كتبت هديل فرفور في “الاخبار”:
باشرت وزارة الصحة إجراءات رصد الوافدين إلى لبنان من الصين ومن البلدان المشتبه في وصول فيروس «كورونا» إليها. حتى الآن، لا شيء يستدعي الهلع، بحسب المعنيين في الوزارة الذين يحذرون من السفر إلى الصين إلا في الحالات الاضطرارية. وفيما يتفاقم انتشار الفيروس ووصوله الى عدّة بلدان، تطرح تساؤلات حول الإمكانيات التي تتمتع بها السلطات اللبنانية لتدارك الخطر في ظلّ وجود غرفة عزل واحدة في المُستشفى الحكومي تتّسع لأربعة مرضى فقط.
«هذا الحدث لا يُشكّل واحداً من طوارئ الصحة العمومية التي تُثير قلقاً دولياً». هذا ما خلص إليه اجتماع لجنة الطوارئ التابعة لمُنظّمة الصحة العالمية، الخميس الماضي، والذي خُصّص للنظر في تفشي فيروس كورونا المُستجد عام 2019، مُقترحاً أن تجتمع اللجنة في غضون أيام لمواصلة درس الوضع.
اللجنة التي تُعطي مشورتها لمدير المنظّمة لاتخاذ قرار في ما إذا كان الفيروس يُشكّل طارئاً يستدعي قلقاً دولياً، لم تُعلن حتى أمس ضرورة إثارة «القلق الدولي»، علماً بأنها استندت في خلاصتها، حينها، إلى معطيات قدّمتها السلطات الصينية تفيد بوفاة 17 حالة من أصل 557 إصابة (4%)، في حين تجاوزت أعداد الوفيات خلال الأيام الماضية 50 وفاة من أصل 2000 حالة، ما يطرح تساؤلاً عمّا إذا كان أعضاء اللجنة سيبقون على رأيهم بأن «من السابق للأوان الإعلان عن طارئة الصحة العمومية التي تُثير قلقاً دولياً نظراً إلى طبيعتها التقييدية والثنائية». كما أن هذه الخلاصة سبقت «تصدير» الفيروس إلى تايلاند وماليزيا وأستراليا وسنغافورة وفرنسا واليابان وتايوان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وفيتنام والنيبال وكندا، مع الترجيحات بأن يشمل بلداناً أخرى، باعتراف المُنظمة نفسها التي تُشير إلى وجوب أن تكون جميع البلدان على «أهبة الاستعداد لاحتوائه، عن طريق الترصد النشط والكشف المُبكر والعزل وإدارة الحالات وتتبّع المُخالطين وتبادل البيانات الكاملة مع المُنظّمة». فما هي استعدادات السلطات اللبنانية؟
قبل يومين، غرّد وزير الصحة الجديد حمد حسن بأنّ «لدى لبنان القدرة على معالجة أي مريض مُصاب بفايروس كورونا (…) عبر عزل المريض في قسم مجهز في مُستشفى رفيق الحريري الجامعي أولاً، وتزويده بالعلاج الضروري لحالته ثانياً، ومتابعة المريض لحظة بلحظة من قبل فريق طبي متخصّص ثالثاً».
المُفارقة أن تغريدة حسن توحي بتوافر العلاج في لبنان، في حين لا تزال منظمة الصحة العالمية تعمل مع السلطات الصينية والخبراء العالميين، منذ السابع من الشهر الجاري، لمعرفة المزيد عن الفيروس وكيف يؤثر على الأشخاص المصابين به، وكيف يمكن علاجهم، وما الذي يمكن أن تفعله الدول والحكومات لضبط الأمر، وفي وقت أعلن فيه المعنيون بالقطاع الصحي الصيني عن تعزيز قدرة تفشّي الفيروس، وأقرّ فيه الرئيس الصيني شي جيبينغ بخطورة الوضع، محذّراً من تسارع انتشار الوباء، علماً بأنه لا توجد حتى الآن أدوية مضادة للفيروس، فيما تتركز المعالجة على تقديم العلاج المساند للأعراض.
في اتصال مع «الأخبار»، أوضح المعنيون في وزارة الصحة أنّ المقصود من التغريدة عدم إثارة الهلع، والإشارة إلى الإجراءات التي تستطيع الوزارة اتخاذها لتدارك الوضع عبر الإشارة الى وجود غرفة عزل في مستشفى رفيق الحريري الحكومي وغيرها من الإجراءات، علماً بأن غرفة العزل هذه استحدثتها وزارة الصحة بعد انتشار فيروس «إيبولا» عام 2014، وهي تتسع لأربعة مرضى فقط!
أمّا الإجراءات التي باشرتها الوزارة فتتمحور حول «رصد المُسافرين». وقد عمّمت رئاسة مطار رفيق الحريري على شركات الطيران والخدمات الأرضية العاملة في المطار تعبئة استمارة خاصة بكل الوافدين وتسليمها الى قسم الحجر الصحي في المطار، على أن يتم تدوين رقم هاتف المسافر وعنوانه على الاستمارة للاتصال به.
وبحسب دائرة الطب الوقائي والأوبئة، ستقوم الوزارة على مدى أسبوعين (فترة احتضان الفيروس) بالتواصل المُستمرّ مع الوافدين من الصين والبلدان التي تشهد إصابات لمتابعة وضعهم الصحي، مُشيرةً إلى توجه الوزارة لإصدار تعاميم ومُلصقات توعية بشأن الفيروس. ونصح المعنيون في الوزارة بعدم السفر إلى الصين إلا في الحالات الاضطرارية. لكنهم شدّدوا على أن لا داعي للهلع في لبنان، إذ «ثمة عوامل مُساعدة»، أبرزها عدم تسيير رحلات مباشرة إلى الصين، وبالتالي خضوع المُسافرين لـ«فلترة» عبر مطارات بلدان «الترانزيت»، مؤكدين عدم بروز مؤشرات خطيرة تستدعي إجراءات استثنائية حتى الساعة.
الفيروس الجديد
في 31 كانون الأول الماضي، تم تنبيه مُنظّمة الصحة العالمية إلى عدد من حالات الالتهاب الرئوي في مدينة ووهان في مقاطعة هوبي الصينية. بحسب المنظمة، لم يتطابق الفيروس مع أي فيروس آخر معروف. بعد أسبوع واحد، وفي السابع من الشهر الجاري، أكّدت السلطات الصينية أنها تعرّفت إلى فيروس جديد وهو فيروس «كورونا»، وهو مجموعة من الفيروسات التي تشمل عدة فيروسات منها «السارس»، وتمّ تسمية هذا الفيروس الجديد مؤقتاً باسم 2019-nCoV.
وفايروسات كورونا هي مجموعة كبيرة من الفيروسات تُسبّب أمراضاً تراوح بين نزلات البرد الشائعة والأمراض الأكثر حدة كُمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS-CoV) ومتلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة (SARS-CoV).
تشمل الأعراض الشائعة للعدوى الأعراض التنفسية والحمى والسعال وضيق التنفس وصعوبة التنفس. في الحالات الأكثر شدة، يمكن أن تسبب العدوى الالتهاب الرئوي والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة والفشل الكلوي حتى الموت.
وتشمل التوصيات القياسية لمنع انتشار العدوى غسل اليدين بانتظام وتغطية الفم والأنف عند السعال والعطس وطهي اللحوم والبيض جيداً، فضلاً عن تجنّب الاتصال الوثيق مع أي شخص تظهر عليه أعراض أمراض الجهاز التنفسي مثل السعال والعطس.
لم تتضح الصورة الكاملة عن مصدر الفيروس حتى الآن، فيما تُرجّح بعض الدراسات أن تكون الإبل أو الخفافيش هي مصدر الانتقال إلى البشر. وتراوح فترة حضانة الفيروس بين أسبوع وأسبوعين، ويُصبح المريض مصدراً للعدوى ابتداءً من ظهور العوارض، ويمكن استمرار العدوى لفترة أسبوعين بعد زوال العوارض.
كيف تحدث الإصابة؟
وفق وزارة الصحة اللبنانية، ينتقل فيروس «كورونا» الجديد كباقي فيروسات «كورونا» والإنفلونزا، من خلال:
– الانتقال المباشر عبر الرذاذ المتطاير من المريض أثناء العطس أو السعال.
– المخالطة المباشرة للمصابين (بين أفراد الأسرة، والمرضى، والعاملين في الرعاية الصحية).
– الانتقال غير المباشر من خلال ملامسة الأسطح والأدوات الملوثة بالفيروس، ومن ثم لمس الفم أو الأنف أو العين.
– الاحتكاك المباشر مع الحيوانات في البلدان الموبوءة.
– استهلاك الأطعمة النيئة في البلدان الموبوءة.