالقول: “اذا كان هناك من تدخلات دولية وعالمية سواء بالقضاء او باستقلال لبنان او باقتصاده فالمسؤولية تعود حصراً على “حزب الله” فهو من خلال سلوكه ومشاكسته وافتعال المشاكل فتح الباب واسعاً لمجيء الخارج تارة عبر نافذة القضاء وطوراً من نافذة العلاقة مع اسرائيل واليوم من نافذة الاقتصاد ليضع يده على القرار الداخلي اللبناني”.