Site icon IMLebanon

“الحزب” بين المكابرة والانتحار! (بقلم رولا حداد)

قال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله: “يجب أن لا نذهب تحت عنوان “بأن وضعنا سيء” إلى أي مؤسسة خارجية لتفرض علينا شروطا تمس بسيادتنا الوطنية وبحقوق شعبنا، وأي وصفة تمس بهذه السيادة، فسيكون لنا منها موقف واضح وتبلّغ من يجب أن يتبلغ أن هذا الأمر حساس وخطير”.

لكن فات فضل الله أن حليفه وزير المالية غازي وزني، المنتدب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، كان سارع ومنذ اليوم الأول لاستلامه الوزارة إلى إعلان نيته اقتراض ما بين 4 مليارات و5 مليارات دولار من الدول والصناديق المانحة لتمويل استيراد المحروقات والطحين والأدوية لمدة سنة، كما التقى ممثلي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وطالب بدعم الدول الغربية والعربية!

كيف يمكن التوفيق بين مساعي وزني، وزير المال والخبير المالي والاقتصادي، ورفض فضل الله، نائب “حزب الله” الخبير في شؤون الممانعة؟

يبدو أن الحكومة الجديدة في ظل المعطيات الحالية، وبعيداً عن مواجهتها مع الثورة المصرّة على إسقاطها، ستكون أمام مهمة مستحيلة ذات بعدين: البعد الأول سياسي في محاولة يائسة لتنزع عنها صبغة أنها “حكومة حزب الله” في ظل إصرار الحزب على إظهار أنها حكومته، ويكفي للاستدلال على ذلك قراءة التصريح الأخير لنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، وتيقّن المجتمع الدولي من ذلك منذ اللحظة الأولى كما ظهر في الإعلام الغربي. أما البعد الثاني فهو مالي واقتصادي حيث ستخوض الحكومة مواجهات داخلية حامية بفعل رفض “حزب الله” المعلن الالتزام بالوصفات الدولية كشرط مسبق لتلقي المساعدات من الجهات والدول المانحة، وبفعل تيقّن فريق ثانٍ في الحكومة بأن لا مجال لأي خلاص سوى بالذهاب مباشرة إلى وصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، كما في استرضاء الولايات المتحدة والدول العربية والخليجية تحديداً، من أجل الأمل بالحصول على المساعدات المطلوبة. فكيف يمكن الحصول على الرضى العربي والغربي في ظل إصرار “حزب الله” على التأكيد أن الحكومة حكومته وأن سياستها العامة تقضي بأن تبقى في محور الممانعة؟!

المفارقة في الموضوع تكمن في أن الحزب الذي يرفض الوصفات الغربية، الوحيدة المتوافرة لحالات مالية واقتصادية مستعصية كما الحال في لبنان، لا يملك أي وصفة يقدمها لمحاولة وضع حد للانهيار الكبير الذي نعاني منه، فالمثال الأعلى للحزب هو إيران التي تعاني أسوأ أزمة اقتصادية منذ الثورة الخمينية وأصبحت معزولة عن الاقتصاد العالمي!

هكذا يبدو “حزب الله” في لبنان بعد استيلائه على الحكومة، كمثل خاطفين سيطروا على طائرة ركاب وهم لا يجيدون قيادة الطائرة، وفي الوقت نفسه يرفضون التجاوب مع إرشادات برج المراقبة، ولم يبق أمامهم سوى قيادة ما يشبه عملية الانتحار الجماعي. وفي هذا الإطار، لربما يسعى الحزب إلى تطبيق المثلين الإيراني والفنزويلي في لبنان طالما أن لا أفق أمامه سوى خوض المزيد من المغامرات المحكومة بالفشل على الصعد كافة، وطرق باب كل الانهيارات الممكنة بفعل وصفات المكابرة اليائسة التي لا يملك غيرها!