IMLebanon

بغياب أنفاق الدولة… الطبيعة تعوّض عكّار بالتنمية!

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

لم ينعم سهل عكار وقراه وبلداته ومعه كل محافظة عكار بأيّ نفق “باطوني” يخفف من زحمة السير التي أصبحت تتكرر يوميًا عند كل نقطة ومفترق لا سيما عند مفترق “برقايل – الجرد” و”ببنين – العبدة” ومداخل حلبا، وحيث أصبحت زحمة السير هناك مشكلة المشاكل. فمحافظة عكار التي يسكنها أكثر من 600 ألف نسمة وفيها نحو 216 قرية وبلدة، مكتوبٌ عليها الحرمان والنسيان.

ولم تلحظ الحكومات المتعاقبة لهذه المحافظة أي نفق أو أوتوستراد، باستثناء ما هو على الورق عند مفترق برقايل في برج العرب منذ عقود كمشاريع في الأدراج أو منها ما هو طرقات (مهرب سير) كطريق قبيل مدخل ببنين يخفف الزحمة عن هذه النقطة وهو أيضًا ما زال في الأدراج بانتظار التنفيذ. أما الأوتوستراد العربي المقرّر لعكار منذ سنوات والذي صار معرض العديد من البيانات لنواب المنطقة في السنوات الأخيرة وكلها تبشّر بتأمين التمويل والبدء بالتنفيذ، فكلها ما زالت ضمن بيانات لا تتعدى الحبر الذي كتبت فيه. أما هذا الأوتوستراد فمن شأنه أن يصل عكار بطرابلس ومنها ببيروت، محاولًا تخفيف زحمة وضغط السير بين عكار والمنية وطرابلس وضمن عكار نفسها، لأنه أوتوستراد دولي بمواصفات ومعايير عالمية.

وبالحديث عن موضوع الأنفاق والجسور، وبما أن الدولة قد نسيت عكار من هذه المشاريع التنموية، فإنّ الخالق بعطائه لم ينسَ هذه المنطقة. فالطبيعة وهبت عكار نفقين من الشجر هما آية في الجمال والروعة والمنظر. فلا تستطيع الكلمات مهما بلغت فصاحة ودقة الوصف، والتعبير عن جمال المنظر وحسن الطلّة والشعور الروحاني الذي يعتريك وأنت تمر داخل نفقٍ من نفقي الأشجار في قريتي “الحيصا” و “تل أندي”، عندما تكون مظللاً بمئات الأشجار العملاقة من الكينا والسرو والكزبرينا الشامخة والمعمّرة، التي ترافق زوار هذه المناطق بأبهى حلّة من الجمال والإبداع الرباني.

فنفق السهل بـ “تل أندي” يمتد بطول كيلومتر تقريباً، وتقول روايات الأهالي وسكان تلك المنطقة، أن من زرع شجر الكينا في حينها هو المرحوم السيد وجيه هوشر، في ستينات القرن الماضي “من أجل حماية بساتين الليمون والحمضيات التي تشتهر مناطق سهل عكار بزراعتها، من الرياح العاتية التي تضرب المنطقة شتاءً”. تحوّلت هذه الاشجار مع مرور الوقت والسنين إلى ما يشبه النفق الطبيعي مع التصاق الأشجار ببعضها من جهتي الطريق. حيث يشعر الوافدون إلى لبنان من الحدود السورية أو المتجهون من لبنان إلى سوريا عبر ممر العبودية، بجمال هذا النفق الطبيعي. وتتوقف سيارات عدة عند جانبيّ الطريق من أجل التقاط الصور التذكارية تحت ظلال الأشجار، وأكثر من مرة توقفت مسيرات (العرسان) على هذا الطريق من أجل التقاط الصور والفيديو في أجمل منظر طبيعي في عكار. وللأهالي والسكان هنا تمنيات بأن “تعمد الدولة إلى الإهتمام بهذه الأشجار المميزة بجمالها فتعمل على رشّها بالمبيدات والإهتمام بها والإستفادة منها بشكل يدعم السياحة والإصطياف في المنطقة”، اذ تغيب البلديات أو الإتحادات في المنطقة عن دورها في رعاية تلك الأشجار، وحيث أن لا بلدية في تلك المنطقة أيضًا ترعى شؤونها.

أما نفق السهل على الطريق بين “بلانة الحيصا” و “حلبا”، فيقول سكان المنطقة عن هذا النفق، “أن زراعته كانت في الأصل من أجل حماية أشجار الليمون والحمضيات من العواصف والبرد وكل الأضرار التي تحيط بها وأن عمر هذه الأشجار يزيد عن الخمسين عاماً وشكّلت بالتقائها مع بعضها البعض من جانبيّ الطريق منظراً طبيعياً رائعاً ومميزاً، دفع بالكثيرين إلى زيارة القرية لرؤية هذه المشاهد الطبيعية الخلابة والمشي تحتها والتقاط الصور والفيديوهات التذكارية خلال زيارتهم إلى هذا النفق الطبيعي المميز”.

ومن الجدير ذكره بأنّ عكّار “فيها الكثير من الموارد الطبيعية والبشرية والحياتية، من آيات الجمال والعطاء كالبحر والجبل والأراضي والبساتين”، ومقومات اقتصادية أخرى والتي تحتاج إلى استثمار الدولة أو إلى تفعيلها بالمشاريع والخدمات، لتعود على الشباب والشابات وأهالي المنطقة، بفرص العمل والإنتعاش السياحي والإقتصادي للمنطقة، التي يعاني أهلها من بطالة مستشرية وفقرٍ مدقع.