IMLebanon

شروط الدعم الخارجي سياسية بقدر الإصلاحية

كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:

 

يترافق الحديث الذي يتردد على ألسنة جهات محلية وأخرى أجنبية حيال ما يمكن توقعه من الحكومة اللبنانية الجديدة بالقول “لننتظر ونرَ”، مع ترقب شديد للتطورات الإقليمية وانعكاسها على لبنان، لا سيما في ظل مزيد من تعقيدات حروبها الداخلية، والمداخلات الدولية فيها، فضلاً عن تفاعلات صفقة القرن.

وإذا كان بعض القوى المحلية يدعو لإعطاء الحكومة فرصة لمعرفة ما تنويه من خطوات ومعالجات للأزمة الاقتصادية والمالية، قبل الحكم عليها، فإن الأمر نفسه ينطبق على الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية المفترض أن تساعد لبنان، والتي أبدى معظمها استعداده لمساندته على تفادي الانهيار الاقتصادي.

إلا أن اتخاذ الخارج خطوات تحول دون تعميق المأزق اللبناني مبني على الموقف السياسي، وليس فقط على اشتراط الخارج إشارات إصلاحية، باتت معروفة الوجهة بدءاً من تلزيم شفاف لبناء معامل الكهرباء عبر تعيين مجلس إدارة شركة الكهرباء والهيئة الناظمة للقطاع (على أن يتبعه بسرعة تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات)، وضع خطة واضحة لخفض كلفة القطاع العام، واعتماد صيغة عملية واضحة لسياسة النأي بالنفس. والعنوان الأخير يتصل بالشرط السياسي الأكثر حراجة، بتحييد لبنان عن صراعات المنطقة، وعن تصاعد المواجهة الأميركية الإيرانية التي أوحى خطاب “حزب الله” أنه منغمس فيها بعد اغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني.

لا يحتمل لبنان المناورات في التعاطي مع شروط تلقي الدعم الخارجي وتسليم جميع المعنيين، بأن تفادي الانهيار الكامل لأوضاعه المالية لا يمكن أن يحصل بإمكانياته الذاتية. ولا يمكن للخطوات التي سينص عليها البيان الوزاري أن تبقى غامضة وعامة كما في السابق، بعدما صدرت بيانات وتصريحات من المراجع الدولية المعنية تطلب خطوات “ملموسة وعملية”. الدول والهيئات الدولية المعنية بالمساعدة (والتي تتأثر بالدول الكبرى) “تنتظر لترى” تنفيذاً للوعود وليس إطلاقها في بيان الحكومة كإعلان نيات اختبرتها ولم “تلمس” تطبيقها الواقعي.

سبق تأليف الحكومة الحالية أن امتنع عدد من الذين استُمزجوا في إمكان توزيرهم من أصحاب الاختصاص، من المستقلين الذين يتولون مناصب أكاديمية أو مهنية عالية، أن اعتذروا عن المهمة. بعضهم حجته أنه غيرمقتنع بأن الجهات النافذة في الحكم ستسهل عمل حكومة الاختصاصيين. وبعضهم ممن له علاقات خارجية جس نبض سفراء وديبلوماسيين أصدقاء، لمعرفة مدى استعداد دولهم لتقديم مساعدات مالية عاجلة من أجل إعانة البلد على النهوض، فجاءهم الجواب إما سلبياً نظراً إلى الاعتقاد بأن “حزب الله” سيهيمن على الحكومة جراء الطريقة التي تشكلت فيها، وبالتالي هي ستنحاز إلى محور “الممانعة”، أو جاءت ردة الفعل مترددة غير واثقة من تحييد لبنان أو متشائمة من استجابة الطاقم الحاكم لمطالب الانتفاضة الشعبية التي يولونها أهمية.

يراهن بعض أركان الحكم على أن يقدم بعض الدول العربية مساعدات مالية عاجلة، سواء من أجل تأمين السيولة في مرحلة انتقالية، أو من أجل ضمان عدم انقطاع مواد أساسية للحاجات المعيشية، قبل أن يتم تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من أجل كسب ثقة المجتمع الدولي، كي يقدم على توظيفات على المدى الأبعد. إلا أن هذه المراهنة تصطدم بالقرار الدولي وخصوصاً الأميركي، الذي سبق أن حال دون هذه المساعدات العاجلة، لأسباب سياسية تتعلق بإحكام حصار العقوبات على “حزب الله”، وكي لا يستفيد من أي مساعدات لفتح ثغرة فيه. وبعض وزراء الحكومة الجديدة ذوي الصلة بواشنطن سبق أن جس نبضها أخيراً، بلا نتيجة…

يراهن بعض أهل الحكم على الاستعاضة عن الإجازة الدولية (السياسية) للإعانة العاجلة، بإجراءات تقوم بها المصارف اللبنانية، كأن تتخلى عن فوائد أموال جنتها جراء دين الدولة لمصلحتها، على أمل هذا الفريق بتوفير 10 مليارات دولار على مدى 5 سنوات. ودون هذه الخطوة امتناع المصارف التي تعاني نقص السيولة.