تفرد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في خرق الصمت العربي والدولي إزاء تشكيل الحكومة الجديدة، حيث أرسل قبل يومين برقية تهنئة إلى الرئيس حسان دياب. غير أن هذه الخطوة، على أهمية الرسائل الإيجابية التي تحملها بين طياتها، لا تعفي الفريق الوزاري الوليد من أثقال المهمة المنوطة به في هذا التوقيت السياسي المتأزم، والوضع الاقتصادي الدقيق، من حيث ضرورة إطلاق ورشة العمل الإصلاحية في أقرب الآجال لانتشال البلاد من الانهيار.
وفيما بدا في الأيام الماضية أن دياب متيقن دقة المرحلة، بدليل الكلام الذي نسبته وسائل الإعلام إلى أوساطه في الأيام الأخيرة عن أن الأولوية للملفات ذات الطابع الاقتصادي، مشددًا على أن الأمور ليست بالسوداوية التي يتم الترويج لها، وأنه لا يريد أن يعرقل تبني الموازنة الجديدة (التي حضر وحيدًا جلسة إقرارها)، تؤكد أوساط ديبلوماسية غربية لـ “المركزية” أن “هذه الإشارات الإيجابية التي يجهد دياب لإرسالها في اتجاه المجتمع الدولي، لا تكفي وحدها لتبصر المساعدات الدولية الموعودة النور”.
وفي السياق، تلفت الأوساط إلى أن الخارج، لاسيما منه عواصم القرار، لا تزال تتريث في تحديد موقفها من الحكومة، وهو ما عبر عنه بوضوح وزير الخارجة الفرنسي جان-إيف لودريان في دردشة مع عدد من الصحافيين اللبنانيين في باريس. ذلك أنه رفض التعليق على تركيبة التوليفة الجديدة، مشيرًا إلى أننا “سنتحدث عن الحكومة عندما نعرف نياته وتوجهاته”، ومشددًا على “ضرورة أن تبادر الحكومة إلى تنفيذ الاصلاحات واتخاذ الإجراءات التي من شأنها أن تبقي لبنان على قيد الحياة”.
انطلاقًا من هذا المشهد، تؤكد الأوساط الديبلوماسية، الموقف الدولي المعروف لجهة أن المجتمع الدولي لا يزال ينتظر البيان الوزاري المرتقب لاتخاذ موقف واضح من الحكومة الجديدة، على أن يتضمن النص التزامًا واضحًا من الحكومة في تنفيذ الإصلاحات، على اعتبار أنها يجب أن تكون العمود الفقري لمسيرة الدعم والمساعدة الدولية للبنان.
وفيما تبدو اللجنة المكلفة صياغة البيان الوزاري غارقة في النقاشات ذات الطابع الاقتصادي، فإن الأوساط لا تخفي أن الخارج يعلق أهمية قصوى على ما سيرسمه البيان المنتظر من سياسة خارجية، علما أن الدول المانحة اشترطت الالتزام بتطبيق إعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس عن صراعات المحاور الإقليمية، علما أن بعض الدول، لاسيما العربية منها، كان يقرأ بين سطور بعض مواقف الفريق الدائر في فلك العهد تماهيًا مع سياسة الممانعة و”حزب الله”، فيما المطلوب أن يختار لبنان واحدًا من تموضعين لا ثالث لهما: إما أن يكون في محور الممانعة والمقاومة إلى حين انتهاء جولة الكباش والمفاوضات على خط إيران-الولايات المتحدة، وإما أن يماشي الخيار الغربي لإنقاذ الاقتصاد الغريق.