Site icon IMLebanon

حرب نفسية تشنّها السلطة على الثورة

كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:

 

غافلت القوى الأمنية المتظاهرين، وحاولت إلغاء آخر مظاهر الاحتجاج الثابتة في بيروت، في محاولة لإعادة الساحتين إلى حركتهما الطبيعية، تمهيداً لإعادة الأمور كما كانت قبل 17 تشرين. فعملت عناصر قوى الأمن على إزالة العوائق الحديدية قرب فندق “لوغراي” لإعادة السير إلى طبيعته. الخطوة التي رفضها المتظاهرون واعتبروها مؤشراً إلى إصرار السلطة على قمعهم وإنهاء تحركاتهم، فأعادوا إغلاق الطريق بفاصل إسمنتي، كما عاد بعضهم إلى الخيم خوفاً من إزالتها. وفيما تبدو الحكومة وكأنها تجسُّ نبض المتظاهرين، يحاول بعض المجموعات تدارك الإرباك الذي وقعوا فيه قبيل جسلة مجلس النواب الإثنين الفائت، والتحضير لمنع انعقاد جلسة التصويت على منح الثقة للحكومة.

ويروي أحد المعتصمين لـ”نداء الوطن” أن ثلاث آليات لقوى الأمن وصلت ظهر أمس إلى الساحة وعملت على إزالة العوائق الحديدية قرب فندق “لو غراي” فبدأت السيارات بالمرور. ووفق الشاهد فقد التفت بعض الشبان لما تقوم به القوى الأمنية فأبلغتهم نيتها إزالة الخيم أيضاً. فما كان من هؤلاء سوى أن استنجدوا ببقية المواطنين وطالبوا دعمهم لمنع فتح الطريق وإزالة الخيم. وأعاد المحتجون إغلاق الطريق ونقل عوائق حديدية من نقاط أخرى إلى النقطة التي أزيلت منها. والتحق المئات من المواطنين المتواجدين في الساحة لتأكيد إصرارهم على إقفالها، كما أضاف الثوارعائقاً إسمنتياً على الطريق. وفي الساحة تحدث المتظاهرون عن رفضهم القمع الذي يتعرضون له. وفتح بعضهم نقاشات إقتصادية رافضاً تصرف الحكومة، وكأن الأزمة قد عولجت ومطالب الثوار قد تحققت. ومساءً ارتفعت في الساحة الأغاني الثورية. فيما جالت مسيرة في أحياء منطقة فرن الشباك لتقول للحكومة #لا_ثقة.

في حديث إلى “نداء الوطن” يلفت ماهر أبو شقرا، من مجموعة “لحقي”، إلى حرب نفسية تقوم بها السلطة ضد المعارضين، ويرى في نشر الجيش بوجه المتظاهرين جزءاً من هذه الحرب، ” ففي نشر الجيش محاولة لابتزاز الثوار، للجيش مكانة في نفوس الناس ويميل المتظاهرون في بيروت خاصة إلى عدم مواجهته”. ولا يخفي أبو شقرا توقعاته بأن يواجه المواطنون مزيداً من القمع والاعتقالات، كما ويرجح أن تسعى السلطة لتظهر أن الصوت المعارض يشوّش على عمل الحكومة، “سيتمّ التّصويب على الثوار وستمرّ الثورة في مخاض، فزمام المبادرة اليوم بيد السلطة وهي تحاول أن تفرض في اللاوعي الجمعي للناس أن الثورة انتهت وأن مرحلة العمل بدأت، وتدمير الساحات جزء من هذا”. ويرى الناشط في محاولة فتح ساحة الشهداء اختباراً وعلى الثورة أن تواجهه بالتمسك بالساحات والتأكيد على الاستمرارية وحماية المكتسبات بانتظار الظروف الموضوعية لتنتج ما يشبه 17 تشرين وربما أكثر.

ويرى أبو شقرا في تراجع زخم الشارع أمراً طبيعياً، “ففي لحظات كهذه ينكفئ جزء كبير من الناس لمتابعة حياتهم، واليوم هناك رغبة لدى قسم كبير من الناس بإعطاء الحكومة فرصة. فالناس التي شكلت لحظة 17 تشرين تحركت من دون أجندة سياسية تغييرية، وبدوافع بحت اقتصادية اجتماعية”.

من جهتها تقول الناشطة السياسية دارين دندشلي أن المجموعات المعارضة تجاوزت الإرباك الذي فرضه إنزال الجيش بمواجهة المتظاهرين عند عقد جلسة التصويت على الموازنة، وتؤكد أن المجموعات تتحضّر لمنع عقد جلسة التصويت على منح الحكومة الثقة. وتلفت دندشلي إلى أن لا أحد يمكنه توجيه الشارع، “أحياناً ننشر الدعوات فتسبقنا الناس وأحياناً لا يتم التجاوب بشكل كبير. أول من أمس نزل متظاهرون لا علاقة لهم بالمجموعات وتسبب التحرك بهلع لدى النواب فقرر بري التصويت بسرعة على الموازنة”.

وترى دندشلي أن السلطة حاولت عبر فتح الطريق أمس الإيحاء بأن الأمور انتهت في الشارع، خصوصاً وأنها ترافقت مع موقف بكركي. وتدرك الناشطة جيداً أنه “لا يمكن الرهان على الشارع فقط، بل يجب انتقال الثورة لمكان آخر وتصعيد في الموقف السياسي، وهو ما يحتاج نقاشاً طويلاً. ففي الشارع تعب وانتشرت بروباغاندا واضحة تقول أعطوا الحكومة فرصة”.