Site icon IMLebanon

الحريري – جعجع: عجز «الموازنة السياسية» يتفاقم!

كتب عماد مرمل في الجمهورية:

مهما حاول تيار «المستقبل» تجميل أو ترقيع الموقف الذي اتخذه في جلسة الموازنة، فإنه لن يكون سهلاً إخفاء حجم المفارقات الغريبة التي انطوى عليها هذا الموقف الذي توزّع بين «رٍجلٍ في البور وأخرى في الفلاحة».

لم يكن مفهوماً كيف تمكّن الرئيس سعد الحريري من التوفيق بين كون جلسة الموازنة غير دستورية كما «أفتى» النائب سمير الجسر الذي انسحب منها، وبين حضور كتلة «المستقبل» لها وحرصها على تأمين نصابها القانوني.

 

ولم يكن مفهوماً كيف استطاع الحريري المواءمة بين كون الموازنة هي من صنع حكومته السابقة وبين عدم تصويت كتلته الى جانبها، بل الأغرب انّ نواب «المستقبل» تَحدّوا رئيس الحكومة الجديدة حسان دياب بأن يتبنّى الموازنة التي لا ناقة له فيها ولا جمل، فلمّا فعل، تبرّأوا هم منها.

 

بَدا واضحاً انّ «المستقبل» ظهر خلال «الجلسة الهوليوودية» بمظهر صاحب السلوك المضطرب والمربك، ولعلّ مكمن الخلل الابرز في مقاربته هو انه حاول ان يربح كل شيء فخسر كل شيء. أراد أن يُرضي رئيس مجلس النواب نبيه بري ويُحرج دياب و«يمرّك» على «القوات اللبنانية» المتغيّبة، وأراد ان يحضر الجلسة ويقاطع دستوريتها، وان يُساير الموازنة ويسير في عكسها، فكانت النتيجة في نهاية المطاف كناية عن خطاب هجين، قوامه «من كل واد سياسي ودستوري… عصا».

 

ومع ذلك، اعتمد الحريري الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع عن خياره المركب في الجلسة، حيث أكد عبر «تويتر» انّ كتلة «المستقبل» لن تكون أداة للمقاطعة وتعطيل المؤسسات، مشدداً على أنه لن يحيد عن مدرسة رفيق الحريري «مهما تكاثرت من حولنا أبواق المزايدين».

 

صحيح أنّ الحريري تجنّب تسمية من كان يقصد بهذا الرد، لكن من غير الصعب الإستنتاج أنّ «القوات» هي على الأرجح الجهة أو إحدى الجهات المعنية به، وفق تفسير بعض القريبين من معراب.

 

ولم يكن ينقص سوى التباين بين «المستقبل» و«القوات» حول مقاربة جلسة الموازنة لتكريس افتراقهما الذي كان قد اتّسَع مع رفض رئيس «القوات» سمير جعجع تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، الأمر الذي دفع رئيس «المستقبل» الى العزوف عن مواصلة السباق الى السراي الحكومي.

 

وعلم انّ أي تواصل لم يحصل بين «بيت الوسط» ومعراب لمحاولة الوصول الى تفاهم مشترك على طريقة التعامل مع الجلسة النيابية، وسط تَململ داخل «القوات» من نهج الحريري الذي «يتجاهلها ولا ينسّق معها ثم يلومها أو يعتب عليها اذا تصرّفت على نحو يتعارض مع حساباته»، كما تعتبر أوساط مسيحية قريبة من جعجع، مشيرة الى انّ «القوات» لا تستطيع توقيت خياراتها وقراراتها على ساعة الحريري وأجندته السياسية، «وهو اذا كان مقتنعاً، على سبيل المثال، بضرورة تغطية قرار بري بعقد جلسة الموازنة، فإنّ معراب لا تُشاركه في هذا الرأي، لأنها مقتنعة بأنّ الاولوية يجب أن تعطى لجلسة الثقة قبل أي أمرٍ آخر، وبأنه لا يمكن لحكومة جديدة ان تتبنّى موازنة وضعتها حكومة سابقة».

 

وتلفت الاوساط المسيحية الداعمة لسياسات معراب الى انّ الحريري «يجب ان يتقبّل حق كل طرف وحريته في اتخاذ القرار المناسب عند غياب التنسيق المسبق، على نحو ما حصل بالنسبة الى جلسة الموازنة، وقبلها استحقاقات أخرى».

 

وتلاحظ الاوساط المواكبة للتقلبات في علاقة الحريري – جعجع انّ رئيس «المستقبل» يفترض انّ «القوات» ينبغي أن تبقى الى جانبه أو أن تأتي خلفه في مواقفها، وإذا حصل أن سَبقته الى أخذ المبادرة، كما جرى حين استقال وزراؤها من الحكومة السابقة قبل ان يستقيل هو أو عندما قررت عدم تسميته لرئاسة الحكومة خلافاً لِما كان يتوقعه، فإنه يشعر بنوع من التحسّس والريبة حيالها».

 

وفي المحصّلة النهائية، صار من الواضح انّ نسبة العجز في «موازنة التفاهم» بين الحريري وجعجع تتفاقم.