كتبت آمال خليل في “الاخبار”:
تقدمت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بإخبار إلى النيابة العامة المالية حول إهدار حوالى مليوني دولار من الأموال العامة نتيجة أذونات منحتها الدولة نفسها. فعلى مدى سنوات، أمعنت مقالع وكسارات رخصت لها وزارة البيئة، في جرف الجبال وتشويه الطبيعة في البقاع الغربي، خصوصاً في حرم مشروع ري الجنوب (المعروف بمشروع القناة 800) الذي استملكت الدولة أراضيه منذ سنوات. والنتيجة، بحسب إخبار المصلحة، «هدر الأموال العامة بقيمة توازي مليونين و200 ألف دولار أميركي عبر الكلفة الإضافية الناجمة عن تحويل مسار القناة وإعادة الاستملاك والتأخير في تسلم المشروع واستخراج مواد من الأراضي المستملكة». وفنّد الإخبار تكاليف المشروع الذي انطلق عام 2002 بعقد بين مجلس الإنماء والإعمار والصندوقين العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في إطار قروض تسددها الدولة من المال العام! فقد بلغت قيمة القرض لعقد الخدمات الاستشارية الهندسية الكاملة والإشراف على تنفيذ مشروع القناة 800 – المرحلة الأولى، المبرم عام 2002، نحو 20 مليون دينار كويتي من الصندوق الكويتي. وهناك عقد آخر من الصندوق العربي قيمته 31 مليون دينار، وقرض ثالث من الصندوق الكويتي قيمته 21 مليون دينار، ورابع من الصندوق العربي قيمته 32 مليون دينار كويتي. وعليه، فإن قيمة القروض عند بداية المشروع بلغت 342 مليون دولار أميركي، من دون احتساب كلفة الاستشاري والمبالغ المدفوعة من خارج قيمة القرض والخدمات الهندسية وأعمال الإشراف على التنفيذ خارج المهلة التعاقدية الأساسية.
تقع العقارات التي يتم استثمارها كمقالع على طول خط القناة 800 في منطقة قليا العقارية. منها ما هو متاخم للمنشآت، ومنها ما حوّل مسار القناة وكبّد الدولة مبالغ طائلة ناتجة عن تأخير في التنفيذ وما ينتج عنها من دفع بدلات أجور ومصروفات للاستشاري وللمتعهد وتغيير في الخرائط والكميات للمشروع، إضافة إلى استملاكات جديدة لعقارات كانت قد استملكت من قبل مجلس الإنماء والإعمار، ثم أعيد استملاك عقارات أخرى لتأمين مسار جديد للقناة. ورغم صدور مرسوم الاستملاك عام 2006، إلا أن بعض من استملكت أراضيهم في قليا، لا يزالون يستثمرونها كمقالع بموافقة وزارتي البيئة والداخلية والبلديات، الأمر الذي «هدّد سلامة القناة، ويشوّه مشروع الري»، كما جاء في الإخبار.
واستعرضت المصلحة نماذج عديدة من المقالع والكسارات التي لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن القناة 800. وسجلت في محيط الأشغال حصول «انهيارات صخرية وتآكل للأتربة، ما يشكل خطراً داهماً على السلامة العامة نتيجة احتمال انهيار الطريق من جهة، وعلى قناة مشروع ري 800 مع احتمال تصدّع دعائم القناة نتيجة الانهيارات المحتملة، وخاصة في الشتاء مع تساقط الأمطار، من جهة أخرى». وطالبت المصلحة النيابة العامة المالية بالتحقيق في جرائم الحفر في الأراضي المستملكة والتعدي على الأملاك العامة والتسبب في هدر الأموال العامة وتغيير المسار الذي تمّ تنفيذه للقناة، وبالتالي تكبد كلفة استشارية وتنفيذية إضافية، إضافة الى كلفة تعديل مرسوم الاستملاك وبيانات الوقوعات وثمن المواد المستخرجة التي تبلغ ملايين الأمتار المكعبة من الصخر والبحص. كما طالبت باتخاذ الإجراءات الفورية لمصادرة الستوكات التي لا تزال في الموقع، وختم المنشآت بالشمع الأحمر وحجز الآليات.