قفز رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعدد من الكتل بعيدا فوق صرخات حناجر ثوار 17 تشرين، وخطواتهم التصعيدية، فكان أن التأم المجلس النيابي ليقر موازنة العام 2020، في ظل غياب الحكومة الحديثة الولادة، التي حضر رئيسها حسان دياب. وإذا كان أحد لا يشك في أن بين سطور هذه الخطوة محاولة للايحاء بأن ما بعد تشكيل الحكومة ليس كما قبله من حيث انتظام الحياة الدستورية في المؤسسات، بدليل إقدام المجلس على محاولة إقرار موازنة جديدة، برغم المعارضة الشعبية والسياسية المتعددة الأسباب.
غير أن أوساطا ديبلوماسية لا تقارب الأمور على هذا النحو، وتلفت عبر “المركزية” إلى أن “صحيح أن إقرار الموازنة يأتي في وقت يشدد المجتمع الدولي على ضرورة أن تبادر السلطات اللبنانية إلى وضع قطار الاصلاحات على سكة التنفيذ الجدي، بعد أكثر من عام ونصف العام على انعقاد مؤتمر “سيدر”. غير أن هذه الخطوة اليتيمة لا تشفي الغليل الدولي، فيما تراقب الدول المانحة المسار السياسي والاقتصادي للبلاد عن كثب، على وقع الثورة الشعبية، التي لم تتأخر هذه الدول في مدها بجرعات الدعم.
وتنبه المصادر في هذا الاطار إلى أن المواقف الغربية والعربية من ولادة حكومة الرئيس دياب لم تكن بالزخم المعهود، بل بدت فاترة. ذلك أن الدول المانحة تنتظر البيان الوزاري الذي سينال على أساسه الفريق الحكومي الوليد ثقة مجلس النواب، مشددة على أن المساعدات الدولية الموعودة لبيروت منوطة بجملة من الخطوات الأساسية، على رأسها التعهد بتنفيذ الاصلاحات، خصوصا في قطاع الكهرباء، إضافة إلى الالتزام بسياسة النأي بالنفس قولا وفعلا، إضافة إلى القرارات الدولية المتعلقة بلبنان، لا سيما الـ 1701 والـ1559.
وتكشف المصادر أن إذا خلا البيان الوزاري المنتظر من هذه التوجهات، فإن لبنان لن ينال المساعدات الدولية. ذلك أن الدول الكبرى تنتظر من لبنان إعطاء الاشارات السياسية إلى استقلالية قراره السيادي، بعيدا من محور الممانعة والمقاومة وحزب الله، وأنها لا تعمل إلا وفقا لأجندة لبنانية صرفة.
وفي الانتظار، يبدو الرئيس دياب متيقنا من حجم التحدي الماثل أمام حكومته، خصوصا في ما يخص العلاقات الدولية في هذا الظرف الدقيق. وفي السياق، وفي وقت كانت معلومات تحدثت في الأيام الماضية عن أن أبواب دول الخليج مقفلة أمام الرئيس دياب، تكشف أوساط وزارية مطلعة لـ “المركزية” أن رئيس الحكومة يستعد لجولة خليجية (على ما أعلن بنفسه من على منبر قصر بعبدا بعيد تأليف حكومته) قد تقوده إلى السعودية وسلطنة عمان، مرجحة أن تبادر الامارات العربية المتحدة إلى الدعوة إلى مؤتمر تستضيفه دبي لمجموعة الدعم الدولية للبحث في سبل تنفيذ مقررات “سيدر” بعد الاطلاع على برنامج الحكومة وخطتها الانقاذية.